لماذا وإلى أين ؟

البجوقي: صديق المغرب ”انبعث من رماد” وانفصاليو إسبانيا لا وقت لهم لانفصاليي ”البوليساريو”

خلق الاشتراكي بيدرو سانشيز، مفاجأة غير متوقعة، وصار ”طائر فينق” ينبعث من جديد في المشهد السياسي الإسباني، بعد أن ظن الجميع أن دعوته إلى انتخابات مبكرة، شهر ماي الماضي، بمثابة بداية نهايته كرئيس حكومة، وكزعيم للحزب الاشتراكي العمالي وربما لحياته السياسية برمتها.

الرجل الذي ”انبعث من الرماد”، كما يصف بذلك الإعلامي والخبير المغربي في الشأن الإسباني، عبد الحميد البجوقي، تمكن، رغم كل الصعاب التي واجهته ولا زالت تواجه، من الظفر برئاسة حكومة إسبانيا لولاية ثانية مدتها أربع سنوات، بعد ”مصالحة تاريخية” باسم قانون العفو العام، مع الانفصاليين الكاتلان، الذين عبدوا له طريق البقاء في قصر المونكلوا.

عبد الحميد البجوقي، وخلال تحليله للمشهد السياسي الإسباني الذي أفرز بقاء سانشيز على رأس السلطة التنفيذية في البلد الأيبيري، شدد على أن ذلك تم عبر ضمانات متبادلة بين سانشيز وبين الأحزاب الانفصالية بيمينها ويسارها، بعد أن اقتنع بعضها بفشل تجربة الاستفتاء على تقرير المصير أحادية الجانب لشهر أكتوبر من سنة 2017، حيث باتت مقتنعة أن هذا الطريق ”مستحيل”.

وأبرز البجوقي، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن سانشيز استغل أيضا ما ترتب عن ذلك من انقسام ، أفرز عودة صراع قوي بين الأحزاب الانفصالية، لفرض بعضا من توجهاته خلال مفاوضاته مع الأحزاب الإقليمية، والتي توجت بعودة سانشيز إلى السلطة مقابل ”عودة الانفصاليين ولكن بدستور 1978”، إلى الحياة السياسة الإسبانية، وهو العنوان الذي اختارته صحف إسبانية لهذه المرحلة، حسب البجوقي دائما.

التوافق، وفق المتحدث، تم بتنازلات من كلا الجانبين، سانشيز قبِل بإصدار عفو عام يسمح جميع سوابق وقضايا الانفصاليين بموجب قانون أثار حفيظة اليمين، يُسجل في البرلمان في غضون أيام؛ في مقابل أن تخفض الأحزاب ذات التوجه الانفصالي من سقف مطالبها، دون المساس بمناقشتها، وأن يتم ذلك في إطار الدستور.

مواقف الانفصاليين من قضية الصحراء المغربية

وعن موقف هذه التوجهات الانفصالية التي باتت تلعب دورا حاسما في الساحة السياسية الإسبانية، من قضية الصحراء، خصوصا وأن سانشيز أحدث تغييرا جذريا وغير مسبوق في نظرة الجارة الشمالية للمملكة إلى الملف، بعد دعمه لمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب كحل وحيد لهذا النزاع؛ أكد البجوقي جوابا على ذلك، أن الأحزاب القومية والقوى الانفصالية الإسبانية عموما، ليس من أولوياتها أن تناقش قضية الانفصال في الصحراء، بما أنها لم تنجح حتى داخليا في هذه المسألة التي تعود جذورها إلى سنوات عديدة.

وعاد ذات المُضطلعٌ في الشأن السياسي الإسباني، ليذكر بما صرح به لجريدة ”آشكاين”، قبل الانتخابات، من أن السياسة الخارجية لمدريد ”سياسة دولة”، بما معناه أن موقفها من مغربية الصحراء، لن يتأثر كثيرا بالصراعات الحزبية الجارية.

وأوضح أن هذا الأمر تفهمه جيدا الأحزاب السياسية الإسبانية، والدليل أنها لم تشر إلى مسألة الصحراء، خلال الاتفاق الذي عقدته مع الاشتراكي العمالي وحزبه، لتشكيل تحالفات قادت إلى إخراج حكومة للنور، أدى رئيسها القسم، اليوم الجمعة، أمام الملك.

وأبرز بجوقي أن بقاء سانشيز في السلطة لأربع سنوات أخرى، في صالح المغرب، لكونه سيساهم في ترسيخ موقف إسبانيا الحالي من نزاع الصحراء، مؤكدا أن دعم الطرح الوحدوي يخدم بدرجة أولى إسبانيا، اقتصاديا وأمنيا واستراتيجيا.

”سومار” تكتل يساري ”براغماتي” بوجهين

وبشأن المواقف الأخيرة التي أظهرها تكتل ”سومار” اليساري – الذي بات يضم لأول مرة برلمانية موالية للبوليساريو”، تدعى ”تيش سيدي”- والمرتقب أن يُشارك في التحالف الحكومي لسانشيز؛ يرى بجوقي أن اليسار الإسباني عموما، لم يعد ينظر إلى الانفصال في العالم كقضايا تحررية، وبشكل أخص إلى نزاع الصحراء، الذي بات مُحرجا من أن يتبنى توجهه الانفصالي، خصوصا بعد أن اتخذت جبهة ”البوليساريو” لنفسها اسم ”الجمهورية الإسلامية”.

وكشف أن ”سومار” حزب يساري جد براغماتي، ولم يعد يخفي ذلك، بل إن ما يسمى بممثل البوليساريو في إسبانيا، وصفه بـ”الخائن”، حين لم يستحضر قضية الصحراء في نقاشه مع سانشيز.

فتارة يشارك في احتجاجات داعمة ”للبوليساريو”  وسط العاصمة مدريد، وتارة ”تقبل” زعيمته نائبة رئيس الحكومة الاسبانية ووزيرة العمل السابقة، ”ممثل” الجبهة الانفصالية في إسبانيا، لكن مواقفه الحقيقية من قضية الصحراء، لا تتجاوز مجرد ”تشويش”، وفق البجوقي، أملا في مناصب حكومية، وظهر أن التكتل لم يثر مسألة الصحراء من قريب أو بعيد خلال مشاوراته مع سانشيز.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x