لماذا وإلى أين ؟

ٍآشكاين تُــخرجُ إلياس العماري من سرِّيته و تكشفُ رسائلَه الخفيَّــة في خرجته الصـحفية (فيديو)

عاد رجل الظل إلياس العماري، ليثير الجدل من جديد، و ذلك بعد خرجة إعلامية وجَّـــه من خلالها رسائل لمن يهمهم الأمر، و بشر فيها بعودته إلى الواجهة.

المتتبع للشأن السياسي في المغرب يعي جيدا أن إلياس العماري، أمين عام حزب “الأصالة والمعاصرة”، المستقيل، و رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة المستقيل، يضمر ما لا يظهر في خرجاته الإعلامية، ويكون له دائما هدف من وراء العودة عـــلانية إلى مسرح الأحداث، فلماذا خرج العماري في هذا الوقت بالذات؟ و ما هي الرسائل التي يود إبلاغها؟ ولمن؟

إلياس العماري في نسخته المتحورة

ظهر إلياس العماري في حوار صحفي أجرته معه الجريدة الرقمية “هسبريس”، بحلة جديدة على مستوى الشكل. “نيو لوك” العماري في أول ظهور علني أراد من خلاله الإيحاء بكونه قطع مع الماضي، ومع الشكل الذي اعتاد المغاربة رؤيته عليه قبل التواري عن الأنظار منذ خمس سنوات، تحت ضغط عدد من العوامل و الأحداث، لكن من تتبع هذا الحوار سيجد أن إلياس العماري لم يتغير من حيت الجوهر، ولو زرع شعرا وأطلق ذقنا.

هل كشفت آشكاين مخطط العماري وأخرجته من السرية إلى العلانية؟

خرجة إلياس العماري الأخيرة جاءت بعد مرور أسبوعين فقط على الخبر الحصري الذي انفردت “آشكاين” بنشره بخصوص لقــاءات سرّيــة جمعته بفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد و المالية، المكلف بالميزانية، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من أجل “مخطط سياسي” له علاقة بالبام، وهو الخبر الذي سبق ونفاه (العماري) من خلال بلاغ توصلت به “آشكاين” وقامت بنشره.

فالخروج “الإضطراري” لإلياس العماري، أراد من خلاله الرد، بشكل غير مباشر، عما نشرته آشكاين، حيت أكد في أكثر من مرة خلال الحوار المشار إليه، أنه انسحب من الحياة السياسية وأنه لن يعود إليها، وكأنه بذلك يريد تبرئة نفسه مما قيل حول علاقته بـ”مخطط سياسي للإطاحة بوهبي”، وهو ما دعمه بتأكيده على صداقته المتين بهذا الأخير واستمرار تواصله معه بعد كل ما جرى!!!

في ذات الحوار، حاول العماري تبرئة لقجع من التبعية له، من خلال التأكيد على أن علاقتهما كانت علاقة صداقة قديمة، تعود لأواخر الثمانينات عندما أواه لقجع ببيته حين كان في حالة فرار من العدالة، وأن علاقتهما ليست علاقة شيخ ومريد، بل صديق ورفيق، وأن لقجع هو من بنى نفسه بنفسه وليس لأحد الفضل في ما وصل إليه، لكن الواقع يدحض  ما أراد إلياس الترويج له، والقاصي والداني يعلم طبيعة العلاقة بين الرجلين.

هل يَبْـــتزُّ العماري شُركــــاء المـــاضي؟

من خلال مُتابعة الحوار/التصريح الأخير لإلياس العماري يمكن الخُـــروج بخُلاصة مفادها أنه يريد بعث ثلاث رسائل أساسية:

الرسالة الأولى:  ســـلاحُ الملفات السرية

من خلال الحديث عن السيرة الذاتية، أراد العماري أن يقول إنه  يمتلك “ملفات سرية” مليئة بالمعلومات والمعطيات، وذلك من خلال حديثه في الحوار نفسه عن كونه يدون كل صغيرة و كبيرة تحدث في يومها، والأكثر من ذلك، أنه حريصا على وضع بورتريه تعريفي للشخصيات التي يلتقيها أو يجتمع بها لهدف ما، مؤكدا في الآن ذاته، أن الوقت لم يحن بعد لنشرها، و كأن لسان حاله يقول بأنه يملك لما يكفي من الأسرار التي تمكنه من نسف بعض الشخصيات التي تسلقت سلم المسؤوليات،  و قلب الطاولة، بما فيها، في حال إحساسه بتهديدٍ لشــــخصه !!

الرسالة الثانية: التقية السياسية

من خلال الحوار، أراد العماري بعث رسائل طمأنة لمن يعتقد أنهم خصومه السياسيون، ومن قال إنهم يرون فيه مُنافسا لهم، و ذلك، بتأكيده على أنه انسحب من الحياة السياسية ولن يعود إليها، وأنه لن يقبل بأي مسؤولية مستقبلا، سواء تعلق الأمر بمسؤولية حـــزبية، أو بمسؤولية سياسية.

العماري طبعا لا يقصد بالخصوم السياسيين عبد الإله بنكيران، وعندما تعمد ذكر إسمه في ذات الحـــوار فكان الهدف تشتيت انتباه المتلقي، فعداءُ بنكيران للعماري تحصيلُ حاصل، كما أن بنكيران أصبح جُـــزءاً من ماضي المغرب السياسي، والمقصود من كلام العماري هم الفاعــــلون الجُدد بالساحة الحــزبية والسياسية، أي قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، التي نجحت فيما فشل فيه هو (العماري)، واستطاعت إزاحة البيجيدي عن واجهة المشهد السياسي الذي سيطر عليه إخوان بنكيران بفعل أخطاء كان للعماري نصيبُ الأســـد فيها.

العماري لن ينسى كيف أُخرج من نافذة اللعبة السياسية بالمغرب، بعدما كان يملك مفاتيح أبوابها، و رسائله المطمئنة هي فقط تقية سياسية، ورسائل مبطنة للإعلان عن عودته بمشروع جديد/قديم يعتمد خطة “زيرو أعداء”، وأصدقاء أوفياء، يحظون بالقبول من طرف جل الأطياف السياسية والحزبية والجمعوية، ولهم أيضا قـــاعدة شعبيــــة شكلوها بعيدا عن الممارسة السياسية.

الرسالة الثالثة: التبشير بمشروعٍ سياسي بواجـــهة إعـــلامية

ما يؤكد أن العماري يبشر بمشروع سياسي، إصراره عن الإعلان عن مشروعه الإعلامي الجديد في ذات الحوار، والذي هو فقط خروج من الظل إلى العلن بخصوص المسؤولية عن هذا المشرع، فمعلوم لدى المستثمرين الإذاعيين أن العماري يملك حصة مهمة من أسهم إذاعة “كاب راديو” الجــهوية، وما الإعلان عن توليه كامل المسؤولية في هذه الإذاعة، سوى مقدمة لما يخطط له بخصوص مشروعه السياسي.

فالتجربة تؤكـــد أن العماري كان يعتمد دائما، منذ بداياته الأولى مع اليسار، مشروعا إعلاميا كمقدمة لمشروع سياسي، وآخر مثال على ذلك، المجموعة الإعلامية “آخر ساعة” التي ضمت ستة منشورات باللغات العربية و الفرنسية و الأمازيغية، والتي صرفت عليها ملايير الدراهم، و التي كان الهدف غيرُ المُعلَـــن من إنشائها، مُواكبة مُخططه لقيادة “البام” إلى اكتساح الاستحقاقات الانتخابية و إزاحة البيجيدي من المشهد السياسي و تولي رئـــاسة الحُـــكومة، وهو الحلم الذي تحول إلى غبار.

لكن السؤال المطروح الآن، إلى جانب مريده وصديقه المخلص، عمن سيعتمد العماري لتنفيذ مخططه السايسي؟  وهل سيكتفي بـ”البام” كأداة حزبية لتنفيذ هذا المخطط أم سيسعى لتوظيف فاعلين آخرين داخل هيئات سياسية وكذا التحالف مع حركات ناشئة من قبيل تلك التي يؤسسها الوزير السابق عزيز الرباح؟

خرجـــةُ العماري الإعلامية، خرجةٌ اضطرارية، الهدف منها تشتيت الانتباه عن مخططه السياسي الذي كشفت خيوطه “آشكاين”. فالمؤكد أن المغاربة لن يقتنعوا بأن العماري انسحب من المشهد السياسي، وأنه ترك استثماراته الكبرى، وعاد للمغرب من أجل الاستثمار في المجال الإعلامي، فكما يقول المثل المغربي: “عمَّــر الشطّاح ما ينْسى هزَّة الكْتَـــــفْ”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

5 1 صوت
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Freeman
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 13:22

منشورات صرفت عليها ملايير الدراهم؟! نقسو شويا فيخرات

mowatin
المعلق(ة)
19 يونيو 2023 21:37

في الفكر الأسطوري فإن طائر الفينيق ينبعث من رماده. أما عن حلم الياس العماري بالعودة إلى الساحة بأي شكل من الأشكال فنقول أن رماده ذرته الرياح أي شتته وبعثرته فأنى له بحلم العودة!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x