لماذا وإلى أين ؟

موت النقابات بعد موت الأحزاب التقدمية

عبدالحق الريكي

“رجعوا (رجالَ التعليم) للجدِّ ثاني يا عم حمزة” غناء الشيخ إمام

الحديثُ هنا يتمحور حولَ فكرةِ موتِ النقاباتِ في المغرب تزامنًا مع إضراباتِ رجال التعليم وظهورِ ما يُسمى “بالتنسيقيات”. السؤالُ الحقيقيّ: هل تُغذي النقاباتُ الأحزابَ أم العكس؟ كلنا نعلمُ أنَّ النقاباتَ العماليةَ ظهرت قبلَ الأحزابِ. السؤالُ الآخر: هل هو نهايةُ الأحزابِ والنقاباتِ مع ظهورِ المواقعِ الاجتماعيةِ والذكاءِ الاصطناعيّ؟ السؤالُ الأخير: هل يتغيرُ كلُّ المجتمعِ كما هو مع ثورةِ رابعة نعيشُ بعضا منها؟ وأسئلةٌ أُخرى…

لا تتحرَّكوا من أماكنِكم، فالموضوعُ جدي يهمُّكم كما يهمُّ كلَّ المجتمع. إنِّي أتحدثُ عن موضوعِ التعليمِ وإضرابِ التعليمِ و”نهايةِ النقابات”، والطبقةِ المتوسطةِ المكوَّنةِ أساسًا من رجالِ التعليم، وكيفَ هذهِ الفئةُ بنت مغربَ الاستقلالِ مع “الاتحادِ الاشتراكيِ للقواتِ الشعبيةِ” وكذلك “الكونفدراليةِ الديمقراطيةِ للشغلِ”. ألَم يكن “محمد نوبير الأموي” من رجالِ التعليمِ وكذلك كلُّ قادةِ الاتحادِ بدءًا من “عبدالرحيم بوعبيد” قبلَ أن يصبحَ محاميًا… كانَ أغلبُ المناضلينَ من رجالِ التعليمِ… والأغلبيةَ سواءٌ في حزبِ الاتحادِ ونقابةِ الكونفدراليةِ من رجالِ التعليمِ… قبلَ أن “يلتهمهم” النظام… أما جلُّ الحركاتِ الأخرى كانتِ مشكلةً في أغلبيتها من رجالِ التعليمِ سواءٌ الإسلاميةُ أو اليساريةُ…

المعاركُ اليوم، في المغربِ وفي قطاعِ التعليمِ بالضبطِ، تُشكِّلُ مغربَ الغدِ ووعيَ الغدِ، لا يجبُ الاستهانةَ بها. أصحابُ “الفوق” يعرفونَ ذلكَ حقَّ المعرفة. فهمُ لم يقرروا بعدَ ماذا يفعلون. إنَّهم ينظرونَ ويتتبعونَ المسيراتِ والتظاهراتِ والتنسيقياتِ والنقاباتِ والتفاوضِ كما فعلوا مع حركاتٍ أُخرى.

يعرفونَ أنَّ هاجسَ المغاربةِ هو التعليمُ وقوةُ رجالِ التعليمِ في وعيِهم وكثرتِهم. هم سمُوهم كما “أردتم” يعرفونَ أنَّ عليهم هزمِ إضراباتِ رجالِ التعليمِ بكلِّ الوسائلِ. يخافونَ من “تقاربِ النضالاتِ” ما بينَ رجالِ التعليمِ والتلاميذِ وآبائِهم. لا تنسوا صمودَ رجالِ التعليمِ “المتعاقدين” وكذلك إضراباتِ أُخرى كثيرةٍ وعديدةٍ أذكرُ واحدةً منها ألا هي إضراباتِ رجالِ ونساءِ الغدِ من أطباء…

كذلكَ ما تبقَّى من النقاباتِ والأحزابِ التقدميةِ، خائفةٌ من هذهِ المظاهرات. لذا فموضوعيًّا “تتحد” مع “الفوق” لضربِها وتشتيتِها. وكما قالَ الشاعرُ الكبيرُ “نجم” ومن غناءِ “الشيخ إمام” (مع تحريفِ بعضِ الكلمات): “رجعوا (رجالَ التعليم) للجدِّ ثاني يا عم حمزة”… لا تنسوا كيفَ ولماذا اندلعت انتفاضةُ 23 مارس 1965 وغيرَها كثيرٌ جداً…

النقاشُ الدائرُ اليومَ حولَ التنسيقياتِ والنقاباتِ وإضرابِ التعليمِ مهمٌّ للغاية، سيحدّدُ مستقبلَ المغربِ للسنواتِ المقبلة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
9 يناير 2024 17:57

موت الاحزاب الجادة والنقابات الجادة، يهدد البلاد بسكتة سياسية، ويفعم المؤسسات المنتخبة ببارونات الفساد، ويضغ البلاد على فوهة بركان.

Chami
المعلق(ة)
9 يناير 2024 07:55

أحزاب اليسار استحلات المال مع حكومة بالتناوب بتوزيع مستحقات سنوات الرصاص. و حتى أساتذة اليسار هم الذين استفادوا من المغادرة التطوعية. خلاصة القول ليس لهم ضمير مثلهم مثل أحزاب اليمين مسقيين بمعرفة واحدة.

فريد
المعلق(ة)
9 يناير 2024 06:20

تحليل معقول ومنطقي، كما الكثير من التحاليل المنشورة في مختلف الجرائد. لحد الساعة لا أحد تطرق إلى كارثة حرمان التلاميذ من الدراسة، لا أحد إقترح حلا إجباريا للحد من التسيب الذي يشهده قطاع التعليم بهدف إنقاد ما يمكن إنقاده من السنة الدراسية. ربما على بنموسى الإعتراف بفشله وإعلانها سنة بيضاء وبعده يمكنه البداية في تنظيف بيته. مهما كان الأمر فلا يمكن الإفتخار بأي إيديولوجية تضحي بحقوق المواطن من أجل أهدافها.

Dghoghi
المعلق(ة)
8 يناير 2024 23:38

يا مواطنة ويامواطن ،ليس من حجة من تخلف على هذا النضال… لابد الوقوف في صف مقاومة نساء ورجال التعليم العمومي هم امل الأجيال وهم الرافعة الأساسية لاي تطور وتطوير هذا الوطن الجريح…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x