لماذا وإلى أين ؟

مُستثمرون يُــحوِّلــون واحات دادس الخلابة إلى قفار (ربورتاج)

تحولت واحات مُطلة على واد دادس، إلى ما يُشبه القفار، بعد أن كانت هذه الواحات تجذب السياح عشاق الطبيعة.

هذه الواحات كانت إلى الأمس القريب، تمتاز بمناظر خلابة تمزج بين حقول تغطيها الأشجار و النباتات، ويتوسطها وادٍ دائمُ الجريان، تحولت في رمشة عين إلى شبه صحراء قاحلة، بسبب عوامل عديدة فيها ما هو راجع إلى الظروف المناخية وأخرى ترتبط بالإنسان نفسه.

كان للجفاف القاسي و غير المسبوق الذي لم يقتصر على المنطقة  فقط بل على عموم المغرب بأكمله، دور كبير في جفاف عديد من الأشجار لتصبح مجرد جذوع ينتظرها المنشار في أي لحظة لجعلها حطبا. ويتطلب أمر تعويضها سنين عديدة، وهو أمر صعب في ظل تراجع ثقافة غرس الأشجار وسط الجيل الجديد من سكان المنطقة.

ملاكون جدد يستنزفون ثروات المنطقة المائية

تحولت الأراضي الشاسعة الممتدة على طول دواوير دادس من أيت سيدي ميلود وأيت هارون جنوبا وصولا لبومالن دادس في الشمال الغربي لحوض دادس، إلى قبلة لمستثمرين و فلاحين كبار أجانب، منهم (فرنسيون بالخصوص)، ومغاربة، حيث حولوا تلك الأراضي التي كانت فيما مضى خلاء قاحلة، إلى ضيعات لزراعة الدلاح والورد البلدي و الزيتون.

هذه الضيعات الفلاحية غير المعهودة؛ بحكم أن المنطقة معروفة بزراعة شبه معيشية؛ ساهمت، وفق فلاحين بالمنطقة، بشكل كبير في القحط الذي ضرب الطبيعة الخلابة بالمنطقة، حيث يتم حفر ثقب تصل أحيانا إلى 100 متر أو أكثر من أجل استخراج المياه الجوفية لسقي المنتوج الفلاحي في تلك الضيعات.

سياسة حفر الآبار

أحمد. أ، فلاح بسيط في المنطقة، يرى أن السلطات كانت تمنع كليا حفر بئر وسط الحقول، وكان الغرض من ذلك الحفاظ على الفرشة المائية الباطنية التي تعطي الحياة لتلك الأشجار.

وأضاف أن حفر بئر ما، كان يتطلب إلى غاية بداية سنة 2001، الحصول على ترخيص مسبق من السلطة المحلية، وكان الحصول على تلك الرخصة يتم فقط حين يتعلق الأمر بحفر بئر غرضه الحصول على الماء الشروب و ليس السقي.

بعدها، وبدون سابق إنذار تنامت ضيعات يملكها نافذون، و صار استخراج الماء الباطني بكميات كبيرة، رغم الجفاف الذي ضرب المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

ورغم أن المنطقة شهدت تساقطات مطرية خلال السنة الجارية، كما أن الثلوج التي كست جبال الأطلس الكبير، ساهمت بشكل كبير في انتعاش الفرشاة المائية في باطن الأرض، رغم فوات الآوان.

ساكنة المنطقة، بات يسكنها هاجس ليس فقط من أن تتحول واحات دادس الجميلة إلى صحراء قاحلة، جراء تكالب الجفاف و جشع المستثمرين، بل من أن تتعرض مياه المنطقة لاستنزاف حاد يضع حياتهم في خطر، بعد ندرة مياه الشرب، التي باتت تشهد انقطاعا متكررا منذ شهر ماي الماضي.

يستدعي الأمر تدخلا عاجلا ممن يهمهم الأمر قبل فوات الآوان، لترشيد استخدام  المياه خصوصا الجوفية، حفاظا على الجمال المتميز لمنطقة دادس و واحاتها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x