لماذا وإلى أين ؟

هل ينعكس التقارب الموريتاني الجزائري على المصالح المغربية؟ .. محلل موريتاني يجيب

شهدت العلاقات الدبلوماسية بين جارتي المملكة المغربية الجنوبية والشرقية، موريتانيا والجزائر تقاربا سياسيا لافتا، جسدته تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين بشكل مكثف، وأسفر عن توقيع اتفاقيات شملت عددا من القطاعات، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات المغربية الموريتانيا استقرارا “حذرا” في ظل استمرار “الصراع” بين المملكة والجزائر.

البعض يرى أن التقارب الموريتاني الجزائري أساسه أن “قصر المرادية” يسعى لمحاصرة المغرب وتجاربه الإفريقية عبر بوابته الرئيسية موريتانيا، لذلك حاول إغراء هذه الأخيرة بعدد من الإمتيازات من خلال خنقها وتكبيلها باتفاقيات سياسية واقتصادية. فيما يرى البعض الآخر أن موريتاينا تستفيد شأنها شأن بعض الأطراف الأوروبية من الصراع الدائر بين المغرب والجزائر.

واختارت الصحيفة الرقمية “آشكاين” مناقشة بعض جوانب هذه المسألة، مع الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني؛ محمد أفو، في فقرة “ضيف السبت”.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية، كيف ترى التقارب الموريتاني الجزائري في ظل الوضع الإقليمي غير المستقر؟

أولا نحن في موريتانيا نتمنى أن يحصل تقارب بين الدولتين الشقيقتين والجارتين المغرب والجزائر، والجميع يعلم أن موريتانيا ليست طرفا في الصراع بين الدولتين، بمعنى أنها ليست مع طرف في مواجهة الآخر، بل هي متأثرة سلبا بالخلاف القائم، ما يفرض عليها أن تلعب دورا حساسا جدا وهو عدم الإنزياح وراء رؤية معينة أو التقرب لطرف على حساب الآخر.

موريتانيا تتعامل مع المغرب والجزائر ليس على خلفية الصراع وإنما باعتبارهما جارتان على نفس المستوى، وأحيانا يحصل تقارب بينها وبين المغرب نتيجة لظرفية معينة أو حكومة معينة من خلال اتفاقيات وتبادل زيارات المسؤولين وغيرها، دون أن يطرح سؤالا لماذا المغرب وليس الجزائر؟ كما يحصل كذلك العكس، حيث يحصل تقارب بين الجمهورية الإسلامية والجزائر نتيجة التواصل الجيد والتنسيق بين الحكومات في فترة معينة، ونرجو أن لا يطرح سؤال لماذا الجزائر وليس المغرب؟

الدولة الموريتانية تتعامل مع المغرب والجزائر باعتبارهما شقيقتين متجاورتين وتربطهما مصالح وعلاقات وطيدة جدا. بالرغم من الخلاف أو الصراع القائم بين البلدين فإن السياسة الموريتانية تحاول أن لا تتأثر علاقتها الفردية مع الدولتين، وهذا الحياد النسبي هو ما يعطيها ميزات اقتصادية وسياسية يسمح لها بلعب أدوار سياسية أفضل في حلحلة الصراع؛ خاصة ما يتعلق بالخلاف حول الصحراء والملفات الشائكة بين البلدين.

لكن عكس ذلك يرى البعض أن استثمارات الجزائر وتقربها من “القصر الرمادي” ما هي إلا محاولة لمحاصرة المغرب في ظل العداء، كيف تعلق؟

لا يمكن أن نتصور أن موريتانيا يجب أن تتوقف عن نسج علاقاتها مع المغرب والجزائر لأن هتين الدولتين بينهما صراع، هذا غير منطقي، ولا يمكن أن نقرأ الأحداث من هذه الزاوية، بل ينبغي أن نعمل على تقاربنا وهيكلة علاقاتنا التنموية، الإقتصادية، الإجتماعية، السياسية والأمنية مع كل الدول المجاورة؛ بما في ذلك مالي والسنغال.

إذا كان هناك من يفسر تقارب موريتاينا والجزائر أنه على حساب علاقات المغرب بالمنطقة وتجارته في إفريقيا، فهناك من يرى العكس، ويفسر علاقات المغرب ومريتانيا على أنها ضد الجزائر، وبالتالي هؤلاء يصطادون في المياه العكرة أكثر من حديثهم عن تحليل سياسي منطقي.

ينبغي أن تعمل موريتانيا على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب وتحرص كذلك على علاقاتها مع الجزائر، وأن تتواجد أينما وجدت المصلحة مع جيرانها على المستوى الإجتماعي أو الأمني والإقتصادي، خاصة أن الواقع الجغرافي والجيوسياسي يفرض عليها أن تكون لها علاقات جيدة مع محيطها وأن تلعب دور الحياد في الصراع القائم.

طيب، وهل يمكن اعتبار موريتانيا أحد المستفيدين من استمرار الصراع الجزائري المغربي؟

لا أعتقد ذلك، بحيث إنه ليست هناك أية اتفاقية وقعتها موريتانيا دافعها الصراع، وعلى سبيل المثال نجد أن اتفاقيات موريتانيا مع المغرب لا علاقة لها بالجزائر، الأمر ذاته بالنسبة للإتفاقيات الموقعة مع الجانب الجزائري، لا يحضر فيها الصراع القائم بينها وبين المغرب.

المستفيد من الصراع يميل دائما إلى أحد الأطراف، حيث يبيع مواقفه السياسية ويبيع تبنيه وجهة نظر معينة، وموريتانيا لا تتبني هذه السياسة على الإطلاق، بل تتبنى موقف الحياد في كل الملفات الإقليمية الساخنة وتحاول أن تلعب أدوارا إيجابية من خلال الوساطة في حلحلة الأزمات في المنطقة.

العكس تماما، موريتانيا تستفيد كثيرا إذا تم حل الصراع القائم بين المغرب والجزائر من خلال الوحدة المغاربية وما يسمى “الحلم المغاربي” الذي تقف هذه الصراعات حجرة عثرة لقيامه. وشخصيا لا أرى أن موريتانيا مستفيدة أبدا، وإن كنت أرى أنها تستفيد من القرب الجزائري على حساب المغرب لصرحت بذلك.

ذكرت أن موريتانيا يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في حلحلة الصراع بين المغرب والجزائر؛ كيف ذلك؟

موريتانيا لها تجربة يجب أن يحتدى بها في تخطي ملفات الصراع في المنطقة، فقد كانت لديها خلافات مع الجزائر بسبب دعم هذه الأخيرة لخصوم موريتانيا في حرب الصحراء، كما كانت لها خلافات مع المغرب على مستوى الإستقلال والحدود، ورغم ذلك تخلصت موريتانيا من هذه الملفات واعتبرت كما أنها لم تكن موجودة.

موريتانيا تخلصت من العبء التاريخي لملفات الخلافات في المنطقة واتجهت نحو مسارات الوحدة والأخوة والصداقة والمصالح المتبادلة، وهذه تجربة رائدة يجب أن يحتدى بها في المنطقة لأنها سياسة ذكية جدا، وهذا ما يجعل الأطراف الأخرى تستفيد منها في حل الصراعات القائمة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
salah
المعلق(ة)
20 يناير 2024 21:06

الطنز البلدي غير كايخربق هذا موىيتانيا تستفيد من الصراع وليس العكس وهو في صالحها المغرب يجب ان يكون متفطنا وان لا يتعامل بالعاطفة سمعت ان موىيتانيا بدات منذ مدة بالتضييق على بضاءع المغرب بتوقف الشاحنات قبل منتصف الليل و سرق المازوط ثم زيادة في الجمارك… المغرب يعمل اتفاقية معهم في التعليم العالي والتكوين و سيعطيهم اماكن و منح للطلبة على ظهر طلبة المغرب لاصلا ماعندهمش بلايص فين اقراو وبلايص في الحي الجامعي… يجب حصار هذه الدويلة وليس مساعدتها لانهم خونة واي تزحزيحة يجب ارجاعها لارض الوطن لم يكن في التاريخ دويلة اسمها موريتانيا باربعة ملايين سكان و مليون كلم مربع مساحة اكبر من المغرب ياه على هبال

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x