لماذا وإلى أين ؟

أحمد نور الدين يَعُــدُّ خلفيات زيـارة مسؤولٍ أمريـكي إلى المـغرب و الجــزائر بعد مقتل شابَّيْ السعيدية

أعلنت الخارجية الأمريكية، الخميس 31 غشت المنصرم، عن زيارة مرتقبة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى كل من المغرب والـــجزائر.

وقالت الخارجية، في بلاغ مقتضب، على صفحتها الرسمية بموقع التواصل “إكس”(تويتر سابقا)، إن “نائب مساعد وزير الخارجية جوش هاريس، سيسافر إلى المغرب و الجزائر للتشاور حول نزاع الصحراء والأمن الإقليمي و إعادة التأكيد على دعم الولايات المتحدة الكامل للعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة  حول الصحراء”.

وجاء الإعلان عن هذه الزيارة في سياق محموم بالتوتر بين المغرب والجــزائر، خاصة بعد إقدام خفر السواحل الجزائري على قتل شابين مغربيين يحملان الجنسية الفرنسية، كانا على متن دراجات “جيت سكي” بعدما ضلوا الطريق ودخلوا المياه الإقليمية للجزائر، فيما جرح من كانوا معهم واعتقل آخر لدى السلطات الجزائرية. كما أن هذه الزيارة تأتي وسط أنباء متواترة عن زيارة مرتقبة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان ديميستورا للمنطقة، وهو ما يجعلنا نتساءل عما وراء هذه الزيارة وما الجديد الذي قد تحمله لملف الصحراء المغربية.

في هذا الصدد، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الدولية، أحمد نور الدين،  إنه “لا يمكن الحديث عن هذه الزيارة دون الحديث عن تزامنها وعن توقيتها وظروفها، حيث إن الإعلان عنها تم يوم أمس، وتزامن مع الحادث المروع والاغتيال الجبان لشبان مغاربة كانوا يستجمون على شاطئ السعيدية على الحدود مع الجارة الشرقية، وهذا الجانب الأول”.

وأوضح أحمد نور الدين، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “هناك جانبا آخر، كون هذه الزيارة للمغرب والجزائر من قبل نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، تأتي بعد أقل من شهر من زيارة وزير الخارجية الجزائري  إلى واشنطن، وقيل آنذاك من بعض مصادر المعارضة الجزائرية، أنه كان استدعاء لوزير الخارجية الأمريكي، والأعراف الدبلوماسية لا تسمح باستعمال هذا الأسلوب، ولكن أخبار من الدبلوماسية الجزائرية، خاصة من طرف المعارضين، تؤكد أنه كان استدعاء لتأنيب أو استفسار أو لتحذير الجزائر من بعض الملفات”.

أحمد نورالدين ــ خبير في العلاقات المغربية الجزائرية

وأشار نور الدين إلى أن “هذا التوتر بسبب اغتيال شابين برصاص البحرية الجزائرية، رغم أنه في مثل تلك الحالات الظروف واضحة بأن هناك شبابا يلعبون بـ”جيت سكي” كان المفروض في أقصى الحالات أن يتم اعتقالهم واقتيادهم إلى التراب الجزائري وأن تتم محاكمتهم وفي بعض الأحيان تصدر أحكام بالتسليم و الطرد سواء عن طريق الحدود التي دخلوا منها أو يتم تسليمهم عن طريق الدبلوماسية المعروفة”.

وأردف أنه “رغم أن العلاقات مقطوعة فهناك طرق دبلوماسية معروفة في مثل هذه الحالات، مثلا الدولة التي تقوم بمهام السفارة المغربية في الجزائر، أو الدولة التي تقوم بمهام السفارة الجزائرية في المغرب، أو دولة ثالثة وسيطة، وهذا يبقى تفاصيل مصاحبة لهذه الزيارة، ولكن المهم في زيارة المسؤول الأمريكي هو ما أعلنت عنه الخارجية الأمريكية هو أن الزيارة ستتناول الأمن الإقليمي والدعم الكامل للعملية السياسية في الصحراء المغربية”.

وشدد على أنه “بالحديث عن الأمن الإقليمي فالموضوع واضح، فملابسات اغتيال الشابين شيء بسيط جدا مقابل الاستفزازات الأخرى التي تقوم بها الجزائر في السنتين الأخيرتين، منذ إعلان قطع العلاقات أو حتى قبيل  قطعها، مثل احتلال واحة  العرجة في 18 مارس 2021، الحملة المسعورة التي يشنها الإعلام الرسمي الجزائري، بما فيه التلفزيون الرسمي والقنوات الرسمية و وكالة الأنباء الرسمية الناطقة باسم الدولة الجزائرية، ثم تصريحات المسؤولين الجزائريين من الرئيس إلى البرلمانيين إلى الوزراء وقادة الجيش”.

ولفت الانتباه إلى أن “تصريحات الرئيس الجزائري لصحيفة “لو فيغارو” بأن قطع العلاقات  كان بديلا  عن الحرب، مما يعني أن الجزائر توجد على أهبة الاستعداد لمهاجمة المغرب وشن حرب عليه، بالإضافة إلى المناورات بالذخيرة الحية 3 مرات سنويا، بالتماس مع الحدود المغربية من السعيدية إلى تندوف، أي أن 1400 كيلومترا تجري فيها المناورات البرية و البحرية و الجوية”.

وعن سؤال “آشكاين” عن علاقة هذه الزيارة بما يروج من أنباء عن زيارة مرتقبة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، قبيل تقديم تقريره لمجلس الأمن في أكتوبر القادم، وما إن كانت هذه الزيارة تمهيدا لزيارة ديميستورا، أوضح الخبير في الشؤون الخارجية، أن “الأمر أخطر من ذلك، لأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقوم مقام الأمم المتحدة أو المبعوث الشخصي للأمم المتحدة، علما أن الولايات المتحدة عضو في مجلس الأمن وتدعم المسلسل، ولكن ما جاء في  إعلان الخارجية عن هذه الزيارة من قبيل الأمن الإقليمي وملف الصحراء، فإن الأمر أكبر من التحضير لمهمة دي ميستورا”.

موردا أنه “ليس من وظيفة الولايات المتحدة الأمريكية أن تمهد لدي ميستورا، والأخير وراءه مجلس الأمن، ويمكن للمجلس أن يصدر بيانا في حال عرقلة مهام دي ميستورا، ويدين فيه الجانب الذي يعرقل”.

ويرى المتحدث أن “الزيارة ترتبط أكثر بمناخ الحرب الذي يسود المنطقة، لأننا اليوم تجاوزنا حتى مرحلة قرع طبول الحرب، حيث بدأنا في الاستفزازات، من خلال ما ذكرنا، والاتهامات المتوالية، اتهامات بإشعال الحرائق وتمويل حركة ماك، رغم أن المغرب بريء منها و فرنسا التي توجد فيها الحركة لا تتهمها الجزائر، واتهم المغرب بتدعيم حركة رشاد الإسلامية المناهضة للنظام الجزائري”.

واعتبر أن “هذه الاتهامات يمكن أن ندرجها في مقدمات الحرب، كما فعلت الجزائر سنة 1963 مثلا، عندما هاجمت مركزا حدوديا وقتلت 10 “مخازنية” من القوات المساعدة وتم ذبحهم، وكانت تلك شرارة لحرب الرمال، ما يعني أن الجزائر كررت أساليبها من أجل جر المغرب للحرب، سواء في الصحراء المغربية حينما تم اقتحام شاحنتين جزائريتين أو ما حدث بعدها”.

ولم يستبعد الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية أن يكون حادث السعيدية على علاقة بحادث الشاحنات، موردا أن “شبكات التواصل بالجزائر يتغنون اليوم بكون حادث السعيدية هي قصاص للشاحنات الجزائرية، حيث ربطوا اغتيال شباب كانوا يستجمون، باختراق الحدود الدولية من طرف شاحنات محملة ببضائع مفروض عدم دخولها لأنها منطقة عسكرية بحكم الاتفاقات التي تربط الأمم المتحدة بالمغرب والجزائر، وبحكم الصراع القائم هناك، وبحكم إعلانات العودة إلى الحرب التي أعلنتها الجزائر والجبهة الإنفصالية”.

وأكد على أن “ما ذكر سلفا هي مقدمات حرب، والرابط بين بلاغ وزارة الخارجية الذي تحدث عن الأمن الإقليمي وملف الصحراء، وبين هذه العناصر كلها هو أن الحرب قاب قوسين أو أدنى، والسبب المباشر هو الصحراء المغربية، والحرب إذا اندلعت فإنها ستهدد الأمن الإقليمي ليس فقط للمنطقة المغاربية، بل لجنوب غرب أوروبا، وستهدد الملاحة في أحد أهم المعابر الدولية للملاحة التجارية بمضيق جبل طارق الذي تتم منه 40 بالمائة من التجارة الدولية، وإذا أضفنا لذلك في منطقة الساحل والصحراء، تدخل قوات فاغنر الروسية في المنطقة”.

وخلص إلى أن “هذه العوامل كلها تشير إلى أنه إذا اندلعت الحرب بين المغرب والجزائر، فالمنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى القرن الإفريقي ستصبح منطقة ملتهبة وبالتالي سيصبح الأمن العالمي هو المهدد وليس الأمن الإقليمي فقط”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x