لماذا وإلى أين ؟

أقصبي: إلغاءُ زيــارة رئيـس ”الباطـرونا” الفرنسية إلى المـغرب مُناوشات سياسية (حوار)

امتدت الأزمــة الدبلوماسية الصامتة بين المغرب و فرنسا، لتلمس المجـال الاقتصادي، رغم أن فرنسا هي ثاني شريك تجـاري للمغرب عالميا بعد الجارة إسبانيا.

مؤشــر امتداد هذا التوتر، ظهر جليا بإلغاء زيارة كان مقررا أن يقوم بها رئيس جمعية أرباب العمل الفرنسية (ميديف) إلى المغرب يوم 26 من شهر يونيو الجاري.

وكان مقررا أن يلتقي رئيس ”الباطرونا” الفرنسية، جوفروا رو دي بيزيو، يوم 26 من شهر يونيو الجاري، مع نظيره شكيب لعلج، رئيس اتحاد مقاولات المغرب، إلا أن ”السياق الحالي للعلاقات المغربية الفرنسية لا تسمح بهذه الزيارة”، وفق ما أفاد به مصدر من ”الباطرونا” المغربيةـ لوسائل إعلام فرنسية، من بينها وكالة ”فرانس بريس”، و إذاعة فرنسا الدولية (ر إف . إي)، وهو مؤشر على أن الأزمة بين البلدين باتت عميقة للغاية.

للوقوف حول هذا الموضوع أجرت جريدة ”آشكاين” الحوار التالي مع الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، هذا نصه:

س: هل تعتقد دكتور نجيب أن الأزمة بين البلدين ستمتد بالفعل لتشمل المجال الاقتصادي؟

–  أولا فيما يتعلق بالحدث في حد ذاته، الناس تتخيل أشياء ليست في الواقع، لا أحد يمكن أن يتصور أن قرار إلغاء أو تأجيل زيارة رئيس ”الباطرونا” الفرنسية إلى المغرب، قرار اتخذه الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM). لنكن واضحين هذا قرار سياسي، لأنه منذ 20 سنة تبين أن الاتحاد المذكور لم يكن له أي استقلالية عن النظام السياسي، وهذا لا ينفي أنه لا تقع بعض التجاوزات أحيانا، ولكن من الواضح أنه كلما وقغ سوء تقدير وضعية من ”الباطرونا” المغربية، فالسلطة السياسية تتدخل بسرعة من أجل إعادته إلى الصواب. لنكن واضحين هذا قرار سياسي، وبما أنه قرار سياسي فإنه يدخل في إطار ما أسميه أنا بالمناوشات بين النظامين، أحدها يصعد والأخر يهادن أو العكس، وهذه مراحل عشناها سابقا.

لا أتصور أن الوضع سيشهد تدهورا إلى حد خطير، لماذ؟، الأمور الذاتية لا تهمني هنا وأنظر إلى ما هو موضوعي، وما هو موضوعي هنا هي المصالح المتبادلة ليس بين الشعب الفرنسي والشعب المغربي (يضحك)، بل المصالح المتبادلة بين نُخبتين، اي النخبة الفرنسية أصحاب المصالح الكبرى من شركات متعددة الجنسية والشركات الكبرى والطبقات السائدة في فرنسا، طبعا لديها مشاريع كبيرة وقوية في المغرب، وماشي غادي تنتاحر، بل ستحافظ على مصالحها، وهي تقبل المناوشات في حدود معينة، لكن طبيعة البورجوازية لم يكن يوما الانتحار.

نفس الشيء بالنسبة للمغرب، هناك طبقة سائدة لديها مصالح قوية وتتغدى وتنمو من التبادل والاستثمارات والمصالح المشتركة، ولو أن الهاجس السياسي يطغى أحيانا على ما هو اقتصادي، لكن كيفما كان الحال يبقى في إطار محدود لا يُفسد صلب المصالح المشتركة. هذه حيثيات موضوعية بعيدا عن الذاتية.

هناك تداخل ما بين ما هو سياسي واقتصادي وراء المناوشات والتصعيد…، ولكن ذلك كله محكوم عليه أن ينحصر في حدود التي تؤدي إلى إفساد أو التأثير على المصالح المشتركة أو الاضرار بها.

س: هل يمكن أن تصل هذه المناوشات كما تصفها إلى نوع من الضغط على الشركات الفرنسية بالمغرب؟

– طبعا..طبعا..طبعا، هذا ممكن، المصالح المشتركة هي أشياء دائمة وقديمة، بينما المشاريع الجديدة مثل مشروع قطار فائق السرعة (تي جي في)، الذي تحدث عنه، هذه مشاريع سياسية وليست اقتصادية والقرار فيها غير مرتبط حسب الربح أو المردودية، القرار فيها يكون حسب مصالح سياسية معينة. في إطار شد الحبل الواقع الآن بين البلدين يمكن أن تقع بعض الضحايا بين قوسين في بعض المشاريع، مثل أن يمنح مشروع ”إكس” لبلد معين، هذا ممكن، ولكن هذه أشياء ظرفية ولا تمس صلب المصالح المشتركة.

س: من الخاسر أكثر فرنسا أم المغرب؟

– من السابق لأوانه الحديث عن هذا الأمر، لأنه يحتاج إلى إحصائيات، وهذا المنطق غير صائب استراتيجيا، ولكن بالمنطق الذي تحدث عنه سلفا، فالخاسر في هذه اللعبة يمكن أن يكون الطرفين معا ولكن مرحليا، وبصفة مختلفة من لديه مصالح أقوى يمكن أن يخسر أكثر، ولكن هذا الأمر كله لن يتجاوز حدودا معينة وحتى زمنيا لا أظن أنه سيبقى إلى ما لا نهاية، لأن منطق المصالح لديه إكراهاته ومحدوديته.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
الإدريسي مولاي سعيد
المعلق(ة)
18 يونيو 2023 14:53

وهل في مقدوركم أن تأخذوا مثل هذا القرار ؟؟؟؟ يكفي أن فرنسا اللعينة مرمطت بوجوهكم التراب حين أصدرت أوامرها لقنصلياتها برفض أي ملف ڤيزا يتعلق بأي كان من رجال الأعمال المغاربة ولم تنبسو بينت شفة .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x