لماذا وإلى أين ؟

قـــراءة في مَضامين تقريـر الجواهري أمام الملك مع الباحِث الاقتصادي زهير لخيار (ضيف السبت)

قدم عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أمام الملك محمد السادس، التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية بالمغرب، برسم سنة 2022.

الجواهري، أشار في تقريره إلى أن الاقتصاد الوطني، سجل نسبة نمو بطيئة لم تتجاوز 1.3 في المائة، مقارنة مع سنة 2021 (8 في المائة)، وذلك بسبب تداعيات الجفاف الحاد الذي أثرعلى القطاع الفلاحي القلب النابض للاقتصاد بالمغرب، إضافة إلى السياق الدولي الصعب.

والي بنك المغرب، شدد أمام الملك أيضا، على أن المغرب لم يسلم من التصاعد الحاد للضغوط التضخمية الذي ميز السنة، فبعد نسبة لم تتعد في المتوسط 1,5 بالمائة خلال العشرين سنة الماضية، بلغ التضخم 6,6 بالمائة في 2022 وهو أعلى مستوى منذ 1992.

وأمام وضع كهذا، أوضح والي بنك المغرب أن بنك المغرب عمد إلى تشديد سياسته النقدية لتسهيل عودة التضخم إلى مستويات تنسجم مع هدف استقرار الأسعار، وهكذا، رفع سعر الفائدة الرئيسي ليصل إلى 2,5 بالمائة في نهاية السنة.

للوقوف عند أبرز ما جاء في التقرير السنوي للبنك المركزي ودلالته، أجرت جريدة ”آشكاين”، حوارا من ثلاثة أسئلة مع الباحث الاقتصادي زهير لخيار، في فقرة “ضيف السبت”، هذا نصه:

قراءة أولية لمضامين ما جاء في تقرير الجواهري؟

أولا القراءة الأولية للتقرير الذي تقدم به السيد والي بنك المغرب أمام جلالة الملك، فهو بطبيعة الحال يُقدم بهذا الشكل مع اختلاف في مضامينه من وضعية اقتصادية إلى وضعية أخرى.
بالطبع، والي بنك المغرب يبسط الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية للمغرب، ثم بعد ذلك الحكامة وإنجاز مهام البنك، ثم التقرير المالي للبنك.

بالنسبة لهذه السنة فإن ما يمكن أن نراه بارزا في هذا التقرير هو المساهمة الكبيرة لتحويلات مغاربة العالم وكذلك مداخيل السياحة، والتي تظهر بشكل جلي في هذا التقرير، حيث إنها ساهمت بقوة في تثبيت الاقتصاد المغربي، من بعد الصدمات التي خضع لها على غرار دول العالم.

كيف تقرؤون الوضعية الاقتصادية بالمغرب بناء على التقرير؟

التقرير عرًج على أهم مؤشر في الاقتصاد وهو مؤشر النمو الذي بلغ س 1.3 في المائة سنة 2021، مقابل 8 في المائة السنة التي قبلها، وهو بطبيعة الحال معدل نمو ضعيف، تبرره مجموعة من الحيثيات التي تحدث عنها مختصون في المجال، من قبيل تأثير جائحة ”كورونا”، والجفاف الحاد الذي عانى منه المغرب، وعوامل أخرى عديدة…

هناك أيضا انخفاض عجز الميزانية الذي سجله التقرير، وهو أمر مهم جدا، حيث إن عجز ميزانية المغرب انخفض إلى 5.6 في المائة، لكن في المقابل تضخم التضخم، بمعنى أن مستوى التضخم كان مرتفعا جدا ببلوغه 6.6 في المائة، وهذا هو حال ميكانيزمات الاقتصاد، بمعنى أنه إذا أردت التخفيض من مؤشر معين لابد أن يرتفع مؤشر آخر.

بالتالي، من الواضح أن تخفيض عجز الميزانية كان على حساب تضخم كبير، الذي وصل حسب التقرير إلى 6.6 في المائة.
ما جاء به التقرير، وهذا هو المهم وأريد أن أركز عليه، وهو أنه ذكًر بمسألة مهمة في الاقتصاد وهي تثمين الرأسمال البشري، وذكر بالمجهودات المبذولة، خصوصا بعد توصيات وجهود جلالة الملك في هذا الإطار، إذ أن الملك أسس لتعميم الحماية الاجتماعية، إصلاح نظام التعليم، كما دعا الحكومة إلى القيام بتحديث القطاع العمومي وكذلك تحفيز الاستثمار، وقد شرعت الحكومة في ذلك من خلال ميثاق الاستثمار الجديد، لكون تحفيز الاستثمار يولد النمو الذي ينبثق منه التشغيل.

ما يميز الاقتصاد المغربي عموما، وأشار إليه التقرير، هو الشراكة مع الدول الأخرى، خصوصا الافريقية وكذلك الاستثمار داخل المغرب، الناتج بالطبع عن الاستقرار السياسي الذي يتمتع به المغرب، وهذا عامل أساسي جدا في الاستثمار وفي الاقتصاد بشكل عام.

هل تتوقعون تعافي الاقتصاد الوطني خلال السنة الجارية، أم أنه سيجل نسبة نمو ضعيفة وتضخم مرتفع كما جاء في التقرير؟

فيما يتعلق بما يشهده المغرب من تضخم إلى غير ذلك، فلن نتعرض إلى الأسباب والمسببات وكيف حصل ذلك، بقدرما فقط سأجيب على سؤالكم المرتبط بالتعافي، كما تعلمون أن الاقتصاد قوي بموارده، لكن تبقى مسألة التعافي من عدمها، رهينة بعدة عوامل خارجية وداخلية.
فيما يخص العوامل الخارجية، فمن أهمها التسوية الروسية الأوكرانية، لأن هناك حرب قائمة أثرت بشكل كبير على المغرب، كما الشأن بالنسبة للعديد من الدول، خصوصا في ما يتعلق بمسألة الحبوب ومسألة النفط إلى غير ذلك، بالتالي فعلى المستوى الخارجي هاته المسألة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المغربي.

بالنسبة للمستوى الداخلي لن نعود إلى الميكانيزمات الميكرو اقتصادية والحديث عن كيفية محاربة التضخم إلى غير ذلك، لكن ما أقترحه شخصيا هو تفعيل التوصيات والتعليمات وما يجتهد فيه جلالة الملك في هذا الإطار. كما ذكرت سلفا مسألة تحفيز الاستثمار مهمة جدا ومعروف في الاقتصاد أن الاستثمار دائما ما يكون سببا في النمو وسببا في التشغيل.

لا بد أن ترافق الاستثمار، حماية اجتماعية تستدعي تحديث القطاع العمومي. هذه الثلاثية التي ما فتئ جلالة الملك يوصي بها هي مهمة جدا لنسج وبناء اقتصاد قابل أن يصمد أمام الصدمات، لذلك فهذه الثلاثية؛ تحفيز الاستثمار، حماية اجتماعية وتحدبث القطاع العمومي، أعتقد أنها مهمة جدا لجعل الاقتصاد متينا يقاوم الصدمات الداخلية والخارجية.

كذلك من بين الأمور التي ينبغي الانتباه إليها، وكان مناط خلاف في نقاشنا حول أسباب التضخم، بين من اعتبره نقديا و الذي استدعى تدخل البنك المركزي برفع سعر الفائدة المديري، في حين هناك رأي آخر، أشاطره، وهو أن مسألة التضخم مرتبطة بالعرض وليس ما هو نقدي، وعليه ينبغي العمل على تزويد السوق الداخلية بكافة الخدمات التي يحتاجها المواطنون وبالتالي يرتفع العرض ينتج عنه انخفاض الأثمان ولا نسقط في التضخم، لا ينبغي المراهنة بدرجة أولى على التصدير قبل ضمان الاكتفاء الداخلي.

وعليه، إذا تم التركيز على مسالة تحفيز الاستثمار والحماية الاجتماعية وتحديث القطاع العمومي وكذا، أمور التي تعد ماكرواقتصادية وأهمها تزويد السوق الداخلية قبل القيام بالتصدير، أعتقد أن الاقتصاد الوطني سيكون بأحسن من الحال الذي عليه الآن.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
5 أغسطس 2023 22:12

نعم عن 2021 ولكن ماذا عن 2023, ؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x