لماذا وإلى أين ؟

الحُسَيْني يعُـــدُّ مكاسب المــغرب من دعم أوكرانيا لمُقترح الحُكم الذاتي (حوار)

انضمت أوكرانيا، أمس الإثنين 22 ماي الجاري، إلى قائمة الدول الداعمة لمخطط الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب سنة 2007، كأساس “جدي وذي مصداقية” من أجل التسوية “الناجحة” لقضية الصحراء.

ويأتي هذا في ظل ما تعيشه أوكرانيا من حرب مع روسيا للحفاظ على وحدتها الترابية، ورغم بقاء المغرب على مسافة واحدة من النزاع الأوكراني الروسي، جنحت أوكرانيا إلى تأييد مقترح الحكم الذاتي، وهو ما يجعل لهذا الموقف الأوكراني العديد من الدلالات.

ولمعرفة السر وراء دعم أوكرانيا لمقترح الحكم الذاتي وأثر ذلك على مسار ملف الصحراء وما سيجنيه المغرب جراء ذلك، تستضيف جريدة “آشكاين” الرقمية في هذا الحوار الموجز الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَيْـني، للإجابة على بعض التساؤلات العالقة.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية..ما السر وراء دعم أوكرانيا للحكم الذاتي؟

أوكرانيا كما نلاحظ اليوم تريد أن تنفتح على العالم بشكل أكبر مما كان عليه الأمر في الماضي، حيث أن رئيس الدولة يقوم بزيارة التجمعات الكبرى، كما وقع مع مجموعة السبع الصناعية الكبرى في العالم، ومع مؤتمر الجامعة العربية المنعقد في جدة.

الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَـيْني،

بينما كلف وزير خارجيته بزيارة الدول المعنية، خاصة في القارة الإفريقية، في إطار العلاقات الثنائية، وأعتقد أن بادرة الابتداء بالمغرب في هذه الزيارات هي مؤشر قوي على ضبط العلاقات، لأن أوكرانيا في نهاية المطاف تتحالف اليوم مع العالم الغربي ضد روسيا ومن بجوارها، وبالتالي فهي تجد أن المغرب يمكن أن يكون طرفا مهما في هذه المعادلة.

بطبيعة الحال، فدعم الحكم الذاتي ليس بمسألة تخترع فيها أوكرانيا العجلة، فهذا موقف متخذ على الصعيد الدولي ومن طرف مجلس الأمن وفي إطار الأمم المتحدة، وهي بذلك ذهبت في اتجاه نوع من الحياد الإيجابي الذي يبقى بعيدا عن التموقع في معسكر ضد الآخر، ولكن في نفس الوقت تدعم ما هو متعارف عليه دوليا، وما هو مقبلو من طرف مجلس الأمن، وهو مفهوم الحكم الذاتي.

وكما أن أوكرانيا تقف في إطار الحياد الإيجابي، فالمغرب كذلك يسير في نفس الاتجاه، فهو يبني العلاقات الثنائية على التعاون المعمق في كل المجالات، ولكنه يصرح بوضوح أنه يبقى في إطار الحياد بخصوص النزاع القائم بين أوكرانيا و روسيا، رغم ان المغرب يعلم ان الطرف الظالم هو روسيا لأنه احتل أراضي الغير بالقوة، ومع ذلك يحاول الحفاظ على هذا الحياد لسببين.

الأول، هو أن يتمكن في الاستمرار في العلاقات مع روسيا وتحييد موقفها داخل مجلس الأمن، بصفتها عضوا يتوفر على حق الفيتو، ثانيا، إمكانية استمرار علاقات تجارية مفضلة معها، ليس فقط في ميدان الفوسفاط والصيد البحري، ولكن حتى في ميدان استيراد الغاز الطبيعي وإمكانية استيراد البترول، ونحن نعلم أن روسيا تبقى طرفا مهما في هذه المعادلة.

لكن، الأكثر من ذلك، فالمغرب يعتبر أنه يمكن بوضع هذا الحياد بشكل واضح ودقيق، أن يلعب دور المساعي الحميدة التي تقوم بها الآن عدة دول، مثل الصين، ودول أخرى لم تدخل مباشرة في المعركة، و روسيا تفضل أن تحظى هذه الأطراف بنوع من الاهتمام من طرف دبلوماسيتها.

المغرب إذن يتبع نفس السياسة التي انتهجت منذ 2015 -2016، عندما قرر المغرب أن لا يضع بيضه في سلة واحدة وأن يتعاون مع الجميع من منطلق المصالح الحيوية المغربية ومن منطلق تحقيق نوع من الاستقرار والتوازن الإقليمي و الشمولي.

طيب..في نظراك، ماذا سيجني المغرب وراء هذا الموقف الأوكراني؟

الدعم الأوكراني على المستوى الإعلامي ستكون له أهمية قصوى، لأن أوكرانيا توجه في قمة الهرم على مستوى الاستقطاب الإعلامي بالنسبة لكل البلدان الغربية بدون استثناء.

وأن تقوم أوكرانيا في هذه الوضعية، وهي تقاتل من أجل الحفاظ على وحدتها الترابية، لتؤيد المغرب في موقفه للحكم الذاتي، فهذا في حد ذاته مكسب مهم للمغرب، ليس فقط على الصعيد الإعلامي، ولكن حتى على صعيد دبلوماسية المؤتمرات الدولية، وعلى صعيد التوجهات الكبرى لوسائل الإعلام الدولية، ما يعني أن المغرب سيحقق بدون شك مكاسب مهمة من هذا التأييد.

 ما أثر ذلك على مسار ملف الصحراء المغربية؟

كلما اعترفت جهة معينة بسلامة المقترح المغربي وجديته وواقعيته ومصداقيته، إلا وحقق ذلك مكسبا مهما على مستوى خارطة الطريق التي يعتمدها المغرب في تسوية النزاع، وكلما وقع تجديد اعترافات، مثلا بسيادة المغرب على الصحراء، وأهمية الحكم الذاتي كمشروع للتسوية، هذا فيه نوع من دبلوماسية المؤتمرات الدولية، ودبلوماسية التنظيم الدولي.

أي كلما ارتفعت الأصوات التي تضع موقفها إلى جانب المغرب، إلا وكان ذلك مكسبا للدبلوماسية المغربية.

أعتقد أن المغرب يلعب اليوم ورقة رابحة في هذا المجال، لأن الحكم الذاتي لقي فعلا ترحيبا كبيرا، ليس فقط من طرف مجلس الأمن، ولكن من طرف كل البلدان، تقريبا، التي كانت في ما مضى تلعب ورقة الحياد فقط.

اليوم عندما يصل هذا الموقف للإجماع، أعتقد أن أوكرانيا الآن لها نوع من السمعة الاستثنائية في المنتديات الليبرالية، وحتى في البلدان النامية، وهذا النوع من السمعة قد تستغل في موافقتها أو قبولها بالحكم الذاتي كتسوية، ليكون شعارا للمرحلة المقبلة، بديلا لما تتقدم بها الجزائر وبعض حلفائها المحدودين، لأن حتى حلفاء الجزائر أصبحوا اليوم محدودين جدا في بلدان مثل جنوب إفريقيا، وبعض البلدان الإفريقية الصغيرة، وبعض  البلدان التي تناصب المغرب العداء، مثل إيران أو(سوريا)، وغيرها.

وبالتالي فكلما زادت أهمية البلدان التي تصوت لصالح المغرب في المنتديات الدولية، إلا واكتسب الحكم الذاتي شرعيته حتى على المستوى القانوني.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Nasser
المعلق(ة)
24 مايو 2023 14:15

Le polisario doit à son tour appuyer une autonomie ukrainienne sous souveraineté russe. Tout simplement.

عبد الكريم
المعلق(ة)
23 مايو 2023 23:28

المهم يجب الا يغير المغرب سياسته الحالية الى حين اتضاح الامو ومن الصعب تغيير موقف المغاربة مما يجري
اوكرانيا تأخرت كثيرا وموقفها الحالي قد يكون انتهازيا

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x