لماذا وإلى أين ؟

على هامش حرق القميص الوطني

نورالدين زاوش
لم يخرج الشعب الجزائري عن بكرة أبيه فرحا بانتهاء عصر القمع والاغتيالات والاختطافات في جنح الظلام، والتي تطال كلَّ من عارض أو جادل أو حتى نبسَ ببنت شفه، ولم يخرج نشوة بانقضاء زمن الحرائق التي كانت تشعلها السلطات في البلاد كلما تحسَّس المسؤولون رؤوسهم، ولم يخرج استبشارا بانبلاج فجر جديد لا وجود لمشاهد الطوابير الصادمة فيه، ولا مكان فيه للفقر والبطالة والهشاشة والتهميش وغياب الأمن وتدني الخدمات الصحية والتعليمية؛ ولم تُخرجه جرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأبي منذ أربعة أشهر؛ أو مشاهد الدمار المروعة التي ترتكبها عصابات الاحتلال الصهيوني كل يوم، إنما خرج ليحرق القميص الوطني لبلد ضحَّى بأمنه واستقراره من أجل استقلال الجزائر.

لقد صُدمت الشعوب العربية وهي تتابع بحيرة شديدة ما قام به”الجزائريون”،والذين جعل منهم عسكر المرادية مجرد كائنات مجردة من العقل والمنطق والأخلاق، وما الفضائح التي ارتكبها مشجعوه في شوارع ساحل العاج من عربدة وسرقة وتنمر على الشعب الإيفواري الطيب، والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم؛ إلا غيض من فيض، لتتحقق بذلك نبوءة الحسن الثاني رحمه الله حينما كان يأمل في أن يعرف العالم مع من حشرنا الله في الجوار.

ما يريده نظام الكبرانات من تهييج شعبها لمغيب بالتركيز على مجال كرة القدم؛ رغم أن هذا المجال لا يقدم ولا يؤخر، أن يتستر عن خيباته التي بلغت عنان السماء، والتي من بينها خيباتُه في مجال كرة القدم نفسه؛ إلا أنه للأسف الشديد،بفضل مكره وخداعه اللذان تعلمهما طيلة قرن ونصف على يد المارشال الفرنسي المتغطرس، تمكن مِن أن يُقنع شعبه المغلوب على أمره، أن خسارة فريق المغرب يُعتبر إنجازا غير مسبوق للجزائر، في مشهد يدعو للشفقة أكثر مما يدعو لأي شيء آخر.

ما على الجزائريين معرفتُه والتيقن منه، أنه أيام أزمة نهائيات كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة التي احتضنتها الجزائر السنة الفارطة، وفي عز اللغط الواسع حول قرار منع المنتخب الوطني المغربي من رحلة مباشرة، حيث لم يعد للإعلام الجزائري البئيس ما يشغله سوى النيل من المغرب بكل دناءة وصفاقة وخبث في حلقاته التحليلية “الدُّنكِشودية”، كان جلالة الملك، حفظه الله، منشغلا يومها بتدشين أكبر مستشفى طبي في إفريقيا بطنجة الأبية، والذي يضم جميع التخصصات الطبية والاستشفائية؛ إذ كان هذا التدشين بتاريخ 28 أبريل 2023 أي يوم واحد قبل اقتتاح هذه الإقصائيات في 29 أبريل.

الأمر نفسه يتكرر في نهائيات كأس إفريقيا المقامة حاليا بساحل العاج الشقيقة؛ ففي الوقت الذي توجد فيه الجزائر منشغلةٌ عن آخرها، بالعدد المهول لركلات الجزاء التي حرمها منها الحكام “الفاسدون”بإيعاز من “لقجع” و”المخزن” وإسرائيل، كان جلالة الملك، حفظه الله، مُنْكبّا على إنجاح المبادرة الأطلسية التي ستغير وجه المنطقة إلى الأبد، والتي أشَّرت عليها مكالمة جلالتِه لرئيس نيجريا، فخامة السيد “بولا أحمد أديكونلي تينوبو”، من أجل إتمام مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط إفريقيا بباقي قارات العالم.
من المؤكد أن السلطة السياسية التي تضع كل بيضها في سلة كرة القدم، سلطة بليدة غايةٌ في البلادة؛ لأنه يوشك أن يأتي عليها يوم يفقس فيه هذا البيض ويفسد؛ فتفقد البيض والسلة معا.

عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
13 فبراير 2024 15:20

ما حققه المغاربة من الكان كان اعظم وابلغ تاتيرا من الحصول على الكاس، وهو خلق تواصل خلاق بين مشجعي الشعبين، تم فيه الانصهار والتمازج على اهاجيز غنائية شعبية من البلدين وتم فيها تبادل الاطباق، والملابس، والفرحة المشتركة اتناء تشجيع الفريقين، واعظمها كان إحياء حظوظ الفريق الايفواري في التاهل والفوز بالكأس على يد المغرب، تم بعده رفع علم البلدين في المدرجات وذالك هو اعظم انجاز، واعظم فوز بنكهة مغربية، و اعظم تقارب تحققه الرياضة بين شعبين فطوبا للطيبين، والخزي والعار للحاقدين الذين يجعلون من الرياضة معولا للهدم ولزرع التفرقة والحقد بين الشعوب.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x