لماذا وإلى أين ؟

ما علاقة البنك الدولي باعتماد نمط التوظيف بالتعاقد؟

آشكاين/سعد مرتاح

رفض الحكومة إدماج أساتذة التعاقد في الوظيفة العمومية بمنصب مالي مركزي قار، بسبب التزامها مع البنك الدولي بذلك، أعاد من جديد النقاش العمومي حول طبيعة إملاءات البنك العالمي، ومدى إلزاميتها القانونية للحكومة.

الخصوصصة والتقشف والتقليص من عدد الموظفين، من أهم توصيات البنك الدولي

يعتبر الخبير الاقتصادي أرنست فولف في مؤلفه الشهير “صندوق النقد الدولي”، أن هذا الأخير يفرض شروطا وبرامجا معينة مقابل منحه قروضا للدولة التي هي في حاجة لها، وهذه البرامج تهدف الى تحقيق مبادئ النيوليبرالية الأربع: ليبرالية- تحرير- استقرار- خوصصة.
ويضيف ذات الكاتب، أنه كلما ارتفعت مديونية الدولة أكثر كلما أصبحت مجبرة أكثر على تطبيق الاملاءات بشكل حرفي وكلي، معتبرا أن سياسات البنك الدولي تتمحور أساسا حول “خفض قيمة العملة الوطنية وذلك من أجل تعزيز القدرة التنافسية في الاسواق العالمية، لوصول إلى حالة التوازن في ميزانية الدولة وذلك من خلال انتهاج خطة التقشف المالي، إلغاء القيود على المفروضة الواردات السلعية وعلى الاستثمارات الأجنبية، وخوصصة المشاريع الحكومية وأملاك الدولة، وأخيرا التقليص من موظفي القطاع الحكومي (وهذا ما يعني إما فرض التعاقد على مستخدمي القطاع العام أو الدفع بهم نحو القطاع الخاص).

ويعتبر أرنست فولف، أن “المؤسسات الدولية المانحة لا تهتم إذا ما كانت سينتج عن تطبيق برامجها ضرر لفئات اجتماعية ما، او ضررا في القطاعات الحكومية والقطاعات العامة، بقدر ما يهمه أن ترفع برامجه في الدولة المطبقة لها من نسبة النمو، ومن تجاوز نسبة العجز المالي عن طريق التخلص من الإنفاق في القطاعات الاجتماعية”.

إملاءات البنك الدولي خطيرة والحكومة من يتحمل مسؤولية التماهي معها

من جانبه، اعتبر المحلل الاقتصادي والمختص في السياسات التربوية عز الدين أقصبي، أن تطبيق نصائح وتوصيات البنك الدولي وفي قطاع التعليم بالخصوص، دائما ما كانت تخلق مشاكل عديدة وخطيرة، فمثلا في سنة 2006 لما اتخذ قرار المغادرة الطوعية في وجه الموظفين بدعوى التخلص من الآلاف من الموظفين بالتالي تقليص كتلة الأجور، وفتح المجال أمام فئات جديد لولوج الوظيفة العمومية، كان له تبعات خطيرة نعاني منها لليوم في التعليم وفي باقي القطاعات، حيث وجد المغرب نفسه فجأة في حاجة لآلاف الموظفين لملأ الفراغ، الشيء الذي أثر على الجودة، حيث غادر مثلا قطاع التعليم أطر تربوية لها خبرة متراكمة مهمة، وتم تعويضها بأطر جديدة لا خبرة لها”.

وحول ما راج في تصريحات بعض المسؤولين النقابين، أن الدولة ترفض إدماج أساتذة التعاقد بمنصب مالي قار بحجة التزامات سابقة لها مع البنك الدولي، اعتبر ذات الخبير الاقتصادي والتربوي في تصريح خص به جريدة “آشكاين” الإخبارية، “أن التوظيف بالتعاقد في قطاع التعليم سنة 2016، جاء بناء على نصائح وتوصيات من المنظمات المالية المانحة لتقليص كتلة الأجور الواردة في قانون المالية السنوي، وكان لهذا قرار خطورة كبيرة نبه لها العديد من المسؤولين، لكن لا احد استجاب، وها نحن نعاني منه للآن، والعديد من المؤسسات الاستراتيجية الأخرى تعاني حاليا من ضعف الجودة وضعف النجاعة والفاعلية بفعل التطبيق الكلي لسياسيات البنك الدولي.

وحول مدى إلزامية المغرب بهذه القرارات التوصيات، فقد شدد ذات الخبير التربوي، أن الحكومة والدولة المغربية هي المسؤولة عما يحدث، وأن تحجج الدولة المغربية بأن تطبيقها لهذه السياسة أو تلك راجع لإملااءت المؤسسات المانحة هو مجرد كلام فارغ ولا يجب القبول به، على اعتبار توصيات البنك الدولي تبقى مجرد نصائح لا قيمة قانونية إلزامية لها ما لم تطبق، وأن التماهي الكلي مع هذه التوصيات يعود بشكل مباشر إلى موقع الحكومة الوطنية وإلى عدم رغبتها في فرض إيقاع تفاوضي أفضل، وحتى يكون هناك إشادة بها في التقارير الدولية مما يجلب لها مستثمرين وإن كان على حساب رهن سيادة القرار الوطني”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

2.8 4 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
بوجمعة
المعلق(ة)
31 ديسمبر 2023 08:53

لو اعتمدنا انماط الاستقراءات العلمية التي تلجأ إليها ديمقراطية الشعوب الراقية لتوصلنا بكل تأكيد إلى :
– أن نسبة المواطنين المستقراة ( 99% ) لن تقبل بالتعاقد لأنه يتنافى و الحق في مساواة في الحقوق الوطنية وفي المساهمة في بناء المستقبل الكريم للمجتمع..
– أن نمط التعاقد يهدد الاستقرار الامني و الاسري والراحة النفسية و طمأنينة مجتمع ، لأن التوظيف بالتعاقد لايؤدي حتما إلى رفع انتاجية ومردودية العمل وحتى الى تقليص العجز في المصاريف بالمصنع وبالمؤسسة بل إن ذلك راجع الى اعتماد نماذج تعلم متخلفة تدمر مؤشرات التقدم الاقتصادي و تقوي الفساد السياسي والعقليات..
– أن تخفيف معدل الضغط الضريبي الذي ينادي به المال الاديولوجي بمحاربته على المقاولات، فقط يشكو منه الاجير كون 80% من مداخيل الميزانية لا تؤدى الا من خلال جبايات دخل الإجراء و أن 2% فقط من الشركات هي التي تشارك في في تحمل الاعباء بالميزانية العمومية.
– أن اعتماد نظام التعاقد في المدرسة العمومية لن يتماشى أبدا وأهداف ” اقرأ ” التي خلق من أجلها الانسان ولأن وظائف الاستثمار الجيد ترتبط بالجدية في نظم التسيير وتقوية العقل …

عابرة سبيل
المعلق(ة)
31 ديسمبر 2023 01:26

حسبنا الله ونعم الوكيل

الصحراوي المغربي
المعلق(ة)
31 ديسمبر 2023 15:48

هي لبلاد تباعت و السلام البلاد فيها خيرات كتيرة من معادن وفلاحة وبحر ووو وفي الاخير القروض والبلاد يوجد فيها اغنياء مرابين عالميا لهم استتمارات في البلاد حلل وناقش وانوالهظ في الابناك الخارحية.
لهدا وكما قالوا لا يمكن ان يكون مسيري اليلاد من رجال الاعمال .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x