2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بورتــري.. الدكتور “سينارو” مُــداوي جراح طنجة قبـل الأنــوار

“بورتري”،.. سلسلة تطل عليكم من نافذتها صحيفة “آشكاين” كل أسبوع، و تشارككم “بروفايلات” شخصيات طبعت تاريخ المملكة بإنجازاتها وإرثها الثقافي والاجتماعي كل من مجالها، تأخذكم السلسلة في جولة عبر تاريخ المغرب لنتعرف و إياكم على الشخصيات البارزة التي ساهمت في صناعة التاريخ الوطني وساهمت في تطوير إرث المجتمع المغربي.
لازال العديد من أحفاد ساكنة طنجة القديمة، طنجة القرن الماضي، حين لم تكن هناك بعد، طرق معبدة ولا مرافق صحية، ولا شيء من مواصفات المدينة، عدا الشرط أو الشرطة، يحكون عن أيام الدكتور ”سينارو” بنوع من العزاء، وهو يداوي بكل تفان جراحات المرضى و آهاتهم، بغض النظر عن دينهم ولونهم وانتمائهم.
الطبيب سيفيرو سينارو، إسباني الجنسية لكن شاهد قبره في حدائق المندوبية، لازال دليلا على حبه وإنجازاته بمدينة طنجة المغربية، حيث أسس أول مكتب صحي في المدينة الشمالية، ويعتبر أول رئيس لمجلس المدينة، وهو من وضع حجر الأساس للأرصفة فيها في منتصف القرن التاسع عشر.
يقع القبر والنصب التذكاري للدكتور “سينارو” في حدائق مبنى “المندوبية” التاريخي في قلب مدينة طنجة، عند مدخل المدينة العتيقة، حيث توجد آثار مهمة وتاريخية شاهدة على حقبة ازدهار في المدينة.
تحت هذا النصب يوجد قبر الطبيب الشهير سيفيرو سينارو، الذي استقر في طنجة عام 1884 وعاش هناك حتى وفاته عام 1898. هذا الرجل المنسي أنقذ طنجة مرتين من وباء الكوليرا في عامي 1885 و 1895، ولدى وصوله إلى طنجة، لاحظ الإهمال والأوساخ وقلة الإضاءة في الأزقة آنذاك، فالتحق بمجموعة من المتحمسين لتأسيس مجلس الصحة والنظافة عام 1885، حيث أضيئت الأزقة وتم تنظيفها وتم حفر مجاري الصرف الصحي، مما أسس للبنية التحتية لمدينة طنجة.
وكان الدكتور سينارو، الذي درس الطب والجراحة في سرقسطة، أول من وضع مواد مضادة للبكتيريا ومبيدات الجراثيم في الآبار الممتدة بمدينة طنجة، قبل أن يعين مديرا لأول مستشفى بالمدينة سنة 1888، حيث أشرف على تدريب العديد من الأطباء الإسبان والمغاربة.
وإضافة لذلك، كان سينارو الذي ترأس آنذاك أول مجلس لمدينة طنجة، من افتتح أول شارع حجري خارج أسوار المدينة والذي حمل اسمه عندها، قبل أن يتم تغييره لشارع ابن الآبار. كما سيطر سينارو على السفن التي رست في ميناء طنجة حيث قام بفحص البحارة حتى لا ينقلوا الأمراض المعدية لأهالي المدينة، ومنحه السلطان مولاي الحسن الأول جائزة، عرفانا لما قدمه للمدينة.
توفي سينارو في ريعان حياته عن عمر يناهز 45 عامًا، وأنشأ نصبه التذكاري المهمل الآن تقديراً لما قدمه لمدينة طنجة، في 17 يناير 1899، في الذكرى الأولى لوفاته. كما سمي باسمه (باسيو سينارو)، أول شارع مرصوف بالحصى تصطف على جانبيه الأشجار في طنجة بمنطقة مرشان.