لماذا وإلى أين ؟

بورتري.. رحِيمُو الْمَدَنِي أوَّل امرأة مغربية تكتبُ في الصحف

“بورتري”،..  سلسلة تطل عليكم من نافذتها صحيفة “آشكاين” كل أسبوع، و تشارككم “بروفايلات” شخصيات طبعت تاريخ المملكة بإنجازاتها وإرثها الثقافي والاجتماعي كل من مجالها، تأخذكم السلسلة في جولة عبر تاريخ المغرب لنتعرف و إياكم على الشخصيات البارزة التي ساهمت في صناعة التاريخ الوطني وساهمت في تطوير إرث المجتمع المغربي.

رحيمو المدني، اسم قد لا يعرفه الكثير بعد ضياعه بين ثنايا الذاكرة التاريخية لمنطقة الشمال والمغرب ككل، لكن الأستاذة الفاضلة رحيمو المدني لمن واكب عصرها، تعد مناضلة كبيرة، رفعت دائما صوتها من أجل تعليم الفتاة خاصة، و تعد الأستاذة رحيمو المدني أول امرأة كتبت في الصحف و المجلات الصادرة في شمال المغرب، فلنتعرف عليها من خلال هذه الورقة.

النشأة والتعليم

رحمة بنت العربي بن القايد ميمون المدني من عائلة ريفية استوطنت مدينة سبتة المحتلة في أواخر القرن 19، عمل جَدُّها ميمون المدني في الجيش الإسباني، وحصل على الجنسية الإسبانية، وبعدما أحدث الإسبان طابور البوليس بطنجة فيما يلي عام 1912، انتقل القايد ميمون بأولاده وأهله إلى طنجة واستوطنها في دار بحومة بني يدر بالمدينة القديمة، وفيها ولدت لابنه العربي بنت يوم 20 غشت 1921 سمّاها رحمة.

وعلى عادة المغاربة في تصغير اسم البنت زمن الصّبا فقد كان يُنادى عليها باسم ارحيمو، وهكذا كُتب اسمها في وثائقها الرسمية، واستمر الناس يدعونها بذلك الاسم إلى أن رحلت عن هذه الدنيا.

كان والدها العربي المدني موظفا بمصلحة البريد الإسباني بطنجة التي كان مقرها بالسوق الداخلي، أدخل ابنته رحيمو مدارس الإسبان بمدينة طنجة، وإلى جانب الإسبانية تعلمت العربية. وبتاريخ 25 نونبر 1935 عُيّنتُ ارحيمو من لدن وزارة المعارف العمومية بالمنطقة الخليفية بتطوان مُدرسة للغة العربية بالمدرسة الإسلامية للبنات بمدينة شفشاون.

مسارها و نضالها لتعليم المرأة

تأتي الأستاذة رحيمو المدني في طليعة النساء اللواتي أسندت إليهن مهمة التدريس بالمدارس المغربية العصرية. وبعد مدة قضتها بشفشاون رجعت إلى مسقط رأسها بطنجة وبدأت تقدم دروسا في اللغة الإسبانية بمدرسة الزيتونة للبنات المسلمات، والتي كان مقرها بالعقبة الوزانية بطنجة.

وقد احتفظت السيدة رحيمو المدني بمنصبها الإداري بمدرسة الزيتونة إلى 11 يوليوز 1958، وبعد هذا التاريخ غادرت مدينة طنجة وانتقلت إلى تطوان لتتولى هناك إدارة مدرسة. وأثناء ذلك انتسبت إلى جامعة غرناطة ونالت إجازة في الآداب عام 1964، ثم عينت مديرة لمدرسة المصلى بتطوان وبقيت في هذا المنصب إلى أن أحيلت على التقاعد سنة 1981.

ويذكر الأستاذ عبد الحق المريني في كتابه “دليل المرأة المغربية” صفحة 123-124، أن رحيمو المدني كتبت عدة مقالات تدور حول تحرير المرأة، وكانت حياتها حافلة بالنضال في مجالات التربية الوطنية، كما أسست عدة جمعيات نسوية اجتماعية ووطنية في كل من تطوان وطنجة. وشاركت السيدة ارحيمو في انتخابات المجالس الجماعية لسنة 1976، وكانت وفاتها بمدينة تطوان يوم الأحد 6 يناير 1984.

وقد ساهمت السيدة رحيمو المدني، في ميدان تعليم المرأة بشكل كبير، حيث نادت الأستاذة باكرا عبر الصحافة إلى تعليم المرأة، وقد كان شائعا أن الأستاذة مالكة الفاسي هي أول امرأة مغربية تكتب في الصحف، إلا أنه بعد البحث والتنقيب ظهر أن الأستاذة رحيمو المدني قد تكون تقدّمتها في ذلك، حيث يقول زين العابدين الكتاني في مقال بعنوان “المرأة المغربية الحديثة في ميدان الإعلام والكلمة”، نشر بمجلة “الفنون” في العدد 9 – 10 الخاص بالمرأة المغربية :”فالذي يترجح عندي، وكما أكد ذلك أيضا الشيخ التهامي الوزاني من تطوان، أن أول سيدة مغربية نشرت في صحيفة هي السيدة رحيمو المدني من تطوان، وكان ذلك بجريدة «الريف» التطوانية في أكتوبر 1936م وكان ما نشرته نداء للسلطات بعنوان: فتاة مغربية تستنهض المغاربة، والكاتبة تعتقد هذا الرأي وتؤكده في تقييد لها”.

إبداعاتها وكتاباتها

ومقال الأستاذة رحيمو المدني المُشار إليه في كلام الأستاذ زين العابدين الكتاني رحمه الله نشرته لها جريدة الريف في عددها 15 الصادر بمدينة تطوان عام 1936، وهذا مقتطف من أولى مقالاتها :”أيها السادة، أما آن لمغربنا أن ينهض؟ أما كفانا هذا النوم العميق؟ أما علمتم أن الفرص تضيع ؟ فها هي الطرق صالحة للعمل، وها هي تنادينا بحي على النجاح فلم لا نتكاتف ونتآزر على إحياء معالمنا، ونرفع رأسنا لتجديد مجدنا؟ وا أسفاه على تأخرنا ويا ويحاه على جمودنا”.

وقد تقدمت السيدة ارحيمو المدني في هذا المسار الذي اختارته لنفسها، وهو التدريس، والكتابة في الصحف بما يستنهض همة الفتاة المغربية، وقد قطعت في ذلك شوطا بعيدا. ونشر لها في مجلة “الأنيس” التطوانية النداء الذي وجهته للفتاة المغربية عام 1946، وكانت وقتذاك مُدرسة بمدرسة البنات بطنجة، وقد ورد في مقالها تحت عنوان “نداء إلى الفتاة المغربية”، وفيما يلي مقتطف منه :”أنادي – منبهة – كل فتاة مغربية ذات شعور حي وإيمان قوي أن تستفيق من سباتها العميق وتنهض متجهة نحو الصراط المستقيم باحثة عن كل ما يُزين أخلاقها وصفاتها”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x