لماذا وإلى أين ؟

هذه خلفيات رفع الجزائر ميزانية التسلح إلى مستويات قياسية في سنة 2024

خصص نظام الجزائر في مشروع قانون المالية للسنة الجديدة 2024، ميزانية كبيرة لوزارة الدفاع الوطني بلغت 2926 مليار دينار جزائري أي ما يقارب 22 مليار دولار، في وقت لم تكن تتعدى ميزانية الدفاع الجزائري حوالي 10 مليارات دولار سنويا خلال السنوات العشر الماضية.

وتم تقسيم ميزانية الجيش الجزائري في مشروع قانون المالية لسنة 2024، إلى ثلاثة أقسام، وهي الدفاع الوطني (3.5 مليارات دولار)، واللوجيستيك والدعم متعدد الأشكال (5.6 مليارات دولار)، والإدارة العامة (12.5 مليار دولار). وهو ما يطرح أسئلة حول خلفيات “هوس” التسلح الذي يسيطر على النظام الجزائري؟

في هذا الإطار، يرى الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع؛ البراق شادي عبد السلام، أن هوس التسلح لدى الجزائر يعكس سيطرة الجيش على مفاصل الدولة، بإستحواذه على أكبر موازنة على حساب قطاعات التنمية والقطاع الصحي والتعليم؛ في وقت يعاني فيه الشعب الجزائري من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية كالحليب والزيت.

وسجل البراق في تصريح لصحيفة “آشكاين” الرقمية، أن التوازن بين ميزانية الجيش وموازنات التنمية الاجتماعية والاقتصادية الذي يعد أمرًا حيويًا لتحقيق الاستقرار والازدهار في أي بلد مفقود لدى الجزائر التي يستحوذ فيها الجيش على مليارات الدولار لتبديدها في صفقات تسليح تهدد الإستقرار الإقليمي.

عقيدة هجومية

من جهة أخرى، يؤكد الخبير الدولي في إدارة الأزمات أن الرفع القياسي في ميزانية الدفاع لدى الجارة الشرقية يؤشر على تغيير العقيدة العسكرية للجيش الجزائري من عقيدة دفاعية إلى عقيدة هجومية، خاصة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي تسمح للجيش بالقيام بمهام خارجية والإنخراط في مناورات عسكرية إقليمية.

البراق شادي عبد السلام ج خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع

ووفق المتحدث، فإن قيادة الجيش الجزائري الحالية التي تنتمي لبقايا “العهد البومديني البائد” تصر على تنفيذ الفكر “البومديني التوسعي” الذي يسعى من خلاله النظام الجزائري إلى الهيمنة الإقليمية وتهديد إستقرار جواره بمحاولة الوصاية عليه بإستخدام القوة العسكرية، كما هو الحال في تونس أو المحاولات الفاشلة للتدخل في الشأن الليبي خاصة في ظل الحدود الملتهبة جنوبا بسبب الوضع في مالي والتخوفات من مآلات الوضع في النيجر.

“فوبيا” المغرب

ويقرأ الخبير الدولي في تحليل الصراع هوس التسلح لدى الجزائر بأنه تأكيد من الخوف من المغرب أو “المغرب فوبيا” كما سماها، معتبرا أن ذلك يعكس “الخوف أو القلق الذي يعيشه النظام الجزائري تجاه النجاحات العسكرية والدبلوماسية للمغرب، خاصة في ما يتعلق بالتموقع الإستراتيجي والتحالفات الدولية ونجاح الجهود الديبلوماسية الأمنية والعسكرية المغربية في التموقع الإستراتيجي المتقدم في الخريطة الأمنية الدولية بعقده تحالفات قوية مع العديد من الشركاء”.

“كل هذه الأسباب تدفع النظام الجزائري إلى تغطية عجزه الكبير في تدبير موارده البشرية والمادية إلى رفع موازنته من أجل تسليح الجيش الجزائري بأسلحة هجومية تضمن له التفوق الإقليمي”، يسترسل متحدث الصحيفة الرقمية “آشكاين”.

الخوف الوجودي

من جهة أخرى، يدرج البراق هوس التسلح لدى الجارة الشرقية، بما سماه “الخوف الوجودي” الذي يسكن جنرالات النظام الجزائري من إنفلات الوضع الداخلي، خاصة في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب في الجزائر، بسب الفقر والقمع وانعدام الفرص وصعوبة الظروف المعيشية في مقابل عجز الحكومة عن توفير فرص عمل مناسبة.

وبحسب متحدث “آشكاين”، فإن عجز الحكومة الجزائرية من شأنه زيادة التوتر والاحتجاجات المدنية التي قد تنتهي بحراك جزائري جديد في غياب رؤية تنموية واضحة للقيادة الجزائرية تمكنها من التصدي لهذه التحديات بشكل يسهم في تلبية تطلعات الشعب، متوقعا أن “يزداد الضغط على النظام وتزداد احتمالات حدوث اضطرابات داخلية، وهو ما يستعد له النظام بزيادة الإنفاق العسكري واستخدام الجيش لقمع أي احتجاجات أو تمردات قد تحدث في المستقبل”، وفق تعبير المتحدث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
م.ع.ا.الشرقاوي
المعلق(ة)
7 نوفمبر 2023 20:22

حسب منورنا..المقاربة دقيقة الى حد بعيد..وهذا في حد ذاته مرتبط بحدة التحليل الملتصقة اساسا بقوة ملاحظة المحلل..المشهوظ له بالحس القوي في صبر اغوار الأحداث من خلال الوقائع السياسية والاستراتيجية في ابعادها الجيوسياسية العنيفة..التي تميز الوضعية الكارثية للمكونات العسكرية لجارة البؤس والتخلف…المركب…..

احمد
المعلق(ة)
7 نوفمبر 2023 12:36

ميزانية الجيش هي البوابة المستباحة باستمرار لسرقة اموال عائدات الغاز وتكديس ارصدة الجنرالات بالخارج، ورفعها باستمرار لا يعني انها تكون 100%مشتريات لأسلحة جديدة.

Nasser
المعلق(ة)
7 نوفمبر 2023 11:43

L’Algérie s’arme contre le maroc. Contre le maroc seulement.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x