لماذا وإلى أين ؟

العقلية المغربية لن تتغير قبل 227 سنة

جواد مبروكي *

من خلال تجربتي المهنية وتحليلي للمجتمع المغربي، لاحظت أن عقلية المغربي في 2023 لا زالت مطابقة لعقلية الأجيال السابقة رغم أننا نشهد تطورًا في العديد من المجالات، التكنولوجية والعلمية والإسكان والعمران بالإضافة إلى الاستهلاك الهمجي والمفرط.

إن المغربي يبيع صورة الرفاهية والسعادة ومعرفة كيف يعيش بشكل ممتع للغاية، ويمكنكم رؤية هذا بوضوح على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية.

ومن خلال تصفح الشبكات الاجتماعية وحضور الندوات والمؤتمرات ومشاهدة البرامج التلفزيونية أو الاستماع إلى الراديو وقراءة الصحف، نشعر وكأننا في مجتمع منفتح. ولكن وللأسف فإن الواقع يختلف تمامًا عن هذه الصور المخففة.

سأقوم الآن بإدراج النقطتين الأساسيتين اللتين شكلا الدماغ المغربي حيث أصبح الفكر سجينا ومتصلبا مند عدة قرون دون القدرة على تحريك ذرة واحدة.

1- النظام المدرسي

لا يزال النظام المدرسي يعتبر الطفل خزانًا فارغًا يجب ملئه بالمعرفة السامة لتطوره ولتنميته الذاتية. لا يغرس التعليم في دماغ الطفل قاعدة التساؤل والنقد لأن المعلم أيضًا غير قادر على استجواب نفسه نظرًا لأنه ينتمي إلى نفس النظام التعليمي. وهكذا نؤسس ديناميكية الخضوع من الضعيف (التلميذ) إلى الأقوى (المعلم)، حيث نُروض التلاميذ على الطاعة بشكل أعمى.

2- التغذية القسرية الدينية

على وجه الدقة أنا لا أعين أي دين معين لأننا نجد مغاربة مسلمين ويهود ومسيحيين وبهائيين أو غيرهم. كما أنه من الواضح أنني لا أتحدث عن الدّين باعتباره خيارًا فرديًا بحتًا، بل أتحدث عن الاستهلاك الجماعي للدّين، وبمعنى آخر، كيف “مُنتج” الدّين يُشبع الدماغ المغربي.

إن الدّين مهما كانت طبيعته، يبقى مصدر إلهام النظام المدرسي الذي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتعارض معه ويستند إلى ديناميات الطاعة الكاملة وطاعة الله العمياء هي أساس المدرسة ونظام الآباء. ولا يمكن للدّين أن يتسامح مع التشكيك في المعتقدات أو القوانين الدينية أو المسيرون للدّين أو حتى وجود الله أو الجنة أو الجحيم. ولقد جعل الدين نفسه عِلمًا فوق كل العلوم ولم يترك مجالًا للنقد والتساؤل. ولهذا أصبح الدين هو الأداة المثالية لإسكات أي عقل متنور ومتطور.

هاتان النقطتان الأسودتان هما العقبة الرئيسية أمام تغيير العقلية المغربية التي تتجلى في رفض المساواة بين الرجل والمرأة والحرية الفردية وحرية الجسد وحرية التعبير.

الدين يُبسط ويُعمم فكر واحد ولا غير، “إما أن تعتقد بفكر الطاعة وأنت واحد منا، أو أنك تفكر بشكل مختلف وتصبح بعد ذلك عدوًا لنا”. والدليل على هذا النهج هو اضطهاد الأديان في عدة مناطق من العالم من قبل السلطات.
وكالعادة لا أقدم أي حل لأن الحل الأخير يجب أن يأتي بطريقة مناسبة ومتماسكة من كل واحد منا.

 *طبيب نفسي ومحلل نفسي

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

3 2 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

11 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مغربي
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 06:21

انت تهذي يا سيدي وتبحث عن إنسان مغربي لا يوجد الافي مخيلتك.
نسيت ان اسالك:هل يوجد في بلادنا اطباء نفسيون؟
في تكويننا المعرفي ان اكثر الاطباء النفسيين يعيشون فوق السحاب ولا صلة لهم بالواقع الإنساني

احمد
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 13:56

انت مربض نفساني و لست طبيبا نفساني نعم نحن نؤمن بالله ايمانا اعمى لاننا مسلنين حقا لسنا بهاءيين

Omar
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 10:42

و لو اصابني انفصام في الشخصية لن اطرق باب عيادة هذا تفكير صاحبها بغض النظر عن الدين او التعليم …..بعض المرات يخيل لي ان الجريدة تعمل على ملئ الفراغ بالسواد من اجل السواد

احمد
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 14:10

النص يدخل في نطاق الانطباعات والاحكام التي تستند على افكار عامة مستقات من منظور قديم، لم يأخد بعين الاعتبار مجال تطور الافكار مند الاستقلال على الاقل الى اليوم والذي اتر حتى على الحقل الديني، والذي اصبح بدوره يزاحم المجالات الاخرى ويناقشها من منظور خارج على مطاق المسلمات، ونقطة الضعف في النص انه لا يستند على اي دراسة ميدانية او مرجعيات اكادمية تفند هذا القول، وبالتالي فهو مجرد انطباع.

من المغرب
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 13:35

إذا زدنا 227 سنة على 2023 ميلادية تعطينا 2250 ميلادية ما قلته هل هي تخمينات مبنية على الأرقام الواردة في العدد 2250 أم ماذا

ميمون
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 10:06

ليس من المنطق ورغم كل القراءن المذكورة من كل جوانبها ان يكون الامر كما ذكرت، اذا كانت النخب السياسية تستطيع في مدة وجيزة تغيير تفكير المواطنين اليس بامكانها كذالك تغير احوالهم وثقافتهم الى دينمكية واعية ومنتجة ،لهذا لا نقول ان الشعب غير قابل ل التطور بل نقول فشلت الدولة وفسدت السياسية والسياسيين

علال
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 09:25

رجال الدين اي دين . هم بطبيعة دورهم محافظون لانهم يستمدون استحقاقهم من الماضي حصرا. فلا فرق بين المجتمعات في هذا لنختزله في مجتمعنا. ثم ماذا عن معنى ودقة هذا العدد الحجيب ما دمت تقدم نفسك في ثوب الدكتور الرصين المدقق في الكلام بطبيعة التخصص

علي او عمو
المعلق(ة)
26 يونيو 2023 19:59

المُشكِل و المُعضلة الكُبرى التي جعلت الشعوب العربيّة مُستَعبَدةً من قِبَل(السلطات المُتحكِّمة) هو غِياب الديمُقراطيّة التي يتِمُّ من خلالِها اختيار مَنْ يُديرُ شؤونها و يُدبِّر أمورها و يعمل على تنميّة هذه البلدان تنميةً شاملة تَعُمّ جميع المَجالات و المَيادين. فالديمقراطيَّة تضُمُّ في طياتها مؤسسات دستوريّة تعمل كلّ واحِدة حَسَبَ اختصاتها و مَهامِّها التي يُخوِّلها لها الدستور و القوانين الأخرى و على رأسها القضاء المُستقِلّ النزيه الذي لا يستثني من المُحاسَبة أحداً. و بالنسبة للدول العربية فالسُّلطات المُتسلِّطة فتحكُم الشعوب بقوة النار و الحديد، الطّاعة و الرُّضوخ أو الموْت أو السُّجون ؟

فرح
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 21:16

بصفتي أستاذة مادة التربية الإسلامية للتعليم الإعدادي سأضيف تعليقا ينسجم مع محاور مقالك.
أولا النظام التعليمي تغير ولم يظل كما درسناه بل أصبح المتعلم ينتقد ويعطي رأيه وأحيانا يعترض…وبالتالي لم نبق كما كنا نملؤ الدفاتر ونحفظ للامتحان فقط بل المنهاج الدراسي يلزمنا أن نضع وضعيات تجعل التلاميذ يتفاعلون لتحقيق كفايات متعددة منها الحفظ ومنها إبداء الرأي مع التعليل ومنها التحليل والاستنباط. وبالتالي تغيرت العقلية المغربية في هذا الطرح.

ابو زيد
المعلق(ة)
20 يونيو 2023 00:40

قرأنا للجابري و لم نراه يختزل الامر كما اختزلتموه في عناوين الفناها مؤخرا و اصبحت الموضة!!
كما اننا بحكم عيشنا في نفس الوطن اقتنعنا ان الطبيب النفسي لا يستطيع ايلاء الوقت الكافي لمرضاه فبالاحرى دراسة مجتمع باكمله و الحكم عليه!!
و العلماء مع كل الاحترام على المجهود يختمون اجتهاداتهم بالله اعلم!!

ابن حطان
المعلق(ة)
19 يونيو 2023 23:47

لا يمكنك لا أنت ولاغيرك تحديد عقلية أي انسان وتفكيره فهذه الذات البشريه لا يعلك كنهها الا خالقها ، كيف تم لك تحديد هذه المدة الزمنيه وعقلك أنت كذلك قاصر بشري لا تستطيع ان تحدد حتى أخطائك انت ، عجيب أمرك ٠

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

11
0
أضف تعليقكx
()
x