2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أصدرت مندوبية السجون بلاغا حول الوضعية الحالية للفضاء السجني و ما يعانيه من “اكتظاظ غير مسبوق”، مطالبة في بلاغها الصادر يوم الإثنين 7 غشت 2023، السلطات القضائية و الإدارية بـ”الإسراع لإيجاد الحلول الكفيلة بمعالجة هذه الإشكالية”، لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من “اختلالات” أو حتى “انفلاتات أمنية”، وفق تعبيرها.
دق مندوبية التامك لناقوس الخطر إزاء اكتظاظ السجون، و ما يمكن أن ينتج عنه من مشاكل ترتبط أساسيا بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج، يجعل السؤال مشروعا عن الحلول المُتاحة لتفادي مشكل الاكتظاظ دون الإخلال بمنظومة العدالة التي تقتضي الحفاظ على الأمن والطمأنينة من خلال ردع المجرمين.
في هذا السياق، يرى الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الحقوقي محمد الزهاري، أن “ما يمكن أن يكون محط قراءة هو التفاعلات التي أحدثها البلاغ الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج، سواء من نادي قضاة المغرب أو الودادية الحسنية للقضاة أو من رئاسة النيابة العامة، وهو الذي جعل هذا البلاغ يأخذ بعدا آخر، في حين أن هذه الأطراف كلها أطراف لرسم سياسة عمومية معينة تدبر السكن السجني أو الفضاء السجني للساكنة السجنية”.
وأوضح الزهاري في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “هذا مرتبط بسياسة عمومية يفترض أن الحكومة كجهاز تنفيذي أن تأخذها بعين الإعتبار، لأنه سنويا تقدم ميزانية فرعية للمندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج وتتم المصادقة عليها، وهذه الميزانية تتضمن ميزانية التسيير و التجهيز، وهي الميزانية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار خلال العرض المقدم و خلال الميزانية المقترحة، بأن هناك نواقيس الخطر تدق على مستوى الاكتظاظ الخطير والمهول والكارثي الموجود في السجون”.
وشدد على أنه “لا يمكن أن تتخذ قرارات بعيدا عن سياسات عمومية واضحة، من خلال الحديث عن حاجيات هذا الفضاء السجني من موارد بشرية، تغذية كما هو متعارف عليه دوليا في القواعد النموذجية لمعاملة السجناء، وكذلك في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وفي نفس الوقت البنيات التحتية الأساسية”.
وأشار المتحدث إلى “أننا في مجتمع تتطور فيه الجريمة، ما يعني أن القضاء الزجري لابد أن يكون رادعا للحد من هذه الجريمة، وذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر العبور عبر قنطرة الفضاء السجني، أي عبر تحول هذا المجرم إلى ساكن في المؤسسة السجنية”.
ولفت الانتباه إلى أن هذا “يجب أن تتم معالجته وفق رؤية حكومية واضحة خاصة أننا اليوم نتكلم على إشراف بين وزاري بين المندوبية العامة للسجون بعدما تحولت من مديرية تابعة لوزارة العدل سنة 2008، ونحن نعيش اليوم عمر بنية تمتد لـ15 سنة، وكان من المفروض، بعدما تعاقب عليها مديران عامان، أولهما المدير المؤسس لهذه البنية هو حفيظ بنهاشم الذي كان مديرا عاما للأمن الوطني، والمدير الحالي محمد صالح التامك، الذي كان رئيس ديوان وزير الداخلية”.
وشدد المتحدث على أنه “يجب أن نمتلك اليوم ما يكفي من الجرأة والشجاعة كي نتحدث على أن هناك سياسية حكومية فاشلة في هذا الاتجاه، وهذا لا يمكن حله على حساب تقييد صلاحيات النيابة العامة بصفتها سلطة الادعاء الحامية للحقوق والحريات، وهو ما يحتم عليها أن تقوم بواجبها كاملا لحماية الحقوق والحريات و ردع الإجرام للحفاظ على الأمن و سلامة المواطنين، وذلك لن يتم إلا بوجود فضاءات سجنية يمكن أن تكون هي الملجأ لهؤلاء المجرمين”.
وأفاد الفاعل الحقوقي أنه “بغض النظر عن المغرب، ففي أي بلد ديموقراطي يجب على القضاة أن يقوموا بدورهم وليس لديهم دخل فيما تعلن عنه إدارة السجون بأن هناك نقصا أو اكتظاظا او سوء تغذية أو اعتقالا احتياطيا خارج المستويات الدولية المتعارف عليها، ما يعني أن مندوبية السجون لا يجب أن تحمل المسؤولية للجهة القضائية، بل يجب أن تحملها للجهة الحكومية المختصة لأنها فشلت في سن و إيجاد سياسة عمومية واضحة لمؤسسات سجنية تراعي القواعد النموذجية لمعاملة السجناء والحدود الدنيا للتعامل معهم”.
وتابع أنه “يجب أن يتدخل المشرع المغربي وليس القضاة أو النيابة العامة، وذلك لتشريع عقوبات بديلة غير العقوبات السالبة للحرية وهذا ما أثير حوله لما جاء وهبي بمشروع العقوبات البديلة من خلال أربع حالات”.
وأردف الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أنه “لا يمكن اللجوء إلى الكوطا في الاعتقالات مثلا، كما أثير ذلك سابقا في نقاش إصلاح منظومة العدالة في فترة الوزير الرميد، بأن يفرض على القضاة مثلا عدد محدود تتم إحالتهم للسجن، كأن يفرض عليهم أن يودعوا في السجن 5 من أصل 20 شخصا تمت إحالتهم على الحراسة النظرية”.
وخلص الزهاري إلى “أنه يجب أن تكون هناك سياسة عمومية واضحة، وعلى المشرع التدخل، آنذاك نرى الأطراف التي ستنفذ القانون، وهؤلاء القضاة، سواء قضاة التحقيق أو قضاة الموضوع فهم مرتبطون بالنص التشريعي ولا يحق لهم الاجتهاد خارج النص”.