لماذا وإلى أين ؟

الأحوال الشخصية …وألواح سيدنا موسى

عبد الرفيع حمدي

ما بين 1940 و 1956 كان اليهود المغاربة يشكلون حوالي 10% من سكان المغرب، أي ما يناهز 250 الف مواطن مغربي يهودي الديانة ،يتقاسمون مع أجدادنا ،وابائنا المغاربة -مسلمو العقيدة – المدن ،والاحياء ،والأسواق ،والحمام العمومي، والافراح ،والأقراح ،والكسكس البيضاوي والحرير ة الفاسية ،والطانجية المراكشية ،بل حتى البيصارة الوزانية .

فالبلد بلدنا ،والوطن وطننا جميعا؛ لكن الزواج والطلاق والارث وقضايا الاسرة ،فلكل مرجعيته .فالمسلمون كانوا يحتكمون لأحكام الشريعة الإسلامية ،و الراجح من مذهب الإمام مالك و العرف .في حين يقصد اليهود المغاربة القضاء الحاخامي العبري الذي عَرف على مستوى التنظيم عدة مراحل ،منذ حصول المغرب على الاستقلال .حيث مر من قضاء احادي الدرجة الى قضاء يفتح مجال الاستئناف والنقض في الاحكام .وبالنسبة للتغطية الجغرافية،فبعدما كان قد تم توسيع شبكة المحاكم العبرية إلى اثنى عشر محكمة. عادت وتقلصت حتى أصبحت الان مجرد غرفة عبرية واحدة بمحكمة الدار البيضاء . خاصة بعدما لم تعد الطائفة اليهودية تتجاوز 2500 مواطن .وقد تم تأطير هذه المراحل بثلاثة نصوص صدرت سنة 1918 و1928 و 1957 .ويمكن القول كذلك أن التنظيم القضائي العبري بالمغرب ظل حاضرا منذ الاستقلال في كل الإصلاحات التي مست التنظيم القضائي المغربي بشكل عام .

واذا كان هذا هو الحال على مستوى الشكل والمساطر فما هو الوضع بالنسبة للنصوص المطبقة في الجوهر على الزواج والطلاق والارث ومدى راهنيتها . ؟ فبالنسبة للمغاربة المسلمين فقد انتقلنا سنة 1957 إلى نص مكتوب بفصوله ،صادر بظهائر ملكية اطلق عليها مدونة الأحوال الشخصية تعايشنا معها إلى سنة 1993 .

ونتيجة تحولات داخلية بالدرجة الأولى ،ولكن كذلك بفعل دخول العالم بإثمه مرحلة ما بعد سقوط حائط برلين مع تمدد لحقوق الانسان دوليا تشريعا وتعاقدا . كان لابد من خطوة أخرى . فيكفي أن نتذكر ما قال الحسن الثاني رحمه الله في إحدى خطبه في هذه المرحلة “أن العالم يتغير وعلينا ان نتغير “. ويكفي أن أشير أن مدونة 1993 وضعت حدا للطلاق الغيابي الذي كان يعطي الصلاحية للزوج لتطليق زوجته غيابيا .

و في 10 أكتوبر 2003 كانت القفزة النوعية بقبة البرلمان سواء على مستوى الشكل او المضمون وهكذا انتقلنا وبخطاب ملكي من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة وإلى صلاحية البرلمان للتداول في المشروع .وانتقلنا كذلك من أسرة تحت كفالة الأب إلى أسرة تحت عناية الزوجين. وصدر بذلك القانون سنة 2004 بعدما اُستكملت المسطرة التشريعية .

وها نحن الان وفي هذه الأيام حصلت قفزة اخرى حيث تم تكليف رئيس الحكومة مباشرة باعتباره الموكول له دستوريا اعداد مشاريع القوانين وبجانبه لجنة لا مكان فيها للاشخاص الداتيين وانما للموسسات فقط .حدد له سقف اقترب على الانتهاء .والجميع متفق على اهمية تطور جديد .والاختلاف فقط حول الحجم والمجال .
لنعد الى الى مواطنينا المغاربة اليهود الذي تابعو معنا ولازالوا كل نقاشاتنا حول قضايا الاسرة من الزواج والطلاق وما يترتب عليهما من ولاية وحضانة ونفقة الى الارث وتشعباته .هذا النقاش الذي يحاول ان يقحمه البعض في ثنائية الحلال والحرام عوض حصره في سياقه المجتمعي والطبيعي ،
في مقابل ذالك لازالت الطائفة اليهودية تحتكم وتدبر كل قضايا احوالها الشخصية حسب رئيس الغرفة العبرية بالمحكمة بالبيضاء
القاضي والحاخام السيد جوزيف اسرائيل الذي قال بان “المغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي يتوفر على غرفة عبرية، ويقضي بقانون سيدنا موسى بين المغاربة
ذوي الديانة اليهودية”
و سيدنا موسى هو نبي ورسول من اولي العزم واكثر الشخصيات ذكرا في القرءان الكريم وقانونه بالنسبة لليهود مستوحى من الوصايا العشر ،المدونة في الواح سلمها الرب لموسى حسب ماورد في التوراة.

ولهذا يمكن التساؤل الم يظهر احد بعد- ومند زمن فرعون وهو نفسه زمن سيدنا موسى – ليطالب ويعمل على تحديث نصوص تنظم علاقاتهم الاسرية .؟

الم يكن على سيمون احيون رئيس منظمة الاسرائلين من اصل مغربي ان يشتغل على الموضوع ويعبأ اعضاء طائفته ويناقشهم في الامر وفي هذه اللحظة التاريخية بالذات التي يعمل فيها اخوانهم من المسلمين المغاربة على مراجعة وتطوير مدونتهم . ويتقدم بدوره – نيابة عن مريديه – الى امير المؤمنين بملتمس في الموضوع كما هو واضح في دستور المملكة ؟عوض بعث رسالة قال عنها الاستاذ محمد الاشعري ” رسالة تفتقر إلى أبسط شروط اللياقة، وتجرح شعور المغاربة، والتي تطلب من ملك المغرب أن يكون له نفس الموقف الذي تعبر عنه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، منذ أحداث السابع من أكتوبر.. والحال أن ملك المغرب هو رئيس لجنة القدس وأن توقيع اتفاقية التطبيع، فضلا عن كونها اقترنت بالتزام المملكة المغربية بالاستمرار في الدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فإنها لا هي ولا أي إجراء سياسي آخر لن يقتلع أبدا هذه القضية من وجدان الشعب المغربي ومن هويته الوطنية”.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبه

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
17 نوفمبر 2023 13:56

حينما يصف الكاتب البعض الذين يحصرون النقاش في زاوية الحلال و الحرام يعني ملايين المغاربة اي ام يفوق نصف سكان المغرب!! لان البعض في السياق معناه القلة!! و اذا كان البعض حسب رايه هو ذلك فبماذا يقيس من هم و هن على قياس افكاره في إطار السياق المجتمعي و الذي على فكرة هو يعيش فيه و لا نتقاسم معه الرؤيا !!
اي الجمعيات و التكتلات التي تدعي الحداثة و التي اذا تم و جمع عدد منتسبيها فلن تصل المليون!!!
و على فكرة حداثتكم لا تدعوكم الى عدم الاستحواذ على النقاش و فرض الراي و التصور لا تدعوكم الى الاخذ براي الشعب باستفتاء!!
لا يكفي ان يفتح لكم الميكروفون إليكم فقط لتتحدثوا باسم الشعب!!
اما عن تضمين الخطاب للمكون اليهودي في مجتمعنا فكن على يقين و اتحداك ان تشمل تغييراتكم ما جاء في شريعته و هو شئ نحسدم عليه و نحترمه كثيرا!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x