2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

مع اقتراب عيد الأضحى تتجدد مخاوف المواطنين المغاربة من عدم تمكنهم من اقتناء أضحية العيد، خاصة في ظل التضخم المتزايد الذي ضرب معظم المجالات الحيوية في البلاد، وأنهك القدرة الشرائية لعموم المغاربة، وبالخصوص الطبقة الهشة.
بين العدة والعبادة
ولا شك أن الدافع من نحر أضحية العيد هو التقرب إلى الله استنانا بسنة المصطفى الكريم، إذ يجمع جمهور العلماء على أن هذه الشعيرة من السنن المؤكدة لمن استطاع إليها سبيلا، أو بالأحرى القادر عليها، وهي تسقط عمن أعوزته الحاجة.
لكن في المغرب، الأمر مختلف جدا، فقد يبيع بعض المواطنين أغلى ما يملكون “باش يفرحوا الوليدات”، ويشتري أضحية العيد و”ما يبقاشش ضحكة للجيران”، حيث يرى ملاحظون للشأن الديني والاجتماعي أن “عددا من المواطنين أخرجوا هذه الشعيرة من هدفها الأساس، وهو التقرب إلى الله، وتحولت العبادة إلى عادة”.
وعود الحكومة
ومع الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية وغير الغذائية والخضراوات والفواكه، وتعالي مخاوف المواطنين أن يحرمهم زحف التضخم فرحة “العيد الكبير”، وأن لا يتمكنوا مع هذا الغلاء من الظفر بخروف في متناول قدرتهم الشرائية، (وسط هذا) وعدت الحكومة بأنها ستعمل على توفير أضاحي العيد بـ”أحسن الأثمان“.
وعد الحكومة الذي بعث نوعا من الآمال في صفوف الفئة العريضة من المغاربة، جاء على لسان ناطقها الرسمي، مصطفى بايتاس، بأنها ستوفر أضاحي العيد المقبل بأسعار مُثلى للمواطنات والمواطنين، حيث قال في ندوة الخميس 4 ماي 2023، إن ” الحكومة متعبئة كي تنجح هذه المحطة في أحسن الأجواء، وذلك بأن يكون العرض وفيــرا بأحسن الأسعار”، وهو الوعد الذي سرعان ما تبخر.
فدرالية المواشي تكذب وعد الحكومة
ولم يصمد وعد الحكومة أمام المعطيات الرقمية التي نشرتها الفيدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي، والتي بسطت أرقاما صادمة ألجمت لسان الحكومة، حيث أكدت(الفدرالية) بشكل رسمي أن متوسط ثمن الخرفان المستوردة التي تزن 50 كيلوغراما سيصل ثمنه 2850 درهم للخروف الواحد، وهوا ما لن يقدر عليه المواطن البسيط الذي يبحث عن قوت يومه.
وخرجت الفيدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي بهذه المعطيات الدقيقة بعدما تواترت أنباء عن استيراد الخرفان بأثمنة بخسة وبيعها بأضعاف مضاعفة، حيث أكدت أنها تتابع بقلق شديد “بعد التصريحات التي تستهدف مستوردي الأغنام المخصصة لأضاحي العيد، مدعية أن ثمن هذه الأغنام لا يتجاوز ثمنها 700 درهم، وأن المستورد يقوم ببيعها بمبلغ 2700 درهم بالإضافة إلى 500 درهم الذي حددته الحكومة كدعم لخفض ثمن الأضاحي للمواطنيين”.
وشددت الفدرالية على أن “هذا الادعاء خال من الصحة و قد يسبب احتقانا بين المستوردين والمواطنين، وأن ثمن الأغنام على مستوى الدول الأوروبية المرخص بالاستيراد منها يصل إلى 57 درهم للكلغ الواحد وبالتالي فإن ثمن خروف يزن 50 كلغ سيصل ثمنه إلى 2850 درهم، وليس 700 درهم كما جاء في مجموعة من التصريحات”.
جشع تجار
وظلت مناسبة عيد الأضحى فرصة سانحة لبعض من يوصفون بـ”تجار الأزمات”، والذين يلعبون على الوتر الحساس للمواطنين مع اقتراب شعيرة “العيد الكبير”، حيث يستغلونها لمراكمة ثروات بالملايين على حساب ضعاف المواطنين.
فرغم التوضيحات التي تقدمت بها الفيدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي بخصوص أسعار الخرفان المستوردة، إلا أن سوق المواشي بالداخل المغربي يخضع لمبدأ العرض والطلب، و ليس هناك آلية محددة غير هذا المبدأ لتحديد السعر.
هؤلاء التجار الذين يعرفون أيضا بـ”الشناقة” يعملون على شراء الخرفان بثمن من الكسابة ويبيعونها للمواطن بثمن أكبر من الثمن الأصلي، مستغلين الوضع، وعدم وجود آليات دقيقة لمراقبة تحركاتهم وضبط معاملاتهم وفق ما يمكن المواطن من اقتناء أضحية العيد.
أسئلة عالقة
وتبقى الأيام القادمة من الزمن المتبقي لحلول عيد الأضحى كفيلة لمعرفة الأسعار التي سترسو عليها سوق الأغنام، رغم أن الأصداء الأولية تفيد بأنها ستكون مرتفعة عن الماضي، وفق ما أكده لنا محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي في حوار سابق مع الجريدة، إلا أن تساؤلات عريضة ستطرح نفسها قبل هذا الموعد الذي يعد له المواطنون العدة، من قبيل ما إن كانت الحكومة ستتحرك للضرب بيد من حديد على يد “الشناقة” والمضاربين وتجار الأزمات، وهل ستتخذ الحكومة قرارات جريئة لتقديم دعم مالي للفئات الهشة في هذه المناسبة الدينية التي تخطت عند المغاربة مستوى الشعيرة الدينة التي تسقط بانعدام شرط القدرة عليها.