في كل مرة يعلن فيها المغرب عن شروعه في استقطاب مصانع كبرى للصناعة العسكرية والجوية، والتي باتت محط أنظار المراقبين الدوليين، إلا ونرى محاولة من الجزائر لاستنساخ التجربة المغربية على أكثر من صعيد.
مناسبة هذا الكلام، قيام رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، يوم الخميس 16 نونبر الجاري، بالعاصمة الصينية بكين، بزيارة كل من مقر شركة “كاتيك” لصناعة الطائرات وعتاد الطيران وشركة “إلينك” لإنتاج تقنيات وأنظمة الدفاع الإلكتروني والسيبراني، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الجزائري، وهو ما يجعلنا نتساءل عن خلفيات هذه التحركات؟
وفي هذا الصدد، أوضح المحلل السياسي والخبير العسكري، عبد الرحمن مكاوي، أنه “بفضل العائدات الضخمة لصادرات الغاز والبترول الجزائري تم تضخيم ميزانية وزارة الدفاع برسم سنة 2024 إلى رقم خيالي بلغ 23.7 مليار دولار، وكان هذا التضخيم من أسباب إقالة الوزير الأول الجزائري أيمن عبد الرحمن”.
وشدد مكاوي، في تصريحه لـ”آشكاين”، على أن “الجيش الوطني الشعبي الجزائري وقادته، وعلى رأسهم الفريق أول سعيد شنقريحة، يحاول توظيف هذه الميزانية من خلال اقتناء أسلحة من العديد من الدول الكبيرة المصنعة، خاصة من الصين، لأسباب متعددة، منها أن الصين تعرف جيدا طريقة التعاملات مع القادة العسكريين في الجزائر، وأن أغلبية الصفقات العسكرية تتبعها عملات للقادة المركزيين وقادة النواحي العسكرية”.
ولفت الانتباه إلى أن “سعيد شنقريحة يحاول نقل ما يجري في المغرب، من خلال طلب تصنيع طائرات الدرون المتنوعة، وكذلك شراء منظومة الدفاع السيبراني من شركة “إلينيك””.
وأضاف مكاوي أن “كلا من شركة “كاتيك” و”إلينك” قامتا في السابق بتزويد الجزائر بالعديد من أنواع الأسلحة، وهذه محاولة من قادة الجزائر لِـلَيّ مواقف الصين الشعبية تجاه المغرب، إلا أن هذا الأمر لن يحدث، نظرا لأن الصين الشعبية لها مشكل وحدة ترابية معروف مع تايوان، وتتشبث بموقف ثابت فقها وقضاء فيما يخص وحدة المغرب الترابية”.
وأردف أن “الصين قد تحاول تصنيع طائرات مسيرة مع الجزائر، رغم أن هذه المحاولة الثانية في مصنع في بوفاريك، التي تعتبر القاعدة الجوية الكبيرة في الجزائر، ولكنها قد لا تصنّع الطائرات المسيرة المتطورة، خاصة تلك التي تمتلكها الصين الشعبية، وحتى إذا صنعتها فستفرض عليها شروطا تعجيزية، من قبيل عدم استعمال هذه الطائرات في بؤر النزاع في منطقة شمال إفريقيا، خاصة في نزاع الجزائر مع المغرب أو في نزاعاتها مع ليبيا أو مالي أو النيجر، وهي شروط تضعها الصين رغم المبالغ الضخمة التي قد تشتري بها الجزائر هذه المصانع”، موردا أن “الصينيين هم تجار ولكنهم لا يتاجرون في مواقف السياسية مع دول أخرى”.
وخلص إلى أن “المغرب قد سبق له وأن اقتنى طائرات مسيرة متطورة من الصين الشعبية، وبالتالي فالصين لا يمكن أن تزود الجزائر بنفس النوع ولا نفس الطائرة، ولا يمكنها تصنيع نفس الطائرة في منطقة تشهد نزاعا مسلحا”.