لماذا وإلى أين ؟

مُنعش عقاري يبسطُ نسبة نجاح برنامج دعم السكن ومدى تأثيره على سوق العقار

موضوع الساعة على كل لسان في الوقت الراهن، لا يخرج عن برنامج دعم السكن الجديد وشروطه وتفاصيله وتأثيره على سوق العقار بالمغرب، وصحيفة “آشكاين” كما عودت قراءها على مناقشة المواضيع الراهنة بتنوعها، مع خبراء ومهنيين، ارتأت استضافة محمد خرزين، رجل أعمال وصاحب شركة تنشط في مجال العقار، في فقرة “ضيف الأحد” هذا الأسبوع، لتناقشه حول برنامج دعم السكن الجديد، ومدى توقعات نجاحه، وكذا تأثيره على سوق العقار بالمغرب.

وفي ما يلي ص الحوار :

بداية، سوق العقار يعاني من ركود منذ أزمة كورونا، فهل هناك انفراج في الأزمة خلال الأشهر القليلة الماضية؟

صراحة كان هناك انفراج بسيط إن صح التعبير، خلال فصل الصيف من السنة الجارية، تزامنا مع عودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والتي تفضل شريحة واسعة منها الاستثمار في عقار ببلدهم الأصل. لكن ما عدا ذلك، فسوق العقار لازال يعاني بشكل كبير، وهي أزمة انطلقت منذ الحجر الصحي لتليها الأزمة الاقتصادية، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على سوق العقار، فضلا عن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها التي تسببت في ارتفاع أسعار سلع البناء وتأخر مدة نقلها. وفي نهاية المطاف نسبة التأثر بالأزمة تختلف من مدينة لأخرى، ومن جهة لأخرى، ولكن عامة فالركود يسود كامل ربوع الوطن.

وهل من شأن البرنامج الجديد للدعم المالي لاقتناء السكن أن ينتشل سوق العقار من الأزمة التي يعشيها؟

برنامج دعم السكن فعلا سيساعد فئة معينة، ويتعلق الأمر بأي شخص لم يقتن بعد أي عقار. لكن في رأيي، مردودية الفئة المستهدفة من البرنامج، يجعله غير كافٍ لأجل خلق دينامية كبيرة، وانتشال سوق العقار بالمغرب من الركود، لأن ميدان البناء يوفر الشغل لشريحة واسعة، فضلا عن ترويج السوق بشراء سلع البناء الخام، فضلا عن الآليات التي تساهم في دينامية في قطاع النقل والخدمات وغيرها، وعدم وضوح الرؤية حول تطبيق دعم السكن على أرض الواقع واحتمالية وقوع تجاوزات، الأمر الذي يجعل الجزم صعبا في مسألة تأثير البرنامج على سوق العقار.

وإضافة إلى ذلك، فالدعم حسب ما أعلنت عنه الوزارة، يتعلق بمبلغ عشرة ملايين لأجل الشقق الأقل من ثلاثين مليونا، وسبعة ملايين لأجل الشقق بين ثلاثين وسبعين مليونا، لكن إطلالة بسيطة على السوق، كفيلة بأن تريكم أن الشقق ذات الثلاثين مليونا أصبحت قليلة، وهي إما تكون غير مكتملة أو بها مشكل ما، أو صغيرة الحجم ولا تعتبر مثالية للعيش الكريم.

كل هذه المعطيات، تحيل حسب رأيي إلى أن برنامج دعم السكن سيحدث دينامية قليلة في السكن الاقتصادي والسكن المتوسط، وفي بعض المدن التي تتوفر على وعاء عقاري كبير وبأثمنة معقولة، لكن في المدن الكبرى كالرباط والدار البيضاء ومراكش أو طنجة مثلا، سيشكل الأمر تحديا كبيرا لكون الوعاء العقاري قليل ومرتفع الثمن، مما يصعب عملية بناء الشقق الاقتصادية والمتوسطة.

لكن من جهة أخرى، أعتقد أن الشقق ذات الجودة العالية والتي ينطلق ثمنها من ستين وسبعين مليونا فما فوق، ستعرف دينامية أكبر في المدن الكبرى واستفادة أكبر من خلال برنامج دعم السكن.

أي وباختصار، فالبرنامج سيساعد فئات معينة في امتلاك عقار، أكثر منه انتشال سوق العقار من الأزمة، لأن أزمة سوق العقار تحكمها أشياء أخرى كالتمويل من طرف المؤسسات البنكية للمقاولات العقارية ومعيقات أخرى.

وما هي مميزات هذا البرنامج مقارنة مع البرامج السابقة التي عرفها قطاع السكن؟

أقرب برنامج سابق لبرنامج دعم السكن هو برنامج السكن الاقتصادي، والذي كان يعتمد على عقد بين الدولة ممثلة في الوزارة الوصية على القطاع ووزارة المالية والمقاولة العقارية، حيث تلتزم هذه الأخيرة بإنشاء 500 شقة ذات معايير محددة، وبدور يعفى من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، أي أن الدولة تتنازل عن ضرائبها مقابل بيع المقاولة للشقق بأثمنة مناسبة تقل عن ثلاثين مليون سنتيم. أما برنامج دعم السكن الجديد، فيدعم المواطن بشكل مباشر، وبمبالغ مالية محترمة وهذا شيء جيد، حيث بات الدعم يشمل أيضا فئة جديدة ذات دخل يمكنها من اقتناء شقق متوسطة يبلغ ثمنها بين ثلاثين وسبعين مليونا، وهذه مستجدات إيجابية، طالما أنه لن تقع أي خروقات وتلاعبات في العملية.

طيب، وهل سينجح البرنامج الحالي بدعم السكن فيما فشلت فيه البرامج السابقة؟

البرامج السابقة كانت تعتمد بالأساس على السكن الاقتصادي الذي لا يتعدى ثمنه ثلاثين مليون سنتيم، بينما البرنامج الحالي وسع فئة المستفيدين للطبقة المتوسطة التي تستطيع اقتناء شقق يبلغ ثمنها بين ثلاثين وسبعين مليونا. لكن هناك إشكال بسيط لم تتطرق له الوزارة الوصية، وهو أن هناك من استفاد من برنامج السكن الاقتصادي، والذي يمكن من اقتناء شقق بسيطة، والآن يريد البيع من أجل اقتناء شقة متوسطة وأحسن من ناحية العيش الكريم، وهذه الفئة لن تستطيع الاستفادة من برنامج دعم السكن بسبب شرط عدم اقتناء متلقي الدعم أي عقار سابقا داخل التراب الوطني.

وحسب رأيي الخاص، فأظن أن البرنامج الجديد سينجح بشكل كبير إن التزم المنعشون العقاريون ببنوده، ولم تكن هناك تلاعبات على مستوى الإدارة الوصية التي ستقرر المستفيدين، فضلا عن تسهيل المساطر على المواطن البسيط، خاصة فيما يتعلق برفع الرهن بعد خمس سنوات من الاستفادة. فبالأساس لدي تخوف من المساطر الإدارية، أمام البرنامج ككل فأتوقع نجاحه، خاصة في تشجيع الشباب في اقتناء سكنهم الأول وتملك سكن خاص.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
بوجمعة
المعلق(ة)
22 أكتوبر 2023 23:13

نظريا ،العملية تمنح قيمة اجتماعية هامة لفئة تحمل على الدوام هما ماديا ثقيلا يتمثل في تملك سكن رئيسي . في الميدان ، في انتظار اصدار مراسيم تطبيقية واضحة ، فإن للعملية عناصر قوة لايمكن انكارها :
– اعتماد التدبير الالكتروني للانفراد بمعالجة الطلبات في العملية من خلال نسج مسلك تدبير واضح يسهل التدخلات الرقابية عند الحاجة ويتجلى : ضبط تقديم الطلبات على المنصة – تحديد مهام وحدة الاستغلال مباشرة ثم دور الموثق .
– العملية لها إمكانية واضحة في الهدف تتمثل في تلبية فئة اجتماعية هامة لاتملك حتما مسكنا رئيسيا لحد الان ، وهي إمكانية تقف في وجه الاوجه العفنة لسلوك الاحتكار الجهنمي المألوف الذي تنهجه منذ عقود لوبيات وسماسرة العقار الذين افسدوا اوجه المجال العمراني والبيئي والسكني وكذلك سعرا و كما وكيفا.
– أجمل طريقة للوقوف بجانب هذه الفئة هو وضع رهن إشارتها شبكة من منعشين عقاريين ومقاولات متوسطة اوصغيرة موثوقة للمصاحبة عند مراحل اعداد بناء المساكن ووفق معايير جودة مقبولة عوض تركها عرضة لاقتناء عقاراتها بيعت باسعار لاتناسب تكاليف الانتاج او تحمل مشاكل مبهمة …وشكرا

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x