لماذا وإلى أين ؟

كيف يُــؤثّــر اكتساحُ اليمين للمشهد الانتخابي في إسبانيا على العلاقات بين الرباط و مدريد؟

بعثرت الانتخابات البلدية والاقليمية، أوراق رئيس الحكومة الإسبانية بيذرو سانشيث، الذي سارع إلى الإعلان عن حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قبل موعدها المحدد.

وتلقى الحزب الاشتراكي العمالي، الذي يشغل سانشيث أمينه العام، هزيمة مدوية، وفق ما أظهرته نتائج فرز نسبة 90 في المائة من أصوات الناخبين، يوم أمس الأحد، حيث فقد الاشتراكيون حتى بعض معاقلهم الانتخابية مثل فالنسيا، لصالح الحزب الشعبي اليميني المعارض.

خطة استباقية

في تحليله لما يقع في المشهد السياسي الإسباني؛ يرى نبيل دريوش الخبير المغربي في الشأن الإسباني، أن هذه الاستحقاقت هي ”تيرمومتير الانتخابات التشريعية التي لم يعد يفصلنا عنها اليوم إلا أقل من شهرين”، أي يوم 23 يوليوز المقبل.

وأوضح ضمن حديثه لـ ”آشكاين”، أن إعلان رئيس الحكومة الإسبانية عن اجراء الانتخابات في ذروة الصيف، محاولة لـ ”تجاوز الأزمة الآن وتفعيل سيناريو كان قد حضر له مسبقا”، مبرزا أن الظاهر في هذا السيناريو ”تسريع الانتخابات لوقف النزيف وارباك عملية تشكيل الحكومات الجهوية التي فاز فيها اليمين”.

وشدد دريوش على أن سانشيث يستعمل ”فزاعة اليمين المتطرف لاستنهاض الهمم والضغط على التيار التقدمي لتجاوز هذا التيار لخلافاته بحكم استشعار الخطر واختفاء ”بوديموس” في عقر داره بمدريد وعدة جهات مهمة، وقد يكون مصيره مثل مصير ”سيودادنوس” الذي كان اختفاءه من مدريد مؤشرا على نهايته.

وأبرز أن ما أقدم عيه سانشيث يعد خطة استباقية تأتي بعد ”إحساس بالخطر”، الغرض منها جمع الشتات في أقرب وقت ممكن، في أجل لا يتعدى شهرين.

وقع ما يجري في إسبانيا على المغرب

رسمت انتخابات المجالس المحلية في إسبانيا إلى حد كبير معالم السباق نحو قصر المونكلوا، الذي كان مقررا نهاية السنة الجارية، قبل أن يخلق سانشيز المفاجأة اليوم، بإعلان تقديم موعد الانتخابات وإجرائها في يوليوز.

ومن المؤكد أن ما يجري في إسبانيا يلقي بظلاله على المغرب، نظرا للعديد من القضايا المشتركة بين البلدين بحكم القرب الجغرافي.

وكانت هذه القضايا، في وقت من الأوقات، سببا في توتر العلاقات بين الرباط ومدريد لشهور، لتدخل بعدها مرحلة من التميز، في عهد سانشيث، بلغت ذروة تميزها بعقد قمة رفيعة المستوى بين البلدين.

نبيل دريوش الخبير في العلاقات الإسبانية المغربية

 

لكن عودة اليمين إلى تصدر المشهد السياسي في إسبانيا، بعد اكتساحه للانتخابات المحلية، ينذر بتغير في المواقف بين المغرب وإسبانيا، خصوصا في ما يتعلق بالهجرة وقضيتي سبتة ومليلية، في حين أن الموقف التاريخي لإسبانيا من مغربية الصحراء قد لا يتغير كثير، حسب نبيل الدريوش، لأنه قرار دولة ”استراتيجي”.

الأمر يتطلب من المغرب، وفق دريوش، بدل مزيدا من الجهود، لأن الوضع سيصبح مختلف عما عليه الحال الآن إن وصلت الأحزاب اليمينية إلى السلطة في إسبانيا.

ويرى ذات الخبير، أن احتمال فشل بيذرو سانشيث في وقف النزيف، وفوز الحزب الشعبي اليميني وحزب ”فوكس” اليميني المتطرف بالانتخابات التشريعية المقبلة، وتشكيل حكومة جديدة باسبانيا، سيدفع الحزب الشعبي للتحالف مع أقصى اليمين،  وهو”أمر محرج داخليا وأوروبيا وإن لم يكن سابقة في أوروبا”.

وأكد أن هذا الوضع سيجعل العلاقات المغربية الاسبانية أمام ”امتحان جديد”، بحكم أن النخبة المتحكمة في الحزب الشعبي بزعامة فيخو لا ”تعرف المغرب بشكل جيد ولديها تصورات عامة عن المملكة”، مثلما أن المسؤول عن العلاقات الخارجية للحزب استيبان بونس غونزاليث، والمحتمل أن يكون وزير خارجية الحكومة اليمينة، مقرب جدا من الجزائر؛ يقول دريوش.

أما التحدي الثاني، وفق دريوش دائما، فيأتي من حزب ”فوكس” الذي رغم عدم اهتمامه بقضية الصحراء المغربية ومقاطعته للبوليساريو في اللجان التي تشكل لدعم الجبهة في البرلمانات الجهوية لاعتباره انه ملف يهم السياسة الخارجية التي هي امر بيد الحكومة المركزية، بيد أن له ارتباطات ببعض التيارات المتشددة داخل المؤسسة العسكرية المناوئة تقليديا للوحدة الترابية للمغربية وهو التيار الذي يعبر عن مواقفه بعض الجنرالات المتقاعدين في بعض المقالات التي تنشرها صحيفة ”ايل موندو” بين الفينة والاخرى.

ويمكن ان يُوظف هذه الورقة، حسب رأي ذات الخبير المغربي، للضغط والتفاوض في قضايا اخرى، مثلما أنه سيمارس ضغطا كبيرا على المغرب في ملف سبتة ومليلية في محاولة بارضاء قواعده، وسيضغط بمسألة الهجرة غير الشرعية على المغرب، وسيدفع باتجاه تشديد القوانين على المهاجرين القانونيين في اسبانيا وبينهم حوالي مليون مغربي حتى ينفذ جزءا من سياسته التي يبني عليه خطابه.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x