لماذا وإلى أين ؟

شرود دي ميستورا

خالد فتحي

أدق وصف لما اقدم عليه المبعوث الأممي في ملف الصحراء ستيفان ديمستورا هو أنه قد صار في حالة شرود وتجاوز لحدود مهمته للبحث عن حل متوافق عليه، ومستدام للقضية المفتعلة في اقاليمنا الجنوبية . فجنوب افريقيا التي لاندري اية ذبابة عضته كي يزورها ،لاتتمتع بوضع خاص تجاه الأطراف المعنية بالصراع ، حتى يسعى لسبر رأيها او طلب مشورتها .

هي اولا وقبل كل شيء طرف غير معني بالصراع ، كما أنها ليست بالبلد المحايد الذي يمكن أن يفيد او يدفع بعجلة الحل إلى الأمام، والادهى من كل هذا أنها عجزت حتى أن تكون خصما شريفا لنا ولوحدتنا يمكن للمغرب أن يتكلف ويتصنع الإنصات له .
لجنوب افريقيا سوابق عديدة مع المغرب، لو قد استحضرها هذ المبعوث الأممي لما كان قد اقترف هذا العبث الذي لايمكننا باية حال من الاحوال ،أن ندمجه ضمن مانصطلح عليه بالديبلوماسية.اذ يعلم القاصي والداني ان المغرب لاينتظر اي خير من نظام بريتوريا في صيغته الحالية .

فهو أولا قد تنكر لكل الدعم الذي قدمته الرباط لجنوب افريقيا خلال محنتها الطويلة مع الأبارتايد ،كما أنه ومنذ عام 2004 ، مر للعداوة القصوى مع الرباط حين شرع يعزف لحنا موحدا مع قصر المرادية بالجزائر، ظل يناهض به لفائدتهم الحقوق المغربية ،ويتبنى من خلاله إلى جانبهم اوهام الاطروحة الانفصالية.

لننتبه ان الجزائر وجنوب افريقيا يعانيان من نفس العقدة التي لانخالها تخفى على أحد في هذا العالم.فهما تعتقدان معا ومن خلال هذيان منظم أنهما وصيتان على حركات التحرر ،وحين اعوزتهما حركة تحرر حقيقية بافريقيا، نراهما دائما تحاولان أن تلبسا البوليساريو هذه الجبة المكذوب عليها خالطين بين التحرر والإرهاب والانفصال.

زد على ذلك ان جنوب افريقيا ،تحركها الرغبة في قيادة القارة ،و لكنها ترى في المغرب بلدا له من العمق الافريقي ،ومن الحضارة الضاربة في غياهب التاريخ ما يمكنه من أن ينافسها، خصوصا وأنها تطمع لتمثيل افريقيا في مجلس الأمن كعضو دائم اذا تم توسيعه ، ولذلك هي تستبق و تستعمل الجزائر لتعوق المغرب عن ان يكون له هذا الطموح وهذه المكانة افريقيا ودوليا ،والجزائر القصيرة النظر بدورها تستعملها متوهمة انها تشد أزرها في عداوتها لبلد شقيق لاتريد له ان يحلق عاليا ،وأنها تضفي شرعية معينة على ربيبتها البوليساريو. لكن كل هذا هو محض تهيؤات وحسابات ذهنية افتراضية تؤثث فقط الخيال المتورم لهذين النظامين، ليس لها مايدعمها على أرض الواقع .فالمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها ،ومايعرفه جنوبنا من نهضة تنموية وعمران و ممارسة ديمقراطية واقلاع اقتصادي ليؤكد قطعا هذيان هذين النظامين وانفصالهما عن الحقيقة التاريخية،وبعدهما عن تلمس الواقعية السياسية،وقصورهما عن قراءة التحولات الاستراتيجية الجارية .

أليست جنوب افريقيا من ادعت زورا وبهتانا السنة الماضية أن المغرب قد قدم طلبا للانضمام الى بريكس، سارع المغرب حينها الى نفيه ،ولكنه فعل بعد ان فهم العالم ان بريتوريا تتحرق شوقا لكي تؤذي المملكة، وتفرض استاذية غريبة عليها ،وذلك من خلال اصطناع رفض مخدوم ومحبوك لها داخل المنظمة.

ثم اليست جنوب افريقيا هاته التي زارها المبعوث الأممي ليستشيرها بشأن الصحراء المغربية، هي نفسها التي الدولة التي فضلت عليها الدول الافريقية المغرب عليها خلال التصويت لرآسة لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة . فهل يستشار المفضول في أمر يخص المفضل ؟؟.

ولذلك فإن ماقام به المبعوث الأممي كان مجرد قفزة في الهواء، مبادرة غير محسوبة العواقب ،شطحة ديبلوماسية او بالأحرى شطحة شخصية له ، بدعة لاتلزم المغرب في شيء..زيارة تدخل في اللاحدث أشبه بالاصفار التي تكون على الشمال ،ولولا لؤم خبرناه،وخبث نعرفه لدى نظام الجارة ،وحاجة لديه لشغل شعبه بانتصارات ومكتسبات وهمية ،ماكنا لنرى ديمستورا هذا ،وهو يتوجه الى بريتوريا ، بل ما كنا لنراه ولو توجه بالملف الى المريخ كما قال وزير الخارجية ناصر بوريطة.فسيادة المغرب على صحرائه أمر غير قابل للنقاش ولا للتراجع .مايفاوض عليه المغرب هو حفظ ماء وجه طرفين من الأطراف الثلاثة التي كان ينبغي للمبعوث الأممي أن يجمعها مع المغرب حول موائد مستديرة لأجل الحل الواقعي الذي لن يخرج عن الحكم الذاتي .

صحراء المغرب يا ديمستورا محصنة ،وجيشه رابض على كل ثغوره،وديبلوماسيته يقظة متوثبة مرنة دونما تضحية ولو بقيد انملة بسيادته ضمن حدوده الحقة ، لكن يده ممدودة دائما من أجل السلم و التنمية و الرخاء.

ليزر من شاء من يشاء ،فالمغرب لا تهزه حركات بهلوانية ولا غيرها .هو جلد صامد لا يفت عزمه لا كيد كائدين ولاتآمر متآمرين اذ،كلهم ينطبق عليهم جميعا ماعناه الشاعر بقوله : كناطح صخرة ليوهنها..فلم يهنها واوهى قرنه الوعلا.

لذا من المؤكد أن هذه الزيارة لن توهن المغرب ،ولكنها حتما ستوهن ديمستورا الذي جرت عادته ان يفشل في كل مهامه .

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
20 فبراير 2024 19:18

ديمستورة يحاول تعليق سبب فشله على المغرب، لذلك بدأ يقوم بزيارات شاردة، تستفز المغرب، حتى يقال انه أقيل ولم يستقل.

Nasser
المعلق(ة)
20 فبراير 2024 13:50

Pauvre maroc. Il est comme celui qui se voyait en haut de l’affiche. Faut vous réveiller et voir exactement où vous êtes. Avant qu’il ne soit trop tard.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x