لماذا وإلى أين ؟

العالمُ السُفلي.. “نقابات” بارونات تهْريب الحشيش بين المـــغرب وإســـبانيا

“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.

من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروفة للعامة وبعضها الآخر خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب وأيضا إسبانيا.

إليكم القصة :

أنطونيو روميرو الملقب “إل طوماطي”، يعد أحد تجار المخدرات المعروفين اللذين ينشطون بين شمال المغرب ومقاطعة قادس بإسبانيا، حيث قد تم اعتقاله مرات عديدة لدرجة أن عملاء مكافحة المخدرات في الحرس المدني الإسباني لا يعرفون لقبه فحسب، بل حتى تقشفه الذي يقترب من البخل. لقد كان أحد البارونات الذين اعتقلهم الحرس المدني السنة الماضية في عملية تحت الاسم الحركي “باري”، رفقة 46 شخصًا آخر، وجميعهم أعضاء في نفس المنظمة التي تنشط في التهريب الدولي للمخدرات بين المغرب وإسبانيا.

“إل طوماطي” ليس جديدًا على هذا العالم فقد تم توقيفه قبل المداهمة المذكورة عدة مرات، لكن أطلق سراحه بكفالة في كل مرة، وعاد إلى طرقه القديمة في كل مرة.

قصته هي قصة العديد من مهربي المخدرات الآخرين، ودليل على أن مشكلة تهريب المخدرات بين شمال المغرب وسواحل مقاطعة قادس بعيدة كل البعد عن الحل.

خطة “كارتيا” التي نفذها الادعاء العام وقوات الأمن الإسباني بتنسيق مع نظيرتها في المغرب، والتي امتدت إلى ما بعد حدود قادس في السنوات القليلة الماضية، قللت من تأثير تهريب المخدرات وأضعفت هياكلها الإجرامية، لكنها لم تتمكن من إنهاءه.

فقبل كل شيء، مع تفكيك عشائر تهريب المخدرات الذي للعديد من زعمائها أصول وارتباطات مغربية تسهل عملهم، ظهرت مجموعات أخرى وأخذت مكانها. وعلاوة على ذلك، وسعت مجال عملها، حيث تم رصد زيادة ملحوظة في عمليات تهريب المخدرات إلى مقاطعات مجاورة لقادس، كهويلفا وملقة. والشيء الإيجابي على الأقل، هو أن انعدام الأمن الذي كان موجودًا منذ سنوات في المثلث الذي شكلته الجزيرة الخضراء، لا لينيا دي لا كونسيبسيون ، وسان روك يبدو أنه قد خفت حدته.

وكانت استجابة تجار المخدرات للضغط المتزايد للشرطة بمثابة تحول أدى بهم إلى تغيير طريقة عملهم وتركيز أعمالهم، فضلاً عن إقامة تحالفات مع بعضهم البعض، كتحالف عبد الله الحاج المنضري (ميسي) وعسيرة “لوس كاستانياس”. بهذه الطريقة أصبح بعض كبار البارونات “مورّدين حقيقيين” للحشيش من المغرب، وركزوا نشاطهم على نقل الحشيش إلى الساحل الأندلسي نيابة عن منظمات أخرى، التي تقوم بتوزيعه لاحقًا على مقاطعات أخرى.

وقد يصل الحد إلى الحديث عن “كونسورتيوم” للإشارة إلى “الصيغ النقابية” الجديدة التي ظهرت بين مهربي المخدرات كصيغة للتكيف مع ضغط قوات الأمن في الضفتين المغربية والإسبانية. وبعقلية تجارية واضحة، فإن تحالفات المخدرات هذه تذهب إلى أبعد من ذلك لتقتني وتصنع بشكل مشترك القوارب الضخمة التي يتم فيها نقل الحزم من الشواطئ المغربية، “الناركولانشا” الشهيرة التي تصنع وتخزن في أحواض السفن المنتشرة في أماكن سرية في جميع أنحاء مقاطعات قادس، مناطق غير مأهولة بالسكان على حدود نهر “Guadalquivir” و “Málaga” في منطقة “Axarquía”، بل أيضًا في غرناطة.

وقد سجلت تغييرات أكثر تكيفًا في عالم تهريب المخدرات. حيث أن هذه المنظمات الإجرامية قامت بتغيير أسلوب عملها. أي أنهم يزيدون شحنات الحشيش التي يتم تهريبها، فيما قللوا المخاطر من خلال استخدام أكثر من قارب، بعضها شرك مصالح البحرية، حيث أنه يبحر دون أي شحنة، كمناورة لتضليل المصالح الأمنية.

وتتم عمليات التحميل والتفريغ بشكل شبه يومي، فيما يتم دائما البحث عن العصابات التي قد ترغب في اقتناء شحنة من الحشيش في شكل أشبه بقسم مبيعات في كل تنظيم، أي في حالة إحباط العملية وعدم تمكن العصابة التي تم عقد الصفقة معها في البداية من القدوم لتسلم الشحنة، يتم تفريغها في مخابئ في جميع أنحاء الساحل الأندلسي وتباع لعصابة أخرى لاحقا. علاوة على ذلك، يمكن للجيل الجديد من القوارب التي تحمل الحشيش من السواحل المغربية أن تقضي أيامًا كاملة في المياه الدولية في انتظار أفضل الظروف للتنقل إلى السواحل الإسبانية وإفراغ الشحنة، كما أن القوارب السريعة الأصغر حجما قد تتكلف بنقل البضائع إلى الساحل.

كما أن التغيير في استراتيجيات تنظيمات تهريب المخدرات يشمل أيضًا التكنولوجيا، التي قاموا بتكريسها في عملياتهم. من أبرز الأمثلة استخدام “Encrochat”، وهي منصة توفر نظام اتصال مشفر ومجهول الهوية عبر الهواتف المحمولة المشفرة وتطبيق الرسائل. وبفضل عملية للأنتربول، تمكن المحققون من التسلل إلى النظام وفك تشفير اتصالاته، مما سمح بحدوث عمليات نوعية مثل القبض على “إل بانتوخا” ومؤخرا على الأخوين “تيخون” من عشيرة “لوس كاستانياس” وغيرهم من الأسماء الكبيرة في تهريب العالم السفلي لتهريب المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x