لماذا وإلى أين ؟

العراق …. في ظل انعدام التخطيط

منتظر عبد الرحيم

لا شك أن ما تشهدهُ دول المنطقة من تطورات تنموية يدل على تخطيط أستراتيجي بعيد المدى تمت هيكلته منذ سنوات سابقة. وهذا التخطيط ناجم عن معرفة جميع الدول التحديات التي ستواجههم . فالتطور التكنلوجي الذي يشهده العالم قد يلغي او يؤخر دور البترول في طبيعة الحياة المستقبلية. الامر الذي جعل الدول المصدرة للبترول تفكر في موارد بديلة وتخطط للمستقبل برؤية واضحة وتقف جنباً الى جنب مع دول العالم في التحديات التي تواجههم من كوارث طبيعية وتغيرات مناخية وحروب وتأخذ جميع الامور التي تواجه العالم بجدية تامة وهو الشيء الذي يعد ضرورة في عمل رؤية صحيحة للمستقبل بما يتناسب مع التغيرات التي تواجه العالم من الناحية البيئية ، الاقتصادية ، السياسية .

وبعد سلسلة الحروب والمآسي التي عصفت بالعراق في الالفية الجديدة من ألاحتلال الامريكي مروراً بالحرب الاهلية وصولً للحرب مع داعش لم تشهد الدولة أي تطورات تنموية ولا تطورات على مستوى البنية التحتية التي دمرتها الحروب المتوالية . وفي الاونة الاخيرة أهملت الدولة وضع خطط أستراتيجية ورؤية للمستقبل بما يتناسب ويتواكب مع التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم بشكلً عام .فمنظومة الدولة قائمة على أساس المحاصصة الطائفية والحزبية. فتتشكل موازنة الدولة من الاموال الواردة من تصدير البترول وتقسم على وزارات الدولة والتي تشهد أكبر عمليات الفساد على   مستوى العالم .وهذا المنظومة تشكل خطراً كبيراً يواجه العراق في السنوات المقبلة . فلم يشهد البلد أي تطورات خدمية على المستويات الصحية والبيئية والبنى التحتية ومع أستغناء العالم عن البترول الامر الذي قد يكون جلياً في العشر سنوات القادمة خصوصاً مع التطور الكبير التي يشهدهُ العالم . قد يواجه العراق خطر الافلاس والمجاعة جراء أنعدام التخطيط. ولا يشمل التخطيط فقط على المستوى الاقتصادي بل وحتى البيئي والسياسي والصحي   .

فالزيادة السكانية التي يشهدها العراق في الاونة الاخيرة تنم عن خطر حالك . فمساحة كمساحة العراق يجب ان تستوعب على الاقل 25مليون نسمة . الا ان الإحصاءات السكانية ترجح زيادة سكانية تفوق ال50 مليون نسمة مع احتمال زيادة هذا العدد في الخمس سنوات القادمة . أن الزيادة السكانية هذهِ تشكل خطراً كبيراً في أنتقال الامراض البيئية والمعدية وأنتشار الامراض السرطانية نتيجة التلوث والتغيرات المناخية التي يشهدها العالم . وأن هذه ِ الزيادة السكانية غير مدروسة ولم تضع لها الحكومة اي خطط ففي بغداد فقط يعيش اكثر من 10مليون انسان في حين ان هناك بلدان عدد سكانها الاجمالي 8مليون نسمة. ومع هذهِ الزيادة السكانية يتطلب الأمر تنوع في سبل النقل كالمترو والباصات والقطارات . وانشاء الجسور الرابطة بين المناطق والمدن  المختلفة  الا ان هذا الامر لم يرد ايضاً في رؤية وتخطيط الحكومة فما تزال الطرق في العراق تحصد أرواح المدنيين يومياً وبمعدلات مرتفعة بسبب تضررها وعدم وجود صيانة لها وعدم إخضاعها للقوانين المرورية المعمول بها في العالم، لتسجّل مستويات قياسية في أعداد الضحايا.فحصدت حوادث السير والمرورفي السنوات القليلة الماضية  أرواح أكثر من 1500 شخص، بحسب إحصاءات رسمية، تحدثت أيضاً عن إصابة أكثر من 10 آلاف شخص.كما يغيب عن غالبية الطرق العراقية التأثيث مثل الأسيجة الواقية والدلالات والإشارات، إلا باستثناءات محدودة، خصوصاً الطرق السريعة الرابطة بين معظم المدن العراقية.

وبحسب وزارة الإعمار والإسكان، فإن العراق بحاجة إلى نحو 1500 كيلومتر من الطرق داخل المحافظات وخارجها، فيما أوضحت أن البلاد تحتل مرتبة متأخرة عالمياً في جودة الطرق. ، هناك عدة عوامل ومظاهر تحول دون تمكين العراق من التركيز على “التخطيط التنموي الشامل”. منها غياب القانون الملزم للجميع، واستمرار فوضى السلاح غير المسيطر عليه من قبل الدولة وتأثيراته على الحالة الأمنية بشكل عام. ان الفوضى التي يشهدها العراق في كل مفاصل الدولة وجميع مؤسساتها لا ينبئ الا على موت حتمي ومستقبل لا يبشر بخير . أن غياب التخطيط الاستراتيجي أدى الى غياب كل ما يؤدي الى تطور ونهضة البلد وتقدمه والارتقاء به مصاف الدول المتقدمة . فغياب التخطيط أدى الى غياب التعليم وتكوين أجيال تأخذ بهذا البلد وتطوره وتنقل هذا البلد نقلة كبيرة في المجالات الاقتصادية والسياسية …. الخ .

وختاماً بالتأكيد أن الحكومة العراقية والحكومات في بلدان العالم أجمع هي نتاج الشعب . فلم نستورد هذهِ الحكومة من الخارج . بل هذهِ الحكومة تشكل وتعبر عن توجهات وأفكار ووعي  الكثير من أبناء الشعب. وعليه فلابد للشعب اولاً ان يعي ويدرك التطورات التي تجري في العالم ويتفاعل معها ويعطيها الاهمية . بالتالي سيساهم في وعي الحكومة لأهمية التخطيط الاستراتيجي والرؤية الصحيحة.

كاتب ومهندس عراقي

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x