2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

انكب ما يناهز الخمسين خبيرا في مجال السلامة والأمن البيولوجيين، اليوم الثلاثاء بالرباط، على مناقشة السبل الكفيلة بضمان التعميم والتنفيذ الفعال لاتفاقية الأسلحة البيولوجية بشمال إفريقيا.
ويشكل هذا التشاور الإقليمي متعدد الفاعلين، الذي يندرج في إطار ورشة عمل تمتد على مدى ثلاثة أيام ينظمها مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، بالتعاون مع المملكة المغربية، مناسبة للخبراء وممثلي دول المنطقة لتقاسم التجارب، ومناقشة الاحتياجات والأولويات وتحديد إمكانية الدعم وصياغة استراتيجية لتطبيق هذه الاتفاقية تطبيقا كاملا وفعالا على الصعيدين الوطني والإقليمي.
ولم يأت اختيار الرباط لاستضافة هذا الحدث الهام محض الصدفة. ففي الواقع يؤكد سيلفان فانييل، من مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، خلال افتتاح أشغال هذه الورشة التي تندرج في إطار مشروع “دعم تعميم اتفاقية الأسلحة البيولوجية في إفريقيا و تنفيذها الفعال”، الممول من قبل الشراكة العالمية لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل والمواد ذات الصلة، أن ” المغرب أبان دوما عن ريادة قوية في المنطقة، ولكن أيضا على الصعيد العالمي، من خلال دعم عالمية اتفاقية الأسلحة البيولوجية وتنفيذها الفعال ، وبالتالي المساهمة ، في نفس المناسبة، في هندسة الأمن الإقليمي وفي إعداد الدول لمواجهة الأحداث البيولوجية “.
كما شدد على أن جائحة كوفيد-19 أظهرت هشاشة جماعية أمام الأمراض التي تعبر الحدود بسرعة و تتسبب في أضرار بشرية و اجتماعية واقتصادية لا حصر لها، وتنذر بشكل مؤلم بما يمكن أن يحدث إذا تم إنشاء المرض ونشره عمدا، واصفا هذه الاتفاقية بأنها ركيزة من ركائز هندسة الأمن الدولي ونظام عدم انتشار السلاح ونزعه الذي يسهم، بعيدا عن الجوانب الأمنية، في تعزيز قدرات الدول فيما يتعلق بالإنذار المبكر و تدبير المخاطر الصحية، وبالتالي تعزيز التقدم المستمر نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وسجل أنه “إذا كانت اتفاقية الأسلحة البيولوجية يتم التباهي بانضمام شبه عالمي لها ، فلا يزال هناك عمل يتعين القيام به. ولا تزال اثنتا عشرة دولة تعتبر غير أطراف في الاتفاقية ، بما في ذلك ست دول في إفريقيا”، معربا عن رغبته في رؤية ورشة العمل هذه تمثل بداية لدينامية إقليمية في كافة منطقة شمال إفريقيا.
ومن نافلة القول إن اتفاقية الأسلحة البيولوجية، التي وقعها المغرب في عام 1972 وصادق عليها في 2002 ، تشكل بالنسبة للمملكة أداة أساسية في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز السلم والأمن الدوليين ، كما يؤكد ذلك عبد الكريم مزيان بلفقيه ، الكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية ، مشددا على ضرورة تعزيز هذه الاتفاقية لمواجهة التهديدات المتجددة باستمرار.
وحذر السيد بلفقيه بأنه “يمكن تحويل التكنولوجيا البيولوجية ذات الاستخدام المدني أو تنحرف للأسف عن أهدافها الأولية لتطوير وسائل يحتمل أن تكون ضارة بالبشر. يمكن أن تكون هذه التحويلات – مقصودة أم لا – ذات أهمية للمجالات الحيوية مثل الصناعات الدوائية أو البحوث الطبية الحيوية أو صناعة الأغذية. لقد أضحت قضية رئيسية حيث يتم الآن إخفاء الحفاظ على الاستقرار ودعم السلام العالمي”، مضيفا أن عواقب الوباء تساءل الجميع وتحث الدول الرائدة لتقدم التكنولوجيا الحيوية لمراقبة انتشار التقنيات ذات الاستخدام المزدوج.
وللقيام بذلك، يقول المسؤول، يجب على البلدان توسيع نطاق التشريعات القائمة لتشمل كافة الجوانب المتعلقة بالاتفاقية وتطوير أنظمة تعاون شفافة فيما بينها، موضحا أن هذه الأخيرة ستجعل من الممكن عولمة التفكير في التحسين الكبير للأمن الإنساني من خلال اقتراح سيناريوهات تحظر ، من ناحية تطوير وتصنيع وتخزين ونقل الأسلحة البيولوجية ، ومن ناحية أخرى ، تتوخى استخدام تقنيات غير ضارة كقدرات تشغيلية لا جدال فيها، بحيث يكون الهدف هو توقع وسائل استجابة للغد بشكل أفضل من خلال تطوير القدرات الدفاعية (التدابير المضادة) للتهديدات الحالية.
وتشمل هذه الورشة، التي تشهد حضور وفود تمثل المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا وجزر القمر (كضيف شرف) ، وكذا خبراء من كندا والولايات المتحدة وفرنسا ومنظمات الأمم المتحدة ومركز السيطرة على الأمراض – إفريقيا ، عدة جلسات، وستشهد تنظيم زيارات للمعهد الوطني للصحة، وشركة الإنتاج البيولوجي والصيدلاني البيطري (بيوفارما) والمكتب الوطني لسلامة المنتتجات الغذائية.
وفي هذا الصدد، نوهت إميلي كيلي من مكتب الأمن الدولي وحظر الانتشار التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، بأن ” الولايات المتحدة سعيدة بدعم ورشة العمل هذه ، إلى جانب شركائنا في الشراكة العالمية لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل والمواد ذات الصلة، منها كندا والمملكة المتحدة وفرنسا ومكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح من خلال وحدة الدعم لتنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية”.
وشددت على أن الحد من التهديدات البيولوجية هو جهد طويل الأمد يتطلب إضفاء الطابع العالمي على اتفاقية الأسلحة البيولوجية وتنفيذها بفعالية وتجميع مبادرات كافة الأطراف المعنية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية تحظر على الدول الأعضاء، ليس فقط استخدام الأسلحة البيولوجية والتكسينية (التسممية)، بل أيضا استحداثها وإنتاجها وتخزينها. وقد تم فتحها أمام توقيع الدول الراغبة في الانضمام لها في 10 أبريل 1972 ودخلت حيز التنفيذ في 26 مارس 1975 بعد أن أودعت 22 دولة وثائق تصديقها. وفي الوقت الحالي، التزمت 185 دولة طرف بعدم تطوير أو إنتاج أو تخزين أو استخدام أسلحة بيولوجية، بما في ذلك المملكة المغربية التي صادقت عليها في 21 مارس 2002.