لماذا وإلى أين ؟

هكذا قاد وهبي “البام” للهاوية بحصيلة صفرية خلال ولايته الأولى

تفصلنا أيام قليلة على نهاية الولاية الأولى لتولي عبد اللطيف وهبي، رئاسة حزب “الأصالة والمعاصرة”، في مؤتمر “عرف عملية سطو وقرصنة للحزب”، حسب تصريح حسن بنعدي، أول أمين عام لذات الحزب.

وعلى أعتاب كل مؤتمر وطني لأي حزب أو نقابة أو جمعية، دائما ما يطرح الرأي العام والصحفيين والباحثين تساؤلات حول حصيلة القيادة المنتهية ولاياتها، وهل قاد التنظيم نحو التطور والتألق أم نحو الاندحار والانتكاسة؟ إلا أنه في حالة وهبي الحصيلة تتحدث عن نفسها، وباستطلاع بسيط للرأي العام المتتبع للشأن السياسي وحتى غير المهتم بذلك سيكون الجواب أن وهبي نجح بامتياز في نسف القاعدة الجماهيرية للحزب بإدخاله في صراعات مع جل الفئات الاجتماعية، فكيف تم ذلك؟

صدام وهبي بالحركة الحقوقية 

كان أول صدام لـ”البام”  بقيادة وهبي مع الحركة الحقوقية، بعد اكتشاف هذه الأخيرة أن المحامي وهبي باعها الوهم خلال مرحلة تخطيطه للانقضاض على قيادة “الجرار”. فما أن ترأس الحزب وبلغ بواسطته منصبا حكوميا، حتى غير جلده وتنكر لوعده بتحقيق ما كان يسميه “انفراجا حقوقيا”، من خلال إحداث مبادرة للعفو عن معتقلي الأحداث التي عرفتها الحسيمة والنواحي، أو ما عرف بـ”حراك الريف”، في حالة فوزه بالانتخابات، وهو ما جعل جزء من الحركة الحقوقية تدعمه، وبدل ذلك راح يحمل المعتقلين مسؤولية ما هم فيه من وضعية، معلنا أنه أغلق هذا الملف نهائيا، الأمر الذي خيب آمال كل الحقوقيين الذين وثقوا فيه، بعد معرفته على حقيقته.

صدام وهبي بحماة العدالة

وكأن له ثأر قديم يريد تصفيته، دخل وهبي في صدام مباشر مع فئة مهمة في المجتمع لها وزن حقوقي واعتباري خاص جدا، وهم المحامين، زملائه السابقين، لما عزم على إحداث تغييرات بشكل أحادي وفجائي ودون تشاور مع المعنيين في النظم القانونية المُنظمة لمهنة المحاماة، ما أدى لانتفاض هذه الفئة عن طريق إضرابها عن العمل، ترتب عنه شلل كلي في جل المحاكم لم يعتده المغرب أبدا طيلة تاريخه الحديث، وكالعادة كان المتضرر الأول من مزاجية وهبي في حربه المُعلنة مع المحامين هو الحزب الذي يترأسه الذي خسر فئة أخرى من فئات المجتمع.

ولم تمر سوى أشهر قليلة، حتى أعلن ذات الشخص حربا أخرى على فئة لا تقل أهمية عن المحامين، رجال ونساء التعليم، وذلك بصبه الزيت على النار في عز الاحتجاجات التي تخوضها هذه الشريح رفضا لاعتماد نظام أساسي جديد، حيث إنه في الوقت الذي كانت فيه جل المؤسسات التعليمية العمومية المغربية متوقفة كليا عن العمل، خرج عبد اللطيف بتصريح لا يصدر عادة عن مسؤول حكومي عاقل، يهدد ويتوعد فيه المحتجين، الشيء الذي أدى، ليس إلى توريط الحزب وفقط ، وإنما إلى توريط الحكومة التي كانت تسارع الخطى والزمن للوصول مع ممثلي الشغيلة التعليمية لحل منصف يعيدهم لأقسامهم ويُنقذ الزمن الدراسي للأبناء الشعب المغربي، ومدد من عمر الأزمة أشهر أخرى.

فضيحة اللاتجار الدولي بالمخدرات

كأن هذا الحزب مصيره المرور من ورطة إلى ورطة أكبر في عهد عبد اللطيف وهبي، فما إن يتناسى المجتمع نسبيا فضيحة حتى تظهر أخرى أكبر منها، وتبقى أكبر فضيحة هزت هذا الحزب، هي تورط نافذين به في شبكة دولية للاتجار الدولي في المخدرات، وبدل أن تكون ردة فعل أمينه العام متزنة وعاقلة وتعرف كيف تخرج الحزب من هذه الورطة وتفصل بينه وبين منتمين له معتقلين بتهم ثقيلة،  كانت ردة فعل وهبي مُخيبة للآمال.

فبدل  إعلان وهبي استنفارا عاجلا داخل حزبه باتخاذ إجراءات عاجلة تحمي الحزب وتحسم كليا مع المُتورطين، سارع إلى تهديد كل من سيتناول الموضوع بالمتابعة القضائية، في محاولة يائسة لإسكات وتخويف من يرغب في البحث بتفاصيل القضية والأسماء المتورطة فيها.

فرصة تاريخية لـ”البام” للتخلص من عبء كبير أسمه وهبي

بجرد بسيط تبين أن  حصيلة وهبي خلال الولاية الأولى لرئاسة “البام” صفرية، وأن كل إنجازاته هي الزج بالحزب في صراعات أضرت به كليا وخاصمته مع كل الفئات التي كان يطمح لاستقطابها، وتهدد بنسف كل ما راكمه الحزب خلال السنوات القليلة من عمره داخل المشهد الحزبي المغربي.

إن حزب “الأصالة والمعاصرة” وهو يستعد لعقد مؤتمره الخامس، في ظل أجواء صعبة يمر منها، عليه أن يختار بين طريقين لا ثالث لهما، طريق الاستمرار نحو النفق المجهول، بإعادة تنصيب وهبي أمينا عاما للحزب، أو  انتخاب قيادة رزينة مسؤولة تعمل على مصالحة الحزب مع الغاضبين منه، وتصلح ما أفسده، وتطمئن الباميين والباميات وشركاء الحزب في الائتلاف الحكومي. إن زمن توريط الحكومة وإحراجها انتهى بنهاية حقبة شخص إسمه وهبي، أتبث عدم جدارته وأهليته للمسؤولية الحزبية والحكومية .

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
28 يناير 2024 07:57

كيف لمن “.. خلينا نحلو الأمور من تحتها” ، و لمن ابتلع لسانه عن أسئلة الصحفي حميد المهدوي حول الضرائب أن يقود حزبا من حجم “التراكتور” ؟!! ! وهو الذي كان يصرخ بمطالبة أخنوش بإرجاع 17 مليار درهم، فأخرسه صاحب مول النعناع بمنحه كرسي وزارة العدل. أتقاد الأحزاب بمثل هؤلاء ؟؟؟

ملاحظ
المعلق(ة)
27 يناير 2024 21:33

يقول المثل المغربي”أولاد عبد الواحد كلهم واحد”،
ان المتتبع للشأن الحزبي ،في المغرب،يجزم أن غالبية الاحزاب،تسير في نفس الاتجاه_المرسوم لها سلفا_،فهي،غير ديموقراطية،وتتوارث عبر التناوب ،وهي اليوم_دون قواعد_،ولاتبحث الا عن المصالح،وتقاسم المسؤولية،بعيدة عن قضايا وهموم المجتمع،وبناء عليه،فما يسري على هذا الحزب_الاداري_لايختلف عن بقية الاحزاب الاخرى،التي تعتبر _خارج التغطية_،تنتظر دورها،للاستفادة من “الكعكة”،
لك الله يا وطني…

عبد الكريم
المعلق(ة)
28 يناير 2024 12:41

وماذا عن حديثه عن معرفته بلون تقاشر المغاربة وسحب قانون الاثراء غير المشروع وتفسيره لانفجار وقع في الصحراء ….
ومع ذلك فإن اغلب الظن انه سيبقى

مغربي حر
المعلق(ة)
29 يناير 2024 08:37

الكل يعرف جيدا كيف خرج هدا الكيان إلى الوجود و ما دفع جل المنتسبين إليه إلى الالتحاق به و ما هي دوافعهم. و النتيجة هو ما نراه اليوم. و ما السيد وهبي إلا عينة. الله يلطف بنا

احمد
المعلق(ة)
28 يناير 2024 12:06

السرعة تقتل، والبام تصاعد بشكل لافت في وقت قياسي، تم تنازال بهبوط حر في سرعة هي الاقصى.

بوجمعة
المعلق(ة)
27 يناير 2024 22:10

منطقيا ، أرى أن منصب وزارة العدل تسند الى “بروفايل ” يتسم ب:
– يحمل تراكما مميزا في المعرفة وقويا من حيث المساهمات النضالية والفكرية العلمية والحقوقية والسياسية لان ذلك يؤهله لتحمل المسؤولية بصفة بطمانينة وقناعة….
– شخصية تحمل صفة حسن الخلق والوقار وقناعة المبادئ وفي القيم الإنسانية الثابثة واثناء الممارسة ، تقيه دائما من الاضطراب والضعف عند ابداء المواقف و عند حالات تدارك الاخطاء المهنية ومن جدل العموم الطموح دائما الى العدل ولانصاف في عالم أصبح ينزلق في كل حين وبسرعة نحو التعقيد في كل المجالات.
– تحمل الصفة النبيلة للسياسة وعلومها التي تعني تدبير الممكن والصعب وحيث لسان الوزير لا يقدف إلا بكلمات ومواقف بناءة تجاوبا مع المسعى وبحمولة حقوقية في الجوهر وفي العلاجية لاشكالات الناس..
– ان يكون فخورا ان اضاف قيمة عملية لخزن الوزارة وللقانون ولحقوق الانسان في هذا الوطن العظيم ملكا وشعبا ، عوض الانفراد بسلك شطحات رديئة غامضة وثرثرات سياسوية بعيدة عما ننشده كأمة…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x