لماذا وإلى أين ؟

ربورتـــاج.. أين تذهبُ ورود قلـــعة مكــــونة؟

سُئل الراحل الحسن الثاني في مقابلة سنة 1993 مع الصحفية الفرنسية الشهيرة آن سنكيلر، حول وجود معتقل سري رهيب و بداخله معتقلون سياسيون، وكان جوابه ذكيا ”قلعة مكونة يا سيدتي عاصمة الورود !”.

كان الملك الراحل على صواب في شق من جوابه، فهذه المدينة الصغيرة التي تقع في الجنوب الشرقي للمملكة، غير بعيد عن مدينة ورزازات (حوالي 91 كلم) والتابعة للنفوذ الترابي لعمالة تنغير جهة درعة تافيلالت، تشتهر بنوع نادر من أنواع الورود (الورد الدمشقي)، الذي لا يمكن أن تجده سوى في هذه البلدة التي يتكلم معظم سكانها الأمازيغية. لكن لا تزال أطلال المعتقل السري الذي يعود إلى ما بات يعرف بحقبة سنوات الرصاص بالمغرب، تطل من بعيد على الحقول التي تزرع فيها الأشجار التي تُنتج هذه الورود.

في شهر ماي من كل سنة، ينظم مهرجان سنوي يعد الثاني الأقدم بالمغرب بعد مهرجان ”حب الملوك” في صفرو.
يمتد المهرجان لأسبوع، وينظم تزامنا مع موسم قطف الورد بقلعة مكونة الذي يستمر لشهر ونصف أو أكثر، حسب الوفرة التي تحددها الظروف المناخية.
خلال السنوات الأخيرة، وعلى غرار باقي ربوع المملكة، شهدت المنطقة جفافا غير مسبوق، أثر بشكل كبير على منتوج الورد بقلعة مكونة، إلا أن السنة الحالية عرفت وفرة ”لا بأس بها”، حسب إفادات فلاحين محليين لـ ”آشكاين”.

علي؛ 28 سنة، فلاح بمنطقة أيت إيحيا، أحد أكبر دواوير قلعة مكونة، أكد وجود وفرة في الإنتاج هذا العام خلافا للسنوات الماضية، جراء الأمطار التي شهدتها المنطقة على طول السنة الجارية، مما أنعش جيوب الفلاحين بالمنطقة، خصوصا وأن سعره ارتفع إلى ما بين 26 درهما و 30 للكيلوغرام الواحد للورد الأخضر (أي الذي يجنى ويباع في حينه)، أما اليابس فيصل ثمنه إلى أزيد 110 دراهم للكيلوغرام.

أين تذهب ورود قلعة مكونة؟

قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن الورود  تصنع منه مواد التجميل والنظافة التي تحمل ماركات باسم البلدة، والحقيقة أن تلك المنتجات هي مواد كيميائية الصنع لا تحتوي سواء في بعض الحالات على مقدار ضئيل جدا من ماء الورد المقطر، أما الحقيقي فيذهب إلى وجهة خارج المغرب، إذ يوجد على مدخل المدينة معمل فرنسي يعود تاريخه إلى الحقبة الاستعمارية، وبالضبط إلى سنة 1938، حيث يقوم المعمل إلى اليوم بتقطير وتعليب ماء الورد العطري وتصديره إلى بلدان أوروبية، خصوصا إلى فرنسا و النمسا و سويسرا و الولايات المتحدة الأمريكية.

في السنوات الأخيرة انتشرت بشكل عشوائي مجموعة من التعاونيات الفلاحية، التي تزرع وتنتج و تقطر الورد، رافقها ظهور ضيعات فلاحية كبيرة، استنزفت الفرشات المائية الباطنية، مما أثر على المشاهد الطبيعية الخلابة التي تتميز بها المنطقة، حيث تحولت تلك الحقول إلى صحراء شبه قاحلة بعد موت الكثير من الأشجار، أساسا اللوز والصفصاف والتين والجوز والرمان وغيرها.

مهرجان روتيني

فقد مهرجان قلعة مكونة، بريقه، بعد أن تحول إلى مجرد عملية روتينية تتكرر بشكل سنوي، ولا تحمل جديدا يذكر، نفس الطقوس، نفس الوجوه السياسية، ونفس المجموعات الموسيقية الشعبية، بل صار باهتا من ذي قبل، وفق يوسف ابرهون، الناشط المدني بالمنطقة.

وأكد يوسف، ضمن حديثه لجريدة ”آشكاين”، أن المهرجان تحول إلى مجرد مناسبة لتكرار مشاهد سنوية تخلو من أي إبداع، مما أفقده إشعاعه الوطني والدولي الذي كان يميزه.

ونظمت الدورة الـ 58 للمهرجان، خلال السنة الحالية، بين 26 و 29 أبريل، بعد غياب لثلاث سنوات بسبب ”كورونا” ولم يشهد جديدا يذكر، بل إن وزير الفلاحة محمد الصديقي، انتقد خلال حضور افتتاحه، بشكل علني و مباشر، حسب تقارير إعلام محلية، التنظيم ”العشوائي” للمهرجان الذي يصفه منظموه بأنه ”دولي”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Moh
المعلق(ة)
19 مايو 2023 15:28

ليس هناك شيء اسمه الفرشاة المائية. بل هي. فرشة. مائية…اما. الفرشاة فهي لتنظيف. الاسنان. يا ولدي. هههه.الورد كالزعفران يشتريه من يقدر على ثمنه الباهض هنا.ويصدر بابخس الاثمان للمستعمرين

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x