لماذا وإلى أين ؟

رئيسةُ الجمعية المغربية للتبرُّع بالأعضاء تكشفُ آثار موت “زهور” على التبرع بالأعضاء بالمغرب  

دخلت الجمعية المغربية للتبرع بالأعضاء على خط ما خلفه مشهد من سلسة “كاينة ظروف” من الجدل، خاصة بعدما صُدم المشاهدون من وفاة شخصية “زهور” أخت “ادريس” نتيجة مضاعفات ألمت بها بعد التبرع بإحدى كليتيها لأخيها إدريس الذي كان يعاني من القصور الكلوي وكان على حافة الموت، وهو ما خلف حالة من الخوف لدى المواطنين من عملية التبرع وأثار سجالا لدى الأوساط المهنية والمنظمات المهتمة بالتبرع بالأعضاء.

مشهد يضرب في التبرع

وقالت البروفيسور أمال بورقية، الأخصائية  في أمراض و زراعة الكلي و رئيسة الجمعية المغربية للتبرع بالأعضاء، إنه  “إذا أردنا الحديث بصفة مجردة، فإن مشهد موت متبرع لا يضرب فقط موضوع التبرع، بل هي تضرب في الكثير من الأشياء، لأن الناس يحبون أن يعيشوا بشكل جيد وأن يروا أثر صدقتهم من خلال التبرع وأن يكونوا هم أيضا بصحة جيدة، وهو عكس ما ظهر في المشهد”.

وأوضحت بورقية، في تصريح لـ”آشكاين”، أنه “عندما نشجع نموذجا جيدا فهذا يكون مثالا للجميع، ليس فقط في هذا المسلسل، بل في أي شيء في الحياة الاجتماعية”، موردة أن “ما أدى لتسبب هذا المشهد في عزوف الناس على التبرع بالأعضاء، وأن الناس أصبحوا يتحدثون عن هذا الموضوع بصفة سلبية، لكون موضوع التبرع و زراعة الأعضاء يلزمنا عضو، وهذا العضو يأتينا من الأشخاص المتبرعين، والذين نشجعهم و نشتغل على تشجيعهم، علما أن أول عملية أجريت سنة 1986، ونحن نعمل لنزيد من عمليات التبرع”.

وأضافت أنه “في الوقت الذي أصبحت جمعية التبرع بالأعضاء كبيرة تعمل على زرع ثقافة التبرع والإحسان وإنقاذ البشر، تأتي التلفزة المغربية وتبث موضوعا كان يمكن أن لا يكون لديه أهمية لو أن المواطنين لم يخافوا وبدأوا يتساءلون”.

وشددت الأخصائية نفسها على أن “أي شيء يعطي إشارات سلبية فهو غير مقبول بالنسبة لهم، فكان حريا بالقائمين على العمل أن يأخذوا إحصائيات  ويسألوا المختصين ويعرفوا كل شيء وتأثيره بالنسبة للمجتمع والمختصين”.

وأردفت أنه “لو كان موضوعا آخر لن يهمنا بشكل كبير، ولكن موضوع التبرع يجب أن يستوعبه الناس ويتقبلوه، لأنه موضوع شائك وصعب في علاقة الإنسان مع حياته وجسده وكيف يتبرع بعضو حيوي ويجري عملية ويقوم بتحاليل ليست سهلة، ما يعني انه يلزمه إيمان قوي وأنه يريد التبرع”.

ما نشر في المشهد مخالف للواقع

وأكدت بورقية على أن “ما نشر في المشهد المذكور مخالف للواقع، اذ أن المتبرع لم يعد يواجه مشاكل صحية بعد تبرعه، إذ أنه في حال استعمال تقنيات حديثة مثل الروبوت يمكنه مغادرة المستشفى في نفس اليوم، ولم يعد يتخوف الأطقم من الموت، بل يتخوفون من أشياء صغيرة مثل البروتينات أو غيرها والتي قد تظهر بعد 10 سنوات، أو هل سيكون لديه ضغط دموي، أو هل ستبق كليته تشتغل بشكل دائم، لأنه يجب أن نتأكد أنه بصحة جيدة مع التدقيق، وبأن كليته في صحة جيدة”.

وتأسفت المتحدثة نفسها “لكون هذا المشهد يؤثر على التشجيع الذي نقوم به في مجال التبرع بالأعضاء، باعتبارنا مسؤولين على التشجيع في هذا المجال وإعطاء المعلومة الصحيحة وتفهم المتبرعين بالأعضاء”.

وخلصت رئيسة الجمعية المغربية للتبرع بالدم إلى انهم “يطالبون في الجمعية بإعطاء قيمة لهؤلاء المتبرعين بالأعضاء لأنهم يقدمون خدمة للمجتمع، وفي ظل هذا يأتي هؤلاء الأشخاص المسؤولون عن عمل معين ويعطون نظرة سلبية، لكن لدينا  ثقة في أن تكون هذه فرصة للمغاربة بأن يتثقفوا وأن يعرفوا المعلومة الصحيحة كي نسير جميعا في تشجيع التبرع وتطوير زراعة الأعضاء”.

سبب الجدل

فبالقدر الذي أثارت السلسة عواطف المغاربة ولامست الكثير من قيم “تامغرابيت” التي باتت مفقودة في الكثير من الأحيان، بالقدر الذي صب فيه المتابعون والأخصائيون جام غضبهم على كاتبة السناريو، بشرى ملك، والتي “قتلت” في كتابتها للسيناريو شخصية “زهور” التي جسدت دورها الممثلة رباب كويد، والتي تبرعت بإحدى كليتها لأخيها إدريس، الذي جسد دوره الممثل كمال حيمود.

وسبب هذا الجدل، هو كون مسلسل “كاينة ظروف، لمخرجها إدريس الروخ، التي تحظى بمتابعة واسعة، قد تطرقت لموضوع التبرع بالأعضاء وأعطت صورة مضيئة عن روح التضامن وما قد يترتب عنه من إنقاذ أرواح الناس من خلال التبرع بالأعضاء، وهو ما يتماشى مع الجهود التي تبذلها المنظمات المدنية المهتمة من أجل تشجيع ثقافة التبرع بالأعضاء بالمغرب، إلا أن مشهد الوفاة أفزع متابعي السلسلة وزرع فيهم نوعا من الخوف من عملية التبرع وما قد ينتج عنها.

ورغم ما ذهبت إليه تصريحات الممثلين والسيناريست، بكون الغرض من المشهد هو التحسيس بمخاطر الإهمال الذي تسببت فيه “زهور” لنفسها، بعد إحساسها بارتفاع حرارة جسمها وأعراض جانبية وامتنعت عن زيارة الطبيب رغم إلحاح أخيها، إلى أن تضاعفت حالتها وتوفيت، إلا أن المتابعين والمختصين لم يقتنعوا بذلك.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x