لماذا وإلى أين ؟

العالمُ السُفلي.. نافــذةٌ على المناطق الرئيسية لتهريب الحشيش في المــغرب

“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.

من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروفة للعامة وبعضها الآخر خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب وأيضا إسبانيا.

بين الفنيدق و واد المرصى وميناء طنجة الجديد؛ بين تطوان وعزلة شاطئ واد لاو؛ وجنان النيش، والجبهة قرب تطوان؛ ومواقع ساحلية قريبة من العرائش .. تشير المصادر التي استشارها “آشكاين” إلى هذه النقاط كمناطق رئيسية في شمال المغرب تنطلق منها قوارب تهريب المخدرات المحملة بالحشيش إلى إسبانيا. كل ساحل له رئيسه الخاص والشبكات التي تعمل به بحصانة مطلقة. لا أحد يزعجهم، والسلطات لا تتحرك إلا إذا كانت هناك شكاية. خلاف ذلك، يتم الحفاظ على الوضع الراهن.

إليكم القصة :

الوصول إلى “واد المرصى”، ليس بالأمر السهل. إنها مجموعة من المنازل على سفح تل ينتهي بشاطئ صغير منعزل يمكن الوصول إليه عبر طريق رديء “بيستا”، في قسمه الأخير منحدر حاد. في منتصف الطريق بين الطريق الرئيسي وتلك النقطة توجد ساحة صغيرة، حيث يتم تحميل الحشيش على القوارب، عادة عند الفجر، تعبر عدة سيارات في ذلك المكان لمنع أي مركبة أجنبية من الوصول إليه. كل شخص في المنطقة يعرف ذلك، بما في ذلك السلطات، لكن يُسمح بذلك حفاظا على السلم الإجتماعي.

بعض أفضل المنازل في “واد المرصى”، وهي منطقة ذات جمال طبيعي رائع، تعمل كمستودعات لكميات هائلة من الحشيش. تدعى “المشاتل”، وتتميز بجدرانها العالية والجراجات الكبيرة بالقرب منها، على بعد أمتار قليلة من الشاطئ. بالنسبة لأبناء المنطقة هي معروفة وأين يوجد الحشيش أيضا.

الليالي التي يتم فيها تحميل القوارب السريعة، تفتح أبواب تلك المنازل وتتم العملية في وقت قصير جدًا. أولاً، تأخذ الجرارات الحشيش إلى الشاطئ، ومن تلك اللحظة يأتي دور الحمالين. لا يمكنك رؤية الشاطئ من الطريق، لذا فإن حرية التصرف مضمونة. بعد فترة وجيزة، تنطلق القوارب إلى الساحل الأندلسي، وخاصة قادس، حيث تنتظرهم تنظيمات أخرى حتى لتفريغ الحمولة، أيضًا في غضون دقائق قليلة. وتدور عجلة الأعمال التي تقدر بملايين الأوروهات.

عدم الثقة

بالطبع ، في “واد المرصى”، يتم استقبال الغريب بالريبة. إنه بالطبع ليس مكانًا للسياح خاصة الغرباء عن المنطقة وأثناء زيارتها يكون الانطباع الدائم هو أن هناك من يراقبك. يعيش الكثير من ساكنة المنطقة من تجارة الحشيش، وأي شخص يمكنه كسر السلام الذي يتمتعون به لا يقابل بتعاطف كبير.

تختلف أسعار الحشيش حسب المنطقة والطلب وجودة المنتوج. تتراوح عادة ما بين 300 و 700 يورو للكيلوغرام، ويمكن تحميل ما يصل إلى ثلاثة أطنان على كل قارب. الفائدة عالية جدًا في إسبانيا، وبالطبع في المغرب أيضًا. وبالطبع هناك تحالفات بين المهربين من البلدين لرفع الأرباح. علاوة على ذلك، فإن معظمهم إما لديهم إقامة أو جنسية إسبانية.

في المغرب ، تُستثمر أموال المخدرات بشكل رئيسي في طنجة والفنيدق وتطوان والنواحي، في المطاعم والمقاهي وبالطبع في قطاع العقارات أيضًا. وفقًا للشهادات التي جمعتها “آشكاين”، لا تطرح البنوك الكثير من الأسئلة حول مصدر الأموال. كما أن عمليات مكافحة الاتجار بالمخدرات بشكل عام، وغسيل الأموال بشكل خاص، نادرة مقارنة مع حجم التجارة.

في عدة قضايا لتهريب المخدرات تمت الإطاحة بدركيين وعناصر أمن وجنود أيضا متورطين مع شبكات تهريب المخدرات، الكلمة الأساسية في نجاح تجارة الحشيش هي “الفساد”. في الصيف يروي أحد مصادرنا، تلقى أحد معارفه مقطع فيديو مفاجئ يظهر أحد مهربي المخدرات المعروفين في هذه المنطقة، مع عشرات أوامر التفتيش والقبض السارية ضده، كان يتحدث بهدوء مع بعض رجال الدرك على الطريق. عند رؤيته، قرر إرساله على الفور إلى قائد بسرية للدرك يعرفه (تم حجب الاسم والمنصب المحدد لأسباب أمنية)، والذي وثق في صدقه ونزاهته. ورد الفعل يفسر جيدًا ما يحدث: لقد أخذ القائد مجموعة من العناصر يثق بهم وقام هو بنفسه باعتقال هذا الشخص. في سيارته ذات الدفع الرباعي الفارهة، تمت مصادرة 7 هواتف محمولة و 15 بطاقة “SIM” مستعملة وخمسة أخرى جديدة، وألف يورو و 5000 درهم نقدًا. بالطبع، يمكن للجميع أن يحزروا لمن كانت تلك المبالغ موجهة لكن من الصعب إثبات ذلك.

ودائمًا وفقًا للشهادات التي تم جمعها، فهناك تجار مخدرات تقضي المصالح الأمنية عشر سنوات في البحث والقبض عليهم، وفي ذلك الوقت يكونون قد قاموا بالحج والتوبة واعتزال الميدان، ليصبحوا أناس محترمين، ويتمتعون بمكانة اجتماعية لأنهم يوفرون العمل ويوفرون الأموال. والبعض لديهم اتصالات مع أعضاء أحزاب وسياسيين نافذين كما أثبتت ذلك عدة قضايا سابقة. كما أن جزءاً من المجتمع يقدّر البارونات أكثر من الطبيب أو المعلم.

بالطبع، ليس كل أفراد الشرطة أو الدرك فاسدون، وفي الواقع بين أعضاء الأجهزة الأمنية مهنيون رائعون يعملون على وضع حد لعصابات المخدرات بتضحيات كبيرة ومخاطر شخصية. وفي المقابل رواتب هزيلة، وعراقيل بيروقراطية تفسح الطريق لتخليهم عن متابعة الكثير من الخيوط التي قد تفضي لتفكيك شبكات نشطة عديدة. لا الحكومة ولا العديد من السياسيين متواطئون في هذا النشاط غير القانوني، لكن وفقًا للمصادر التي تم التشاور معها، فقد أطلقت الجريمة المنظمة العنان لإمكاناتها الكاملة وألحقت الضرر بالعديد من قطاعات المجتمع المغربي على رأسها العقار، ففي مدينة طنجة مثلا تجد أكثر من 60 بالمائة من الشقق ببعض المناطق مقفلة تجمع الغبار ولا أحد يقول من مالكها لكن الجميع يعلم من مالكها، الأمر الذي يرفع ثمن العقارات لنسب خيالية.

مرآة في اسبانيا

إن مرآة هذا الوضع في إسبانيا هي كامبو دي جبل طارق وكوستا ديل سول، ففي المنطقة الأولى تم نشر خطة خاصة لمكافحة تهريب الحشيش، وفي الثانية، أظهرت عمليات تصفية الحسابات، التي تم تكثيفها العامين الأخيرين تظهر النشاط المكثف لكارتيلات تهريب المخدرات.

وراء الجرائم هناك عادة صراع بين عشائر وعصابات متناحرة، وسرقة لمخابئ المخدرات بين الشبكات المختلفة أو ديون شحنات من المخدرات أو شخص يحاول الانشقاق عن شبكة معينة أو يحتفظ بجزء من البضائع. ليست تجارة الحشيش هي التي تؤثر على السلامة العامة لساحل ملقة لكن الخلافات والحروب التي تنشب بين بارونات التهريب هي التي تسبب قلقًا اجتماعيًا.

منتجو الحشيش الكبار الموجودون في شمال المغرب وفي كوستا ديل سول ولا لينيا ديل كونسيبسيون كونوا تحالفات شبيهة “بنقابات”. فالشبكات البريطانية والفرنسية والإيطالية والهولندية ترسل مبعوثين يطلبون البضائع، لتقوم المافيا المغربية بتوظيف “نقالة” من البحارة، وحمالين، و “أغوادوريس” (أولئك الذين يراقبون الساحل للتنبيه نن وجود الشرطة)، وهؤلاء مجموعات مستقلة، “عمال” يتقاضون أجرا مقابل الخدمة. بينما يرسل المشترون نقالين وحمالين خاصين بهم لاستلام الشحنات.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x