لماذا وإلى أين ؟

عبد الفتاح يـعُــدُّ أسبابَ الاحتفال الباهت لـ ”البوليساريو” بذكرى تأسيسها

مر نصف قرن على تأسيس مليشيات البوليساريو، حيث احتفلت الجبهة الانفصالية، طيلة الأسبوع الجاري بذكرى تأسيسها قبل 50 سنة من الآن، وكان ذلك نقطة بداية تشكل كيان انفصالي معادي للوحدة الترابية للمغرب، بدعم من الجارة الجزائر.

ووقعت أحداث كثيرة طيلة الفترة التي أعقبت استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية من إسبانيا سنة 1975، بفضل المسيرة الخضراء التي نظمها الراحل الملك الحسن الثاني، كان أبرزها الانتصارات الدبلوماسية غير المسبوقة التي حققها المغرب، خلال السنين الأخيرة، فيما يتعلق بالنزاع، والتي تمثلت بشكل أساسي باعتراف دول عظمى بمغربية الصحراء.

في هذا الصدد يرى محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن احتفالات ”البوليساريو” بالذكرى الخمسين، تبدو هذه المرة ”باهتة وفاترة قياسا لما دأبت عليها من بروباغندا ودعاية سياسوية ومن الترويج لخطاب ذي طابع انفصالي وراديكالي في كل الذكريات التي تعكف عليها”.

وأوضح عبد الفتاح، ضمن تصريح لجريدة ”آشكاين”، أن سبب فتور احتفالات ”البوليساريو” بذكرى التأسيس، يعود إلى مسلسل ”الانتكاسات والهزائم التي منيت بها الجبهة الانفصالية مؤخرا في ظل تراكم  المكاسب التي حققها على المستويات الميدانية والسياسية والدبلوماسية ”، مبرزا أنها تأتي أيضا في ظل ”الأزمات التي تعصف بالجبهة الإنفصالية مؤخرا والتفكك والترهل التنظيمي وضعف التعبئة السياسية والتأطير وأزمة الزعامة التي تعيش على وقعها القيادات الانفصالية التي شاخت في مناصبها، حيث دأبت على تدوير المواقع فيما بينها منذ 50 سنة خلت”.

في سياق متصل، أكد ذات الخبير في ملف الصحراء، أن قيادات الجبهة الانفصالية ”ديناصورية عاجزة عن مواكبة تحديات القرن 21، لا تزال وفية لخطاب سياسي متجاوز يعود لحقبة الحرب الباردة، وبقيت وفية لنفس الوجوه دون تشبيبها، رغم الخلافات التي تعصف بها ورغم الاصطدامات التي تنشب في مؤتمراتها لا سيما مؤتمرها الأخير، حول الصناديق السوداء الخاصة بتمويل أنشطة البوليساريو…”.

وقال محمد سالم عبد الفتاح إن ملف الصحراء شهد مجموعة من التطورات، ”صبت في صالح المغرب وكرست المواقف الدولية الداعمة لمغربية الصحراء والمؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي، الصادرة عن قوى دولية وازنة من حجم الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا و ألمانيا وعديد القوى الدولية الأخرى، وتكريس الإجماع العربي الداعم للمغرب وأيضا الموقف الأوروبي المتقدم بخصوص النزاع”، وكذلك المقاربة الأممية التي باتت تتسم بـ ”الواقعية والعقلانية وتعترف بواقع السيادة المغربية وتنوه بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي وتصفها بالجدية وذات المصداقية وبذات الأولوية”، مشيرا في هذا السياق إلى أن ذلك كلها تطورات ”تكرس حسم المغرب لمعركة الإعتراف الدولي لصالح واقع سيادته على أقاليمه الجنوبية”.

في المقابل، يرى محمد سالم عبد الفتاح، أن الـ 50 سنة التي مضت من عمر النزاع ”في صالح المغرب”، لأنه كرس، بحسبه، ”سيادته على أرض الواقع، وراهن على التنمية وبالنهوض بواقع الانسان الصحراوي وعلى المشاريع التنموية التي دشنها في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وأضاف أن أقاليم الصحراء  ”باتت ورشا تنمويا مفتوحا اقتصاديا واستثماريا، طوال خمسة عقود من عمر الصراع”، مشيرا في هذا الصدد إلى  ”مشاريع كبيرة توجت بالنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي دشنه الملك محمد السادس، والذي شمل مشاريع ضخمة من قبيل محطة المياه والطريق البري السريع تزنيت- الداخلة وميناء الداخلة الأطلسي وغيرها من المشاريع العديدة الأخرى، إلى جانب المكسب الأهم، وفق محمد سالم عبد الفتاح، وهو ”انخراط ساكنة الإقليم في العملية السياسية وإدماجهم في الحياة المدنية رغم واقع البداوة الذي تركه المستعمر الإسباني”.

وشدد على أن الأقاليم الجنوبية للمملكة، ”تحقق اليوم أعلى نسب المشاركة في المحطات الانتخابية، بلغت في انتخابات 2021 الثلثين في مدينة العيون، وقرابة نفس النسبة بمدينة الداخلة وأزيد من 84 في المائة بطرفاية”، موضحا أن ”هذه المشاركة الواسعة تبرز التمثيل الحقيقي لسكان الإقليم والمتجسد في المنتخبين سواء في المجالس المحلية والجهوية وحتى في البرلمان”، تسحب بساط ”التمثيل الشرعي المزعوم تحت أقدام ”البوليساريو” التي طالما ادعته زورا و بهتانا تحت مسمى ”الشعب الصحراوي””.

ولفت المتحدث على أن ”البوليساريو” ومن خلفها الجزائر، باتت ”عامل تهديد للأمن والإستقرار في المنطقةـ حيث تتقاطع أجندات الانفصال مع أجندات الإرهاب والجماعات المسلحة المتطرفة المنتشرة في الساحل، حيث تتحدث تقارير عن تقاطع مصالحها مع ”البوليساريو” وعن اعتمادها على مخازن السلاح والأدوية والأغذية الخاصة بالجبهة الانفصالية، وهو ما أثارته عديد التقارير الدولية، من ضمنها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أكد على تصاعد المخاطر الأمنية في مناطق تواجد ”البوليساريو” وربط بين تلك المخاطر وبين انتشار الجماعات المسلحة في بلدان الساحل”.

في مقابل ذلك، يصدر المغرب، حسب ذات الخبير دائما، ”نموذجه التنموي الراشد ويحقق مناخا من الاستقرار بات استثنائيا في جواره الإقليمي ويستثمر في عمقه الافريقي ويتبوأ مكانة ريادية في القارة السمراء من خلال الكثير من المشاريع الضخمة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x