لماذا وإلى أين ؟

لماذا عيد العرش؟

بعد أيام قليلة سيحتفل الشعب المغربي والأسرة العلوية المجيدة بالذكرى (19) لتربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه الميامين، وهي ذكرى ليوم مشهود تلتقي فيه المشاعر بين جلالة الملك والمواطنين الأوفياء، وهذه الذكرى لها بصمة وصولة وفرحة تبتهج بها نفوس المواطنين من طنجة إلى الكويرة في الحواضر والقرى، وهي بحق ذكرى تختلف عن سائر الذكريات حيث يتواصل فيها الملك والرعية عبر خطاب سامي لصاحب الجلالة يُطْلع من خلاله جلالته شعبه العزيز عما تم انجازه، وما هو مخطط لانجازه في السنة المقبلة من مشاريع تنموية، وهو خطاب شامل يتسم باستراتيجية متكاملة تهم السياسة الداخلية والخارجية.

إن يوم هذه الذكرى تكلفت به عناية الله بتحديد ميقاته على صفحات التاريخ منذ عهد فقيد العروبة والاسلام جلالة محمد الخامس طيب الله ثراه، وهو يعد يوم جديد، و لقاء تجديد الولاء والبيعة والوفاء للعرش المجيد وللجالس عليه جلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره ووفقه.

ذكرى عيد العرش المجيد يعد يوم تاريخي لتجديد العهد والتناصر والترابط وتقوية العزائم المترادفة لدرأ المكاره ودفع الخطوب وجلب المنافع وتوفير المصالح، وتوظيف أخطاء السنة الماضية والاستفادة منها برسم مستقبل واعد تتحقق فيه المقاصد الاجتهادية وتفعيل المشاريع المرسومة.

ذكرى عيد العرش المجيد، هي ذكرى لها دلالاتها المتميزة بما ترمز إليه من استمرار وما يدل عليه من استرسال وما تعنيه من تبادل العواطف وتقاسم الأعباء، وهي ذكرى متأصلة من عادات وتقاليد المغاربة تبعث في النفوس الشعور بأن الأعوام تمر وهي متشابهة متماثلة، ولكن عيد العرش المجيد، وخطاب عيد العرش يولد دماء جديدة في همم المواطنين ويبعث على الآمال في المستقبل، يحفز العزائم لتدارك أخطاء الماضي بنظرة واعدة إلى المستقبل.

من منن الله على هذا البلد الطيب وهذا الشعب الأبي أن بوأه بين الأقطار مقام الاستعداد لتلقي ما يتداول حينا بعد حين من مستجدات الأطوار، وأهله لمواجهة المستجد من أحوال، ومعالجة العارض بالطارئ من المطبات والمشاكل بالعفو والصفح عن المخالف المجانب للصواب دون قصد أو إدراكه للعواقب، وذلك بالنظر الموفق والرأي السديد الصائب والإيمان الراسخ بقدر الله، حيث أن الحكمة تدفع المصائب وتجلب المحبة والتقدير والاحترام.

لقد كان عيد العرش المجيد قبل الاستقلال تعبيرا عن الفرحة باتحاد إرادة الملك وإرادة الشعب، وذكر فقيد العروبة والإسلام محمد الخامس قدس الله روحه في شعور ووجدان الشعب المغربي الأبي بذكر الكفاح المرير في سبيل التحرير والوحدة الترابية، وهو ارتباط يواصله جلالة الملك محمد السادس وسيبقى وسيظل على مر الزمن وتعاقب العصور وثيقا مكينا مسترسلا ومستمرا بين الملك والرعية، وتتعاقب هذه الذكرى المجيدة، وهي راسخة في الأذهان أبا عن جد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

نحيي هذه الذكرى في السنة في ظروف يبلي فيها جلالة الملك محمد السادس وإلى جانبه شعبه العزيز من جديد بلاءه الجميل استكمالا للوحدة الترابية، والعودة المظفرة الى بيته الطبيعي الاتحاد الإفريقي التي بدأت تتجسد على أرض الواقع منذ حوالي السنتين في بناء مستقبل هذه القارة السمراء بناءا مكينا وثابتا يجسد الوحدة والتعاون والتكافل والتآزر، ببعد نظر يؤسس لمشاريع الإنماء في إطار إستراتيجية متكاملة تخدم كرامة الإنسان الإفريقي وتجعله في مقدمة الدول التي تسعى إلى غذ أفضل، وها المغرب بفضل السياسة الحكيمة لجلالة الملك نصره الله، أصبح عضوا فعالا في مجلس السلم والأمن الإفريقي، يساهم بفعالية وبديناميكية معقلنة في حل مشاكل القارة السمراء سياسيا وديبلوماسيا واجتماعيا، ولقد وضع رهن إشارة الأشقاء في القارة السمراء تجاربه وخبراته الميدانية والقطاعية من أجل مساعدة هذه الدول الشقيقة على بناء نفسها بنفسها.

ولا مجال للشك في أن العالم قاطبة يتابع خطوات التقدم والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي في ظل الديمقراطية التي قطع فيها المغرب أشواطا بحكمة ودهاء جلالة الملك محمد السادس، حيث على يديه الكريمتين تنتج يانع الثمرات وفائض البركات، وهو يناصر الحق عن الباطل، يحب السلم والحوار، وجلالته إذا وعد أنجز وعده، وخلال هذه المدة الوجيزة 19 سنة نجد جلالته من خلال المشاريع التنموية والإصلاحات العميقة ، أعطى جلالته الأولوية إلى التنمية البشرية وإعداد المواطن الصالح، والإنشاء والتعمير، والسكن اللائق، ونقل الإشعاع الحضري إليها، بناء الطرق والجسور والموانئ والمعاهد العليا والمستشفيات والمساجد وإصلاح القديم منها، العناية بالشباب والرياضة والمراكز التوجيهية، فضلا عن حقوق الإنسان التي انشأ لها وزارة الدولة ومجالس تعنى بحقوق الإنسان.

وللتذكير فقط، فإن ذكرى الاحتفال بعيد العرش المجيد يعود تاريخه إلى 18 نونبر 1933 وهو تاريخ اعتلاء المغفور له جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله،  ولقد اعتبر هذا الحدث من أهم الأحداث في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، وهي فرصة يغتنمها الشعب المغربي للتعبير عن التلاحم بين العرش والشعب وتجديد البيعة والولاء والعهد والمحبة.

وإن كانت قد وقعت بعض الأحداث خلال سنة 2017 وأوائل سنة 2018 من حراكات والتي تخللتها بعض الحركات الغير المقبولة لدى المغاربة ولا هو متعود عليها، غير أنها جاءت في إطار الممارسة الحقة للديمقراطية وحقوق الإنسان، والمطالب المشروعة السلمية وهي إما بدافع الغيرة على الوطن  أو المطالبة بالمطالب الاجتماعية وتنفيذ المشاريع التي دشنها صاحب الجلالة، وتهاون في تجسيدها على ارض الواقع  بعض المسؤولون، والذين نالوا جزاءهم، وللتأكيد فإن المغاربة يحبون ملكهم أكثر من أنفسهم وهم يقدرون ما يقوم به جلالته من إصلاحات عميقة في كل الميادين مركزيا وإقليميا وجهويا، وما تلك الحراكات في اعتقادي الشخصي، ما هي إلا محاولة إيقاظ الهمة في بعض المسؤولين من أجل بلورة تلك المشاريع على ارض الواقع وأساسا لقد دشنها صاحب الجلالة وهي مشاريع مباركة.

وبهذه المناسبة السعيدة آمل ولي إيمان راسخ بوجود جلالة الملك محمد السادس، كل شيء سيتم إصلاحه و إعادة الأمور إلى سيرتها الأولى، ويتصالح الجميع مع النفس والذات، وعفى الله عما سلف، ووضع اليد في اليد من أجل بناء هذا الوطن الأبي بناءا سليما لتكون للبلد مصداقية واحترام من لدن الأمم.

ومن خلال ما تمت الإشارة إليه، وكما هو في علم كل المواطنين المغاربة، أن جلالة الملك محمد السادس، هو أمير المؤمنين وحامي الملة والدين والضامن لحرية الفرد في الجماعة، ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها، وعلى هذه الأسس شخص جلالة الملك لا تنتهك حرمته، وله واجب التوقير والاحترام والطاعة والولاء الصادق، ولجلالته حماية منظومة حقوق الإنسان المغربي وكرامته وعرضه من خلال قضاء عادل ونزيه، وكل رعايا جلالة الملك سواسية أمام القانون وهم ملزمون بالامتثال إليه لأنه أسمى تعبير عن إرادة الأمة، لا هذا وزير ولا هذا برلماني، ولا هذا موظف سامي، ولا هذا رجل مال وأعمال، ليس لهؤلاء منة على المواطنين ولا هم فوق القانون.

والديمقراطية قد تختزل في كلمتين أساسيتين لا ثالث لهما، وهي الأغلبية والمعارضة التي تفرزها انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وهي مشروعية التمثيل الديمقراطي، ومرجع الحريات والحقوق الأساسية التي يتمتع بها المواطن المغربي، والحفاظ على الثوابت الوطنية والدينية هي التي تشكل معبرا إلى أرقى الحضارات والثقافات.

الروابط والمحبة والوئام والود بين الشعب المغربي والعرش العلوي المجيد متجدرة وثابتة، لا تتأثر بالزمان والمكان ولا تزعزعها الأحداث التظاهرية أو الحراكية، فتلك سحابة صيف عابرة، والعطف والحنان الأبوي قوي، وهو لا ينبض ولا يجف مثله مثل الهواء الذي تحيى به الأنفس ومن دونه ليس هناك حياة، وخير دليل على هذا، تلكم تضحية محمد الخامس قدس الله روحه عندما فضل المنفى عن الجلوس على عرش غير كامل السيادة والاستقلال، وكان الشعب المغربي إلى جانبه كالرجل الواحد، وقاوم الاستعمار الغاشم حتى عاد محمد الخامس رحمه الله مرفوع الرأس إلى عرشه معانقا رعايا جلالته الأوفياء، وواصل المسيرة بعده جلالة المغفور له الحسن الثاني، إذ كانت ذكرى عيد العرش تحيى يوم 3 مارس من كل سنة، وظل هذا الولاء وهذا الوفاء على حاله وطقوسه إلى أن شاءت عناية الله أن تولى قيادة هذا البلد الأمين جلالة الملك محمد السادس، وهو ماض في تقوية هذه الأواصر وهذه المحبة والولاء إلى العرش العلوي المجيد، وكسب من خلالها ثقة الشعب التي لا تتبدل ولا تتغير، وسيرثها الأبناء والأحفاد متضامنون وحبهم لمحمد السادس كالدم يجري في العروق، وبالتالي ينعش القلب ويجيش العواطف النبيلة باستمرارية مرتبطة بتعاضد اللحمة بين الشعب والجالس على العرش، كل عليه واجبات وله حقوق، مما يعني أن جلالة الملك والشعب المغربي متضامنان تضامنا وثيقا لا ينفصم عراهما مهما تغيرت الظروف أو تبدلت الأحوال، فاليد في اليد إلى الأبد، وإلى الأمام، من أجل البناء والإنشاء والإصلاح في ظل الوحدة والتضامن والتكافل والعدل النزيه، والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x