لماذا وإلى أين ؟

هكذا يعمل “جنرالات” الجزائر على منح تبون عهدة ثانية

دافعت مجلة الجيش، وهي لسان حال المؤسسة العسكرية في الجزائر، على حصيلة سنوات حكم الرئيس عبد المجيد تبون، معتبرا في عددها للشهر الجاري أن “الإصلاحات المنجزة مكنت الجزائر من تحقيق تقدم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

وعددت المجلة المذكورة ما سمته بـ”الإصلاحات العميقة” التي أشرف عليها تبون، مشيرة إلى أن هذا الأخير حقق “تقدما في المجالات الإقتصادية والإجتماعية وفي الدبلوماسية والدفاع الوطني، حيث طور الجيش من خلال تحكمه في مختلف الأسلحة والعلوم والتكنولوجيا”.

عدد شهر دجنبر 2023 من مجلة الجيش الجزائري

وحيث أن إشادة مجلة الجيش بالرئيس الجزائري عبد العزيز تبون، تأتي قبل سنة من تنظيم الإنتخابات الرئاسية بالجارة الشرقية، المرتقب تنظيمها شهر دجنبر من السنة المقبلة، فالأمر لا يخلو من رسائل سياسية، ما يطرح السؤال حول علاقة الجيش برئاسة الجزائر وما إن كانت هذه الأخيرة قد حظيت برضا “الجنرالات” للقيادة البلادة لعهدة ثانية.

تفاعلا مع ذلك، يرى الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية؛ هشام معتضد، أن الجيش الجزائري سيدعم بلا شك إستمرار تبون لولاية أخرى، بسبب تنفيذ هذا الأخير توجهات النظام العسكري السياسية بشكل جلي، مضيفا أن هذا الطرح يعززه “رغبة العسكر الإستراتيجية في تواجد شخص ينفذ التعليمات دون أدنى مستويات النقاش السياسي في المرحلة المقبلة، والتي يعتبرها الجيش جد حساسة ويراهن عليها لتنفيذ العديد من البرامج التي تضمن له الإستمرار في الإمساك بزمام الأمور السياسية والسيادية في الجزائر”.

ووفق معتضد الذي كان يتحدث لصحيفة “آشكاين” الرقمية، فإن المؤسسة الرئاسية في الجزائر هي “مطبخ سياسي لتنفيذ الأوامر العسكرية في تدبير الشأن السياسي، أو بمعنى أخر يضيف المتحدث، “قصر المرادية هو مؤسسة عسكرية وسكانها إمتداد للمكونات العسكرية في الجيش الجزائري بلباس مدني قادر على إظهار الجزائر بالدولة المدنية لأهداف سياسية”، لافتا إلى أن “دعم الجيش لرئيس الدولة في الجزائر يبقى طبيعي لأنه منتوجه الخالص وواحد من ضباطه المطيعين”.

المؤسسة الرئاسية في الجزائر هي مطبخ سياسي لتنفيذ الأوامر العسكرية في تدبير الشأن السياسي

من جهة أخرى، يعتبر الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية أن دعم المؤسسة العسكرية للرئيس تبون من أجل ولاية ثانية ينسجم كليًا والثقافة السياسية السائدة في تدبير الشأن السياسي الجزائري، لكونها تستمد مقوماتها من الإملاء ات الصادرة عن الجهاز العسكري والذي أتى أساسًا بالرئيس الجزائري إلى هرم السلطة من أجل السهر على تنزيل رؤية الجيش السياسية وحرصه على تنفيذها بكل جوانبها المطلوبة.

هشام معتضد ــ الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية

“المتتبع للشأن السياسي الجزائري والمطلع على التاريخ السياسي الجزائري؛ يعرف جيدًا أن منصب الرئيس في الجزائر هو ملحقة إدارية لقيادة الجيش الجزائري ويمثل منصب رمزي في هيكلة الدولة”، يسترسل متحدث “آشكاين”، مستدركا “دور الرئيس في الجزائر هو تنفيذ الرؤية السياسية للجيش والسهر على حماية البعد العسكري في الثقافة السياسية الجزائرية دون التجرأ على إبداء أي تحول فكري في البناء السياسي الجزائري”.

وخلص معتضد بالتأكيد أن الإنتخابات الرئاسية الجزائرية “لا تعدوا كونها مسلسلا تضليليا تبحث من خلاله المؤسسة العسكرية الجزائرية إضفاء نوع من الشرعية السياسية لهيكلة الدولة ومحاولة الإستمرار في البحث عن المصداقية السياسية للدولة في مخيلة الرأي العام الجزائري رغم وعي هذا الأخير وإلمامه بأدق تفاصيل اللعبة السياسية في بلده”، وفق تعبير المتحدث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2023 18:46

كل القيادات الرئاسية في الئر هي نسخة ملطفة للواجهة العسكرية مع اختلاف من تعاقبوا على الحكم من حيت الكاريزما و القدرة على تلميع الواجهة المدنية ومستوى تناغمهم مع قيادتها، ودرجة دعمهم من موسكو او فرنسا، لكن لكل رئيس قصته المنفردة مع الجيش، فبنبلة هو الوحيد الذي كان له حظور قوي بما استطاع حياكته من مؤامرات داخلية على الحكم قلده فيها بومدين الذي امعن في تأسيس خلفية عسكرية وعقيدة عدائية في المحيط الاقليمي تتماشى مع تصورات الحرب الباردة، وكل من جاء بعده لم يستطع تغيير هذا المسار ألا في بعض الهوامش التي لا تمس بالجوهر، لكن مع كل رئاسة جديدة كان العسكر يشددون قبضتهم على الحكم بسبب توغلهم المضطرد في الفساد،مع ذالك كان الجيش يلجأ الى قيادات جبهة التحرير السابقة لتلميع صورته في الخارج وضمان شرعية في الداخل حتى تم الاصطدام ببوضياف الذي كاد ان يكشف الاعيب مؤسسة الجيش مما ادى الى تصفيته مبكرا، هنا تبلور مسار جديد اصبح يعتمد على التقنوقراط المتمترسين في دهاليز الادارة السابقة نمودج بوتفليقة، الذي كشف مرضه المستور، ووضع الجيش في مواجهة الشارع وجها لوجه، وجعل الحكم يساير الوضع بمن حظر في ترقب شديد

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x