لماذا وإلى أين ؟

الدرويش يرصدُ أسباب غياب المغرب عن تصنيف “شنغاي لأفضل 1000 جامعة بالعالم” (حوار)

تغيب الجامعات المغربية مجددا عن تصنيف “شنغاي لأفضل 1000 جامعة في العالم”، في الوقت الذي تستمر فيه الجامعات الأمريكية والبريطانية في تصدر القائمة ودخول جامعات عربية جديدة إلى التصنيف.

فعلى مستوى دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة هذه الدول بـ12 جامعة، تلتها مصر ب7 جامعات وجنوب إفريقية أيضا ب7 جامعات، فالإمارات بثلاث مؤسسات جامعية ثم جامعية واحدة لكل من قطر ولبنان وتونس وإثيوبيا وغانا.

استمرار غياب الجامعات المغربية عن هذا التصنيف المرموق دفع “آشكاين” إلى السؤال عن الأسباب والمعايير المتعتمدة والمسؤول عن هذا الغياب، ليجيبنا محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين، في الحوار التالي:

 

في ما يلي نص الحوار:

بداية، كيف يمكنك تعريف تصنيف “شنغاي لأفضل 1000 جامعة بالعالم” لقراء “آشكاين”؟

تصنيف شنغاي هو من أقوى التصنيفات الخاصة بالجامعات دوليا من القارات الخمس، و هو يصدر منذ 2003 في 15 غشت من كل سنة، وللأسف تغيب الجامعات المغربية عن قائمته لعدة اعتبارات.

وما هي هذه الاعتبارات؟

التصنيف يعتمد على معايير تتمثل عمومًا في معيار الحاصلين على جوائز نوبل للأساتذة أو الطلبة، و معيار النشر في المجلات المحكمة، و إعداد الاستشهادات بخصوص قضايا هذه المقالات العلمية، و جودة التعليم وجودة هيئة التدريس، وذلك من خلال تقييم المردودية على المستويين الداخلي والخارجي، وتكون عبر تقييمات الطلبة والشعب، واعتماد اللغة الإنجليزية في غالب الأحيان و كذا الصينية و الاسبانية في نتائج البحث، بالإضافة إلى معيار أعداد الطلبة والأساتذة وحجم الجامعات والمؤسسات البحثية .

ولا بد من التأكيد بأن نتائج هذه السنة لم تكن مفاجئة لنا لأن شروطا أساسيةً غائبةً و غير متوفرة في منظومة تعليمنا العالي. فالمستوى اللغوي لأغلب طلابنا ضعيف اذ تجدهم لا يتقنون لا عربية و لا انجليزية و لا إسبانية و لا فرنسية و أحيانا ضعفهم تجده حتى في الدارجة.

بغض النظر على مستوى الطلاب، ماذا عن الأساتذة الباحثين والإمكانيات المتوفرة لهم؟

الإمكانات غير متوفرة دائما للأساتذة الباحثين وحتى الطلاب، ويشتغلون في ظروف أحيانا تكون قاسية، والمساطر المالية معقدة، ومجموعة كبيرة من المختبرات غير مجهزة، والتعامل الإداري الضيق مع الأستاذ الباحث غير مشجع، ينضاف إلى كل هذا الظروف الاجتماعية لأغلب طلابنا غير مساعدة اجتماعيا وترفيهيا وتعليمًا و تكوينا. و ليس للجامعات المغربية أسماء حصلت على نوبل حتى تتقوى الحظوظ.

ثم إن الإساءة التي كثرت خلال هذه السنوات لجسم الأساتذة الباحثين و التنكيل بهم وكثرة المقالات الصحفية في مختلف المنابر تضر بسمعة تعليمنا العالي وطنيا و دوليا، فلا شيء يغيب في زمننا هذا عن المتابعة . فالحديث عن فساد مجموعة من المسؤولين و انحراف مجموعة من الأساتذة و التدخل في أغلب لجن اختيار الرؤساء و العمداء و المدراء بمنطق المحسوبية و الزبونية و تبادل المصالح و شياع بيع الدبلومات و الرشوة بمختلف أنواعها… كل ذلك يمس بهبة المنظومة و احترام مكوناتها، أضف إلى ذلك عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة في كل المستويات و عدم تنفيذ مقتضيات القوانين المنظمة للتعليم العالي و مركزية القرارات حتى البيداغوجية منها … كل ذلك يشكل أسبابا حقيقية في عدم تواجد جامعاتنا ضمن الأوائل في ترتيب شنغاي و غيره .

مقاطعة، وكيف هو الوضع أمام كل هذه الإشكالات؟

هناك مبادرات و اجتهادات لمجموعة من الأساتذة الباحثين بشكل فردي أو في إطار مختبرات أو ضمن جمعيات عالمة والتي بفضلهم نحصل في بعض الأحيان على اعترافات دولية، و هذا النموذج من الأساتذة هو الذي جعل جامعة محمد الأول تصنف ضمن 400 ليس في باب تقييم الجامعات و لكن في باب فرق البحث، و بالمناسبة نهنئ أعضاءه و ننوه بأعمالهم .

ومن المسؤول عن هذا الواقع؟

إن واقع منظومة التعليم العالي ببلادنا يسائلنا جميعا و يتطلب رجة عميقة و قوية من أجل حلحلة مجموعة من تمظهرات الانحراف فيه و التي تتسبب بالإحباط لدى مجموعة كبيرة من الأساتذة الاجلاء الباحثين المرموقين . فكم من أستاذ باحث ساهم بنجاح كبير في الدبلوماسية الاكاديمية المعرفية من جامعات مختلفة و في المقابل لم يتلق أي إشارة من القائمين على المنظومة.

و ما يتم الترويج له هذه الأيام من مشروع إصلاح المنظومة، والذي تبناه رئيس الحكومة المحترم في جلسة عمومية أمام نواب الأمة، ظروف تفعيله غير متوفرة و شروط نجاحه غير مضمونة لأن العمل تم من فوق إلى تحت و هذا وحده كفيل بفشله.

أؤكد أن غلب المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح المعنية بالإصلاح يدبرها عمداء بالنيابة و مجموعة من الجامعات رؤساؤها بالنيابة أو عينوا حديثا مما يعني أنهم لم يشاركوا في التهييء الفوقي و أغلب الأساتذة لا علم لهم بمكونات الإصلاح إذ سجلنا قطيعة بين مجموعة منهم و بين مسؤولي مجموعة من المؤسسات.

إنه هدر الزمن الجامعي و هدر للمال العام، فهل في هذه الظروف وبهذه المعطيات نريد أن تصنف جامعاتنا ضمن الأوائل ؟ لا أعتقد.

و ماذا تقترحون؟

اعتباراً للطاقات المغربية و لما أبانت عنه في مجالات شتى جماهرية و رياضية و ثقافية و علمية فإن جامعاتنا بما تزخر به من طاقات اكاديمية في مختلف العلوم و المعارف قادرة على أن تتبوأ مكانة متميزة ضمن ترتيب الجامعات الدولية، و يكفي لبلوغ ذلك إجراءات و قرارات نلخصها في مايلي:

-احترام القانون و ربط المسؤولية بالمحاسبة في كل المستويات.

-مراجعة المساطر المالية و التدبيرية للمؤسسات و المختبرات و المشاريع العلمية.

-استعادة المكانة التي كان يحظى بها الأستاذ الباحث ضمن سلم الوظيفة العمومية و الكف عن انتهاك مقتضيات القانون المنظم للتعليم العالي.

-الابتعاد عن منطق الزبونية و المحسوبية في تدبير المنظومة و تجميع أقطاب التكوين و البحث العلمي حسب تخصصات تلائم مقتضيات الجهوية و الاهتمام بالموارد البشرية موظفين و أساتذة و طلابا…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Ahmed
المعلق(ة)
18 أغسطس 2023 20:28

من كاتب وطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي إلى رئيس المرصد الوطني المنظومة التربوية و التكوين …دبا عاد فهمنا شكون كيسير النقابة الوطنية للتعليم العالي و سياسة تبادل الادوار و عطيني نعطيك ، لذلك ماشي غريب عندما نسمع ان الصباني و رفاقه باعو الماتش فيما يخص النظام الاساسي لاساتذة التعليم العالي ..

احمد
المعلق(ة)
19 أغسطس 2023 12:54

فاقد الشيى لا يعطيه ومن فشل في تدبير اطار نقابي لا يقدر على اعطاء وصفة حقيقة للنهوض بالتعليم العالي، والوصفة المذكورة اعلاه بئيسة ولا تنفد الى عمق المشكل الذي يعاني منه قطاع التعليم والتعليم العالي بالخصوص، وباختصار من لا تعليم له لا مستقبل له حتى وإن ملك تروات الارض كلها.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x