2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

شهدت العلاقات بين المغرب وإسرائيل، خلال الآونة الأخيرة، مستجدات توحي بأن اتفاق ”التطبيع” الذي تم بين البلدين، يوم 10 دجنبر من سنة 2020، قد يتلاشى في أي وقت.
مرد ذلك، تعنت تل أبيب في إبداء موقف رسمي و واضح من مغربية الصحراء، على غرار دول عظمى، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، مهندسة إقامة علاقات دبلوماسية شاملة بين المملكة و إسرائيل في عهد إدارة ترامب.
ومن مؤشرات هذا التعنت، ربط صناع القرار في إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، بضرورة تنظيم قمة النقب الثانية التي تأجلت لأكثر من مرة، والتي من المفترض أن يشارك فيها وزراء خارجية الدول العربية الموقعة على اتفاقات التطبيع مع الدولة العبرية، بوساطة أمريكية.
وفي هذا الصدد، كشف وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، في تصريحات صحفية أطلقها الأسبوع الماضي، أن اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء مرتبط بتنظيم منتدى النقب.
وقال كوهين: “نعمل حاليا على هذه القضية وخطتنا هي اتخاذ قرارنا النهائي في منتدى النقب”، مبرزا أنه من المتوقع أن يستضيف المغرب المنتدى في شتنبر أو أكتوبر المقبل.
وكان وزير الخارجية، ناصر بوريطة، قد أعلن قبل ذلك، عن تأجيل القمة مرة أخرى إلى ما بعد الصيف، بسبب ما أسماه ”الأجواء السياسية غير المواتية”. وتتناقض تصريحات رئيس الدبلوماسية المغربية مع تلك التي أدلى بها نظيره الاسرائيلي، سواء من حيث التاريخ أو من حيث التبريرات.
وسط كل هذا، عبرت المملكة المغربية عن مواقف منددة و بشكل متكرر -ربما هي الأقوى على الصعيد العربي- للعدوان الإسرائيلي سواء على قطاع غزة أو في جنين أو تلك المتعلقة بالقدس.
فهل توحي كل هذه المؤشرات على بلوغ ”التطبيع” الموقع في عهد حكومة الإسلاميين بالمغرب للباب المسدود؟ و هل هي دلائل على بوادر أزمة صامتة بين إسرائيل و المغرب؟ أسئلة طرحتها جريدة ”آشكاين” على الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمدينة مراكش.
أزمة بتحولات جيوسياسية
الغالي يرى أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل لا تعرف تقدما كبيرا، رغم الزيارات المعلنة بين البلدين منها لمسؤولين إسرائيلين أهمها تلك التي قادت رئيس ”الكنيسيت”، أمير يوحنا، إلى الرباط، بداية شهر يونيو الماضي، والذي شدد عبرها على مغربية الصحراء وعلى الحقوق التاريخية للمملكة على أقاليمها الجنوبية.
وأبرز الغالي أن الأزمة القائمة حاليا بين البلدين، لها علاقة بالتحولات الجيوسياسية المطروحة الآن، ليس فقط على مستوى منطقة الشرق الأوسط ولكن على مستوى العالم برمته، وكل دولة تدافع عن أهدافها وعن مصالحها الاستراتيجية في إطار ”عقيدة المصلحة”.
في المقابل، أكد ذات المحلل للعلاقات الدولية أنه من السابق لآوانه القول بأن الاتفاق بين المغرب وإسرائيل وصل إلى الباب المسدود، على اعتبار أن الاتفاق الثلاثي الذي سمح بإعادة ربط العلاقات بين المملكة المغربية وإسرائيل واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، كان من الأمور الأساسية فيه، أن الاتفاق ”لا يمكن أن يمر بأي وجه من الأوجه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني”.
وأعطى الغالي نموذجا على ذلك، بقيام الملك محمد السادس، بعد توقيع الاتفاق، بعقد اتصال مع الرئيس الفلسطيني، عباس أبو مازن، يؤكد من خلاله أنه (أي الاتفاق) لا يمس بحقوق الشعب الفلسطيني وبأن المملكة تبقى وفية لالتزاماتها سواء عبر لجنة القدس التي يرأسها الملك، أو من خلال بيت مال القدس، المنوط لها حماية المقدسات الإسلامية من التهويد.
ويشير المتحدث أن تأخر إسرائيل في الإعلان الرسمي عن الاعتراف بمغربية الصحراء، غير مرتبط فقط بمكان تنظيم قمة النقب، بل إن المملكة متريثة وملتزمة في إطار ما يكفل حقوق الشعب الفلسطيني، خاصة وأن إسرائيل تمادت مؤخرا، قابله تنديد من المملكة وإعلان بوريطة تأجيل القمة والتنديد بالهجوم الاسرائيلي على جنين.