لماذا وإلى أين ؟

على نهج وهبي.. ميراوي يصب الزيت على نار احتجاجات طلبة الطب

أعادت تصريحات وزير التعليم الحالي عبد اللطيف ميراوي، موضوع التواصل السياسي لدى المسؤولين المغاربة للواجهة، وطريقة تصرفهم مع ما تعانيه قطاعاتهم من احتجاجات وإضرابات.

ووصف الوزير المعني أطباء وصيادلة الغد، بـ “المحرضين، والمشهرين والممارسين للابتزاز والتنمر في حق زملاءهم”، كما يرى المتحدث أن نسبة 100 في المئة المُحققة في جل الإضرابات المُسطرة من طرف اللجنة الوطنية للطلبة الأطباء والصيادلة هي نتيجة منع قادة الاحتجاجات لباقي الطلبة من اجتياز امتحاناتهم ودروسهم وليس نتيجة اقتناع تام بالملف المطلبي، ليختم تصريحه بتحميل الأزمة لجهات خارجية بقوله “المشكل الذي نعيشه (يقصد مقاطعة طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان للدراسة والامتحانات)، ليس مشكلا، ولكنْ كايْنة شي حاجة أخرى، وحْنا فراسنا كلشي”

وقبل الدخول في مسألة التواصل السياسي لوزراء الحكومة، وبالضبط للوزراء المحسوبين على حزب الأصالة والمعاصرة، وجب الوقوف عند العبارات الأخيرة، فكيف يُعقل أن يتستر الوزير المعني عن الجهات التي تسعى، حسب وجهة نظره، للتحريض وهو في الأصل نظم الندوة التي حضرها كل الطيف الإعلامي المغربي لتبليغ الرأي العام بالمستجدات وكيفية تعامل الوزارة مع الأزمة وأسبابها؟ وما الداعي للندوة أصلا إذا كان لن يكشف للمغاربة عما يعرفه هو دون سواه حول هذه الجهات؟ ألا يعلم السيد الوزير أن الرأي العام من حقه معرفة هؤلاء وإلا لا داعي لذكر الأمر من الأساس؟ وهل يعي أن ألفاظه تستوجب متابعة جنائية؟

الكثير من المتتبعين وهم يستمعون لتصريحات ميراي الأخيرة، تبادر إلى ذهنهم في الحين تصريحات مماثلة سبق وأدلى بها زميله في الحزب عبد اللطيف وهبي الأمين العام السابق لـ”الجرار”، ووزير العدل الحالي، لما صرح على الهواء مباشرة، “أن الحكومة تتواجد في موقع قوة، وكأنه يصف تطورات حرب عسكرية بين طرفين، ولن تقبل بلي ذراعها من طرف أحد”، وذلك بخصوص النقاش المثار حول النظام الأساسي المرفوض من قبل الشغيلة التعليمية (والذي تم تغييره في آخر المطاف ).

ولا بد من التذكير ونحن نستمع إلى تصريحات بعض وزراء “البام” المُستفزة البعيدة عن الحكمة، ببعض أبجديات “التواصل السياسي والمؤسساتي”، فحين يمر المجتمع بحركة احتجاجية عارمة غير مسبوقة، وتلقى تعاطفا شعبيا واسعا، فلا يجب دخول الجهات الرسمية في مشادات إعلامية مع قاداتها، لأن ذلك سيُضطر الطرف المُحتج على التصعيد من خطواته حتى لا يظهر في موقع المهادن والمستسلم للتهديدات، وسيَعدم بالتالي أي إمكانيات لحل الملف بطريقة حضارية سواء عن طريق الوسطاء أو جهة أخرى.

كما أنه من الناحية السياسية ومن ناحية المصلحة العامة، يجوز التساءل الآن عن ماذا ستستفيد وزارة التعليم العالي من التصريحات والتهديدات التي أطلقتها في وجه أطباء الغد؟ وهل عاد طلبة الطب بعدها لتداريبهم؟ وهل تخَلَوا عن برنامجهم الاحتجاجي وعادوا للدراسة وحُلت الأزمة التي تهدد بشبح السنة البيضاء؟ الجواب عن كل هذا هو لا، فبعد ساعات قليلة بعد الندوة أصدر طلبة الطب بيانا يعلنون فيه تنظيم إنزال وطني ضخم وندوة صحفية للرد على التصريحات، ما يعني أن الندوة التي انتظرها مئات الألاف من المغاربة علها تحل الأزمة زادت وفاقمتها.

من جهة أخرى فإن مثل هذه التصريحات ستبقى خالدة في التاريخ، فلن ينسى المغاربة مهما مر الزمن نعت الأساتذة بالمخربين، ونعت طلبة الطب بالمحرضين المشهرين، وغيرها من الأمثلة. وأكيد أن أولياء أمور طلبة الطب لن يقبلوا وصف أبناءهم الطلبة  بـ “المحرضين والمنفذين لأجندات جهات خارجية”.

إن المسؤول الحكومي لما يتقلد منصب ما، عليه بالضرورة أن يتحلى بالحكمة والتقليل من الاتهامات، وإذا لم يكن يحمل حلولا جاهزة لحل مشاكل قطاعه، فعليه دعوة المحتجين للحوار غير المشروط بطريقة هادئة تحمل في طياتها التفهم للمطالب لا التهديد والوعيد.

ولا بد من الإشارة كذلك، أن جل نظرات المنظمات الحقوقية الدولية وثقلها سيتجه الآن نحو المغرب، بحكم ترؤسه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ما يعني أكيد تضرر صورته الدولية بهكذا خرجات غير محسوبة، فمن الصعب تصور مرور وصف الطلبة أطباء بالمحرضين والمشهرين وغيرها من التهم الجنائية مرور الكرام.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

5 1 صوت
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Ibrahim
المعلق(ة)
26 فبراير 2024 09:02

الشوفة فيهم كتجيب الاكتئاب سبحان الله

MRE de Montpellier
المعلق(ة)
26 فبراير 2024 20:29

c’est normale , il y aura de plus en plus des Manifs , vu la faiblesses de certain Ministre qui généreusement il a accordé des augmentations de 1500dh d’un coup du jamais même dans les pays riches je crois , c’est normale que tout corps de métier défend son pré-carré

متتبع
المعلق(ة)
25 فبراير 2024 20:40

ابتلانا الله بمسؤولين لايعرفون معنى المسؤولية فهم على شاكلة بعض زعماء البيجيدي لا يعرفون سوى الكلام النابي بعيدا عن اخلاق المسؤولين .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x