لماذا وإلى أين ؟

العالمُ السُفلي.. “سفيرُ الحشيش” و سياحة القنَّب الهندي

“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.

من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروف للعامة وبعضها خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب وأيضا إسبانيا.

حلقة اليوم من العالم السفلي، تدور حول رحلة نشوة غريبة عبر جبال الريف حيث يتم إنتاج وتصدير معظم الحشيش في العالم. ويتم تدخين أكثر من 40.000 طن سنويًا التي تغادر كل عام من سلسلة جبال الريف إلى جميع أنحاء أوروبا. هنا يقوم أسياد “الشكولاتة السوداء” بأعمال جيدة مع أوروبا، سواء تعلقت بتهريب المخدرات داخل المغرب، وأو داخله مع السياح الأجانب. لا يوجد شيء جديد لم يقال في حلقاتنا السابق عن العالم السفلي لتجارة وتهريب الحشيش، لذلك سنبدأ هذه القصة بالحديث عن شاب ينظم رحلات استكشافية في شمال المغرب، لكل من أراد أن يتعلم ويتذوق العالم السفلي والسريالي للقنب الموجود في شمال المغرب.

إليكم القصة :

اسم الشاب هو “ديفيد” يقطن بالعاصمة الإسبانية مدريد، وهو الإسم الذي اختاره لنفسه مع أنه ينحدر من المغرب، وعلى الرغم من أنه يبلغ من العمر 30 عامًا تقريبًا، إلا أنه يقول دائمًا إن لديه وجه طفل. قبل بضع سنوات، وبفضل رحلته التي استمرت ستة أشهر عبر منطقة كتامة، معبد الحشيش العالمي، وقع في حب الحشيش وقرر أنه “عندما يكبر” سيحصل على نباتاته الخاصة وأنه سيكرس نفسه لكونه سفير الحشيش في مدريد. وهكذا سارت الأمور. بالإضافة إلى ذلك، يكسب ديفيد أيضًا بضعة يوروهات من تجارة جديدة، وأقل مجازفة، من خلال تنظيم رحلات سياحية من العاصمة الإسبانية من وقت لآخر، بعد مرور زبنائه عبر “مكتبه”، حيث يقدم بارًا مفتوحًا من الفطائر و الماريجوانا. تبلغ تكلفة البرنامج الكامل ما بين 35 إلى 50 يورو للشخص الواحد، السعر الذي تحدده وفقًا لحجم جيبك.

قبل أسابيع، في عيد الفصح أو “سيمانة سانتا” كما يسميها الإسبان، يستأنف ديفيد دوره كمرشد على طريق الحشيش في المغرب. خلال الأسبوع الأول من شهر أبريل، يقدم عرضًا لزبنائه: استبدال براعم الحشيش بألعاب و ملابس دافئة جديدة إلى حد ما. يبدو الأمر غريبا، مثل إحدى قصص الأعياد النموذجية. لكن الحقيقة هي أن هذا الرجل من مدريد كان يفعل ذلك منذ عدة سنوات، في البداية كان يتبرع بكل شيء لمنظمة غير حكومية. لكن في العامين الماضيين، ما يفعله هو الإجتماع مع مجموعة من الأصدقاء و ينزلون في سيارة محملة بالألعاب والملابس إلى الجزيرة الخضراء. هناك يستقلون العبارة إلى طنجة، ومن هناك يشدون الرحال وينتهي بهم المطاف في مدينة شفشاون، المحطة الأولى قبل دخول جبال الريف.

ولمدة أسبوع، يصبح ديفيد ورفاقه بابا نويل ويمشون دون تمويه في قرى كتامة و يوزعون الألعاب والملابس على أطفال العائلات التي تعيش من زراعة القنب. لأن الحشيش يعيل في شمال المغرب، حوالي 90.000 عائلة (حوالي 800.000 شخص). ويمتلك ديفيد خريطة مدروسة جيدًا للطريق ومعارف في القرى للبقاء ليلاً في بعض المنازل حيث يُعدون الحشيش.

لرؤية عملية تحضير الحشيش برمتها، ينصح “سفير الحشيش بمدريد” زبائنه أن يقوموا بجولة في الصيف، عندما تكون نباتات الحشيش طويلة والمناظر الطبيعية رائعة. كما يعد ديفيد زبائنه بنوع آخر من الرحلات. “الآن نقوم برحلة مجنونة للغاية. نحن نعيش مع العائلات ونمضي اليوم كله في شرب الشاي ، والتدخين الجيد والمشي. الشيء السيئ الوحيد هو أنه في هذا الوقت من السنة يكون الجو باردًا جدًا وعند النوم يكون البرد قارسا”.

ومع أن فصل الصيف لازال يبعد بأشهر، فقد أعد ديفيد بالفعل الرحلة لهذه السنة، على الرغم من أنه لم يكشف عن موعدها. ويقول :”في هذه المواعيد، نجد دائمًا سائحين أوروبيين يذهبون مع مرشدين مغاربة عبر الجبال وهم ينفثون دخان سجائر الحشيش الملفوفة طوال الوقت”.

سياحة الحشيش أمر رائج في شفشاون على سبيل المثال، من الرائج أن نرى زوجين هولنديين يتفاوضان مع رجل على زيارة القرى الجبلية المجاورة للتعرف على كل ما يحرك ثقافة الحشيش. “المرشد” في البداية، يطلب 500 درهم، لكن فن المساومة يؤدي وظيفته و ثمن إرشاده قد ينخفض.

معظم هذه الأنواع من السياح، وخاصة أولئك الذين يزورون المكان لأول مرة، لا يبتعدون عن شفشاون. وعادة ما يزورون منتزه تلاسمطان الوطني ويقضون الليل في فندق “L’Ermitage”، للسير في الصباح عبر حقول الحشيش. على الرغم من عدم وجود نباتات كبيرة في هذا الوقت، والخطة المعتادة هي أن تحبس نفسك في غرفة مطلة على الجبال والاستمتاع بالمناظر الطبيعية.

لكن ما يعرضه ديفيد هو تجربة مغايرة للعيش في قرى الريف مثل كتامة. كما إن هناك مناطق أخرى في المغرب حيث أصبح من المألوف إنشاء طرق للأجانب للتعرف على ثقافة الحشيش. مثل حالة منكقة بني كرفط، وهي بلدة بإقليم العرائش، على بعد أكثر من 100 كيلومتر شرق شفشاون. “يأتي الكثير من الإسبان إلى هنا من أجل الحشيش. إنهم يحبون المكان كثيرًا لدرجة أن البعض قد اشترى منزلاً في البلدة”، يشرح عصام، ابن المنطقة. يعطينا عصام جولة في الجبال المحيطة حيث يزرع القنب وحيث يعيش بعض الإسبان حسب قوله في الصيف.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x