لماذا وإلى أين ؟

خبيرٌ يربطُ تكذيب النيجر للجزائر بخوفِ الأخيرة من الإنقسام وقيام دولة “الأزواد”

كذب المجلس العسكري الحاكم في النيجر الجمهورية الجزائرية التي أعلنت أن نيامي وافقت على مبادرتها لإيجاد حلّ سياسي في البلاد بعد انقلاب يوليوز الماضي، مؤكدا أن نيامي لم توافق على مهلة الأشهر الستة المقترحة في المبادرة الجزائرية، وإنها تفاجأت ببيان الخارجية الجزائرية الذي يتضمن موافقتها على المبادرة المذكورة.

وتأتي خطوة تكذيب النيجر للجمهورية الجزائرية في سياق تشهد فيه منطقة الساحل توترات سياسية وعسكرية، بسبب هجوم التحالف الثلاثي المكون من النيجر، مالي وبوركينافاسو على الأزواد المدعومين من مجلس المقاومة الطوارقية في النيجر، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول تحركات الجزائر وعلاقتها بالتوتر المشار إليه.

في هذا الإطار، يرى الخبير في العلاقات الدولية وعضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية؛ أحمد نور الدين، أنه لفهم “هذه البروبكاندا الجزائرية يجب أن نعلم بأن الجزائر مرعوبة من التطورات الجارية حاليا في منطقة الساحل وتحديدا في ملف الأزواد والطوارق بصفة عامة، لذلك تسابق الزمن من أجل الحيلولة دون وساطة أي دولة في النيجر أو مالي، وبالخصوص مراقبة دخول المغرب وسيطا يحظى بالمصداقية في هذه البلدان سواء لدى الأنظمة السابقة أو الأنظمة التي جاءت بعد الانقلابات.

وعن علاقة هذا كله ببلاغ النيجر الذي يكذب الخارجية الجزائرية، رد نور الدين في حديثه للصحيفة “الرقمية” آشكاين”، بأن النيجر ومالي وبوركينافاسو أعلنت هذا الأسبوع عن قيام تحالف ثلاثي جديد في منطقة الساحل، وبموجبه تدعم جيوش النيجر وبوركينافاسو مالي في الهجوم الحالي على الأزواد مدعومين بمرتزقة فاغنر الروسية، مضيفا “أمام هذا الوضع أصدر مجلس المقاومة الطوارقية في النيجر والذي يتزعمه مستشار الرئيس المخلوع محمد بازوم، بيانا يدعم فيه حركة تحرير الأزواد في مواجهة التحالف المذكور، كما أصدر المجلس الأعلى للطوارق (انظر نسخة البلاغ) بلاغا يدعم فيه الأزواد”.

بلاغ المجلس الأعلى للطوارق

ووفق المتحدث لـ”آشكاين”، فإن هذا التنسيق بين الطوارق في الدول الثلاث أرعب النظام الجزائري الذي يخشى من مطالب الطوارق بالاستقلال وإقامة دولة لشعب الطوارق الذي مزقه الاستعمار الفرنسي بين أربع دول، مشيرا إلى أنه إذا قامت دولة للطوارق، فإن الجزائر ستفقد على الأقل ربع مساحتها الجغرافية الموروثة بغير حق عن الاستعمار الفرنسي، لذلك فهي تسارع إلى إطفاء هذا الحريق المهول الذي سيغير كل التوازنات والخرائط الجيوسياسية في المنطقة.

“الذي يخيف الجزائر أكثر هو إعلان ممثلي الأزواد عن مطالبتهم للمملكة المغربية التوسط لإيجاد حل عادل لقضيتهم، وأنهم لا يثقون في الجزائر لأنها كانت وراء كل المؤامرات التي حيكت ضد الأزواد منذ انتفاضتهم سنة 1963 للمطالبة بالاستقلال، حين كان الرئيس الجزائري بومدين قد سمح للجيش المالي بالدخول إلى الأراضي الجزائرية بعمق 200 كلم لملاحقة ثوار الأزواد”، يسترسل الخبير في العلاقات الدولية، مستدركا “منذ ذلك الحين والجزائر تتآمر على الأزواد وتحاول أن تختبئ وراء قناع الوساطة لإجهاض أي محاولة للاستقلال في مهدها، وما يسمى اتفاق الجزائر يدخل ضمن تلك المؤامرات، لذلك أعلنت أغلب فصائل الأزواد رفضها للاتفاق”.

أحمد نورالدين ــ خبير في العلاقات الدولية، عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية

ويرى عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، أن تكذيب وزارة خارجية النيجر لبيان الخارجية الجزائرية، يعتبر دليلا آخر على أن الكذب والتضليل يعتبران من الركائز والأسس التي تقوم عليها الدبلوماسية الجزائرية، ليس في قضية الصحراء المغربية بل في كل القضايا التي تتدخل فيها، لافتا إلى أن الدبلوماسية الجزائرية توجد في فخ نصبته لنفسها، فبيانها (انظر نسخة منه) نسب إلى النيجر رسالة مكتوبة توافق فيها على المخطط الجزائري للوساطة حول ما زعمت أنه أجل الستة أشهر للفترة الانتقالية، بينما جاء تكذيب النيجر جملة وتفصيلا لهذه المزاعم الجزائرية، وكذب وزير خارجية النيجر الرسالة المكتوبة وقال إنه تفاجأ من بيان الخارجية الجزائرية، وزاد قائلا إن الأمر يتعلق بمجرد دردشة تمت بينه وبين وزير الخارجية الجزائرية في ردهات الأمم المتحدة على هامش أشغال جمعيتها العامة منذ بضعة أيام، بمعنى آخر وبالدارجة المغربية أن الأمر يتعلق بمجرد (تفراق اللغى) وأنه ليس هناك لا رسالة من طرف النيجر ولا موافقة على أي اقتراح جزائري.

وخلص نور الدين، إلى أنه على الجزائر أن تظهر للعالم الآن هذه الرسالة التي زعمت أنها تلقتها من النيجر، وإلا فإنها ستفقد ما تبقى لها من مصداقية، مردفا “ستصبح فضيحة الجزائر فضيحة دولية، ونكتة تتداولها البعثات الدبلوماسية عبر العالم كما يتداولون فضيحة المليار وثلاث مائة مليون متر مكعب التي أعلن الرئيس الجزائري تبّون أن بلاده ستقوم بتحليتها يوميا”، وفق تعبير المتحدث.

بلاغ وزارة الخارجية الجزائرية

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x