لماذا وإلى أين ؟

أخنوش ضحيّــةُ تيَّـــار الشَّــعبويَّة الفيسبوكيَّـــة

هو تيارٌ جـــارف، يتضخم يوما بعد يوم، تقوده “بروفيلات” جلها لأشخاص فارغين نظريا. هو تيار يهاجم بعنف كل من خالف هواه، ومن لا يتناسب و رغباته، ومن لا يسير والموجة التي يسبح معها (التيار) والتي تتبدل حسب الأحوال والأهواء.

لا يفرق بين النقد والحقد، إذ في الكثير من المرات نجــده يُهاجم بحقدٍ دفين، مُعتقدا أنه يُمارس نقداً عميقاً. لا حدود له بين الخصوصية الشخصية وانتقاد المسؤولية العمومية، فتراه ينهشُ في الأعراض، ويوزع الإتهامات، وينبش في خُصوصيات الأفراد والعائلات، ظـــنًّا منه أنه يُمارس حقا، مجنيا عليه، في انتقاد المسؤوليات.

في آخــر غَزوات تيَّــار الشعبوية الفيسبوكية، كان رئيسُ الحكومة المغربية، عزيز أخنوش هو الضحية، ليس بصفته شخصيةً عموميةً ولا لكونه ارتكب خطأً ما خلال ممارسته للمسؤولية، ولكن، لأنه، ظهر وهو يؤدي الصلاة في الصفوف الأمامية، إلى جانب الملك محمد السادس خلال إحياء ليلة القدر المباركة، وهو (أخنوش) في وضعية غير طبيعية.

في بلدان يعتبرها الكثير من منتسبي تيار الشعبوية الفيسبوكية نموذجا للديمقراطية، أول سؤال يطرح في حالة مشابهة لما ظهر عليه رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، هو: ما سبب ظهور رئيس الحكومة بذاك الوضع غير الطبيعي؟ هل يُعاني من عارضٍ صحيٍّ أصابــه مؤخرا أمْ من مرضٍ مُزمن يرافقه منذ فترة ولم يُعرف لدى العــامة من قبل؟

في حالةِ مسْــؤولٍ ببلدٍ يحترمُ مُواطنُها الحُــدودَ بين احترام الخُصوصية الشخصيَّة ومُراقبة المسؤولية العمومية، وفي بلدان أصبح فيها الفيسبوك وشعبويته من أزمنة عابرة، كُنّــا سنرى تقاريرَ صحفيةً حول الوضعية الصحية لرئيــس الحُــكومة، وبماذا نصحه الأطباء إن كان يعاني مرضا ما؟ وربما كُنّــا سنرى بلاغا لمكتب رئيس الحُــكومة حول وضعه الصحي، وما هذا الأمر بغريب عن المملكة المغربية، حيت أطلعنا الديوان الملكي في كثير من المناسبات، بالتفاصيل، عن الوضع الصحي لرئيس البلاد الملك محمد السادس.

في الكثير من بيوت الله، وفي عدد من أماكن الصلاة، تجد أُناساً يصلون جالسين على كرسي أو جالسين في الأرض أو يركعون ويسجدون بطرق مختلفة عما هو معمول به، وهناك من يصلي ممددا على الفراش، لكن، لم نصادف يوما أن أحدا تنمر عليهم أو سخر منهم، بل، يحضون بالتعاطف والثناء، لكونهم يؤدون واجباتهم الدينية متحملين ظروفهم الصحية . لكن، في المملكة المغربية، وفي ليلة تعتبر خيراً من ألف شهر لدى عامة الرعــية، شنَّ تيار الشعبوية الفيسبوكية هُجوما شرسا، و بلا رحمةٍ و لا شفقة، ضد شخصِ عزيــز أخنوش كإنسان و كمواطن و ليس كمسؤول، فقط لأنه ظهر بمظهر لم يعتادوا رؤيته عليه، فقط لأن هذا المشهد تزامن والإحتقان الشعبي الناتج عن موجة ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية، وكأن عدم أدائه للصلاة بشكل صحيح هو من رفع الأسعار.

فئة كبيرة من تيار الشعبوية الفيسبوكية، ذهبت إلى أن أخنوش ظهر بالوضع الذي ظهر عليه، لكونه لم يعتد أداء الصلاة، كأهم شعيرة دينية، بل منهم من أخرجه من الملة الإسلامية، وكأنهم شقوا على صدره، وعلموا ما يعتقده ويعتنقه، ناسين أو متناسين أنه مسؤول عمومي، يربطه مع المغاربة تعاقد برنامجي على أساس القاعدة الدستورية: المحاسبة التي تتبع المسؤولية، وليس بطريكا أو قِسًّا أو داعيـــة.

وحتى إذا افترضنا، على سبيل المبالغة، أن أخنوش لا يُتقن كيفية أداء الصلاة أو لا يؤديها أصلا إلا إذا فرضها عليه البروتوكول، هل نسي مُتديِّـــنو تيار الشعبوية الفيسبوكية أن من فرض الصلاة من فوق سبع سموات قال: ” وَ لَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ “.

تنبيه: تيار الشعبوية الفيسبوكية، هو الخطر الداهم الذي يهدد الحريات الشخصية، والخصوصية، بل يهدد التعددية، لكونه يريد الكل كقطيع ينساق وراء ما يعتقد هذا التيار أنه حقيقة كونية، وسلاحه لإخضاع الكل هو ما يدعيه زعماء هذا التيار من امتلاك لـ”السلطة المجتمعية الإفتراضية”، وما أخنوش إلا ضحيةٌ أخرى من بين العشرات من ضحايا الشَّــعبوية الفيسبوكيَّــة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

2.4 8 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
عمر
المعلق(ة)
18 أبريل 2023 22:27

يجب داءما حسن الظن بالاخرين وعدم التسرع في الاحكام.عوض ان نتعاطف مع الشخص ‘نجد اابعظ يشمت في اخيه المسلم.الناس اسرار وعورات .اتفق معه اولا اتفق معه ‘هو شخص احترمه بغض النظر عن صفته .كلنا عورات ونقاءص .اللهم ارحم ضعفنا واستر نا يا ارحم الراحمين.

عبدالله
المعلق(ة)
18 أبريل 2023 17:04

قال له شحال القوس ا صاحب القوس ردعليه ستشتريه بلا فلوس. قبح الله المتنمرين الشامتين في الناس والدنيا والصحة لم تعط العهدلاحد .نسال الله حسن الخاتمة.

Ali
المعلق(ة)
19 أبريل 2023 00:49

القافلة تسير

احمد كيكيش
المعلق(ة)
18 أبريل 2023 13:32

المقال في محله
الإنسانية ليس لها حدود جغرافية او طبقية،وعدم احترام خصوصية الأفراد يعتبر انزلاق شعبوي خطير و
هو اصلا سلوكا لامدنيا ولاحضريا.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x