لماذا وإلى أين ؟

زلـــزالُ الحــوز بعيون عالميـة… و ثــرثــرةٌ فرنسية فـي الزمن الضائع..!

إهتـزت الأرض بإقلـيم الحوز و دواويــر الاطلس الكبير و تارودانت و شيشاوة …في ليلة الجمعة 8 شتنبر سنة 2023 في أكبر و أعنف زلزال عرفه المغرب بلـغ 7 درجات على سلم ريتشر ، و تسبب في موت حوالي 3000 مواطن/ة و ضِعـفهم من الجرحى و خسائر مادية عديدة على مستوى المباني السكنية و أماكن العبادة من مساجد و كنائس و بيع يهودية و أماكن مسجلة ضمن الثرات الإنساني العالمي بلوائح منظمة اليونيسكو…

وهو الحدث الجيولوجي و البيئي و الإنساني الذي جعل المغرب من جديد في قلب العالـم ، سياسيه ومفكريه و منظماته الغير الحكومية و إعلامييه ، فمن جهة أولـى أصبح هذا الحدث مـادة سياسية من خلال  تصريحات و مواقف و رسائل المواساة من كل الزعماء و القادة السياسيين و الدينيين في العـالم مع إعلانهم جاهزية إرسال كل أنواع المساعدات الإنسانية في انتظار الضوء الأخضر من السلطات المغربية…

لائحة طويلة من ممثلي المؤسسات الدولية كاللجنة الأوروبية و المجلس الأوروبي و الفاتيكان و الحركة الدولية للصليب الأحمر و الهلال الأحمر ( مقرها جنيف) … و زعماء مجموعة العشرين ( جي 20 ) المجتمعين يومي 9 و 10 بالعاصمة الهندية نيودلهي..اذ صرح الرئيس الهندي Narendra Modi في افتتاح الجلسة بقوله ” قبل بداية اعمال القمة..أود التعبير عن تعازيَ لـقتلى زلزال المغرب ، نصلي من أجل كل الجرحى بالشفاء العاجل ــ و أضاف ـــ الهند مستعدة لتقديم كل المساعدات الممكنة للمغرب في هذه الأوقات الصعبة..”

نعم في هذه ” الأوقات الصعبة ” تهاطلت على المغرب عروض المساعدة المادية و اللوجستية و الطبيـة من كل دول العالم من أمريكا و أوروبا و الصين و روسيا و الهنـد و أمريكا و الدول العربية الشقيقة…حيث استجاب المغرب كمرحلة أولى لمساعدات دولة قطر و الإمارات العربية المتحدة و اسبانيا و المملكة المتحدة…و ترك الباب مفتوحًا لكل المساعدات الدولية الأخرى حسب احتياجات كل مرحلة …من عمليات الإنقاذ و البحث و الإغاثة و الإيواء و التطبيب الى إعادة الإعمار و التنمية المستدامة…

لقد كان المغرب ملكــا و شعبا ” سَـيِّـد اللحظة التاريخية ” بالإلتحام العفوي لمواجهة تداعيات زلزال الحـوز المدمـر..إذ سيذكـر التاريخ إصرار الملك محمد السادس على إهداء دمه إلى الجرحى من مواطنيه و تفقـد حالتهم الصحية بمستشفى مراكش…ثم ترأسـه ثلاثة اجتماعات مهمة في ظرف زمن سياسي وجيـز لتدارس تداعيات الزلزال و مناقشة التدابير الاستعجالية و البرامج المستقبلية للمنطقة المنكوبة…و إعلانه عن التبرع من ماله الخاص في صندوق خاص لمواجهة تداعيات زلــزال الحوز…

كما سيذكـر التاريخ قوافل التضامن و شاحنات محملة بالمواد الغذائية والأدوية الأساسية من كل فج عميق بالمملكة المغربية في إتجاه مناطق مراكش و تارودانت و شيشاوة و ورززات و دواوير الأطلس الكبير…و غيرها من المناطق المتضررة…

و سيذكر التاريخ توظيف المغرب لكل إمكانياته اللوجستية و البشرية من قوات مسلحة و هيئات طبية…وحيوانات مدربة و ” درونات ” طائرات بدون طيار من أجل البحث عن ناجين أو تقديم الدواء لضحايا الزلزال في مناطق ذات طبيعة جغرافية وعرة أو بشبكة طرقية مدمرة أو ضعيفة أو منعدمة….

و سيذكر التاريخ مدى رغبة المغاربة في تجاوز كل تلك الصعاب  و انتصار ” تمغرابيت ” من أجل البحث عن ناجين و إنقاذهم و إسعافهم  و تقديم الطعام و الماء و الخيام…مباشرة بعد تلك الهزة الأرضية العنيفة…

إن قيــم التضامن و التآزر و الإلتـحام العفوي بين العرش والشعب هي أبرز ما ميـز الأمة المغربية في أوقاتـهـا الصعبة…سواء في زمن الحروب و الـكوارث الـطبيعية و مقاومة الحماية و الإستعمار ..أو البناء والإعمار كطريق الوحدة و المسيرة الخضراء و زمن كورونــا وغيرها من اللحظات التاريخية الفاصـلة…

وهي ذات التقاليد الملكية العريقة و النبيــلة التي تمثلت في بعث برقيات الشكر والامتنان من جلالة الملك محمد السادس إلى الدول التي ساعدت المغرب في محنته بالحـوز…و التـي توصل بها كل من ملك الاسبان الملك ” فيليبي السادس”  و رئيس  حكومة تصريف الأعمال ”  بيدرو سانشيز ”  ، و الملك “شارلز الثالث ” و الوزير الأول البريطاني ” ريتشي سوناك ” ، و أمير دولـة قطر الشيخ ” تميم بن حمد آل ثاني ”  ، و رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ” الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “…

و أصبح زلــزال الحــوز من جهة ثانية ، مـادة إعلامية حازت السبق في كل النشرات العالمية و الصفحات الأولى لكبريات الجرائد و المجلات و على شبكات التواصل الاجتماعي و منصة X ( التويتر سابقا ) و غيرها… و بكل ما عجَّت به بعض تلك المواد الإعلامية من ” تسييس ” و أخبار زائفة (فايك نيوز ) و تهويل و تقزيم و تبخيس و ” تجييش “.. وهي صفات ومميزات انفردت بها خاصة قنوات الاعلام الفرنسي التي كانت تعزف ” نَشــازا ” و نرفزة واضحة بعد عدم رد السلطات المغربية على عرض المساعدة الفرنسية…

و الواقع أن المغرب لم يـــرد أيضًا على العديد من عروض المساعدة من دول كبيرة و صديقة…في الوقت الذي إلــتزم فيه إعلامها القوي و العــريــق بأدبيات الحياد و الموضوعية وأخلاقيات مهنية…لكن بعض الاعلام الفرنسي لازالت تسكنه العقلية الاستعمارية المتعجرفة…و لازالت عقلية ” الحماية ” تسكن بعض الفاعلين السياسيين بباريس…الذين استكثروا على المغرب ملكا وشعـبا أن يـــكون ” سـيِّـد قـراره السيادي”…

لذلك لم نُفـاجـأ بتلك الفبركة الإعلامية الفرنسية الرخيصة و محاولاتها للنيل من صورة  المغرب و رموزه الدستورية و الوطنية…و محاولات الضغط عليه لدخول المغرب عبر نافـــذة المساعدات الإنسانية بعد تعسـر باب الديبلوماسية…و التقليل من شأن المؤسسات الدستورية و القانونية و المجهود الخرافي للشعب المغربي في مواجهة تداعيات زلزال الحــوز…

فهل تنويــه الرئيس الأميركي ” جو بايــدن ” أثناء إتصال هاتفي بجلالة الملك محمد السادس… بسرعة وفعالية و نجاعة تدابير زلزال الحوز…و باستعداد الولايات المتحدة الامريكية لتقديم المساعدات و الخبـرة….يكفي لإغـراق كل تقارير و مقالات و رسومات الاعلام الفرنسي المسموم في كوب ماء …؟

أم يجب التذكير بترتيبات السلطات المغربية من أجل استقبال و تسهيل عمل الصحافيين و المراسلين المعتمدين بالمغرب ، و خلق ” خلية خاصة ” منذ الخامسة صباحا ليوم 9 شتنبر لتسهيل مهام وسائل الاعلام الدولية لتغطية زلزال الحوز…؟

اعتقد أنه من المهم في هذا الباب توظيف لـغة الأرقام…فهي أصدق من كل تصريح سياسي كاذب أو نــداء مساعدة ” مخادع “…إذ توصلت المصالح المغربية بطلبات أزيــد من 80 مؤسسة إعلامية و 300 صحافي وتقني…جاءت اسبانيا في المقدمة ب 17 طلب متبوعة بفرنسا 13  طلب ثم المملكة المتحدة ب 10 طلبات و الولايات المتحدة الامريكية 7 طلبات ثم الصين و كوريا الجنوبية ب 4  طلبات وغيرها من الدول في كل بقاع العالم…

و نفس الأرقام و البيانات تُـفيـد بسيطرة التقارير و المقالات باللغة الإنجليزية بخصوص زلزال الحوز على أعلى نسب المتابعة و التأثــير..و حلت المقالات باللغة الاسبانية المرتبة الثانية…فيما جاءت الفرنسية ثالثًا…

وماذا نقــول عن التصريحات الإيجابية و الموضوعية لمئات السياح الحاضرين و ممثلي الشركات و الوكالات السياحية العالمية و مئات الأوروبيين المقيمين بمراكش وقت الزلزال و الإعلاميين والفنانين المرتبطين بندوات و مؤتمرات دولية ذأبت مدينة مراكش على تنظيمها طوال السنة.. و هُــم من مختلف الجنسيات العالمية فرنسية و إيطاليا و اسبانية و بريطانية و ألمانيا و أمريكية…حيث وثَّــق العديد منهم لحظات الزلزال ومنهم من نقلها مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي و منهم من قام بالمتابعة و الكتابة عن التضامن المغربي و عن تدخلات السلطات المغربية لحمايتهم و طمأنتهم…هــذا مع التذكير بسقوط ضحايا فرنسيين أثناء الزلزال المدمر بالحــوز…

لقد انتشرت العديد من الفيديوهات بالمواقع الإعلامية العالمية و على منصات التواصل الاجتماعي…تحكي تجربتهم الشخصية مع زلزال الحوز…و وثّـقُــوا لحظات الخوف و الهرب و البحث الجماعي عن مكان آمـن…قــد يكون الشارع العام أو حديقة مهجورة أو فنــاء واســع أو بجانب مسبح الفندق…كان المهم بالنسبة لهم هو النجاة من سقوط الجدران فوق رؤسـهم…كما وثّــقوا لحظات التضامن و التآزر و امتداده إلى السياح و المهاجرين الأفارقة الذين اختاروا المغرب بلدهم و وطنهم الثاني…

لقد نقلوا بكل صدق إلى كل العالــم و بدون خلفيات سياسية حقيقة وقائـع زلزال الحوز…الحقيقة التي حاول بعض صانعي الكراهية و التبخيس و محترفو فبركة التقارير في الاعلام الفرنسي أن يشوهــوا من قيمتها الإنسانية و يشككـــوا في فعالية مؤسساتها…حيث نقلــوا صور التحدي و الصعاب و صعوبة الجغرافية و عمـق التاريخ.. صور التضامن و قـوافـل المساعدات الغدائية و الطبية…صور البكاء على فـــقْـد الأهل و الجيران و صور الفرح بنجاة آخرين و إسعافهم…صور إنقاذ الحيوانات و إطعامها…صور استقبال شاحنات المساعدات و توجيهها الى مكان إيواء الناجين…تحدثوا عن لحظات صمت غريب قُبيْل الزلزال و صمت الصراصير المفاجئ و صعود جماعي للطيور الى السماء…و بعودة الصراصير إلى غناءها الليلي فهموا أن الأمور عادت الى طبيعتـها…

لقد بــدى واضحا أن العالـــم ليس في حاجة الى عدسات أو أقلام أو استوديوهات محطات التلفزيون الفرنسي من أجل قـراءة ما جـرى ليلة زلزال الحوز في شتنبـر 2023.. و أن التغطية الغير المهنية و الغير المحايدة لكارثة طبيعية و تداعياتها في جوانب إنسانية و إجتماعية و اقتصادية و نفسية…قــد عرت عن عقلية تحـن الى عهد الحماية و الاستعمار و تعتبــر أن المغرب ” محمية ” و مجالا محفوظا  لفرنسا ومصالح فرنسا..في حين أن المغرب حصل على استقلاله و استعاد سيادته بعـد مقاومة شرسة من ملك و شعب ومفاوضات قوية لنخبه الوطنية …و ليس بعد استفتاء مشروط…!

لقد سـاهمت تقارير الدول العربية الشقيقة بكل من قطر و الامارات و السعودية ومصـر…و أعـرق قنوات التلفزيون و الصحافة ببريطانيا و باسبانيا و بـالولايات المتحدة الامريكية و غيرها…فـي قــــراءة الصورة الحقيقة لأحداث زلزال الحوز لشهر شتنبر 2023 ، لكل العالــم من خلال مقالات و تقارير إعلامية عالجت الحادث بكل الحياد و الموضوعية الممكنة و بطريقة متوازنة…عــرَّتْ عن عورة تغطية الاعلام الفرنسي ” المُسـيّـس”…في وقت تطلب احترام لحظات حزن الأمة المغربية…

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x