لماذا وإلى أين ؟

إسلامي يكتب: اللعبة القذرة لجماعة العدل والإحسان

نورالدين زاوش*

إن المُطَّلع عن كثب على التراث الفكري والأدبي لمؤسس جماعة العدل والإحسان، عبد السلام ياسين، يجده قد كتب عن كل شيء: الديمقراطية، الرأسمالية، الشيوعية، الماركسية، العلمانية، القومية، الحداثة، المرأة، الصوفية، الدعوة والدولة؛ إلا قضايا الوطن، وعلى رأسها الوحدة الترابية للمملكة، فهو لم يكتب عنها سطرا واحدا، ولم يذكرها من قريب ولا من بعيد؛ رغم عشرات الكتب وآلاف الصفحات التي خطها بيمينه؛ وكأن القضية لا تعنيه؛ أو ربما تعنيه لكنه يجعلها محط ابتزاز للدولة ومقايضة لها؛ مما يفسر تنظيم الجماعة لعشرات المظاهرات والمسيرات والوقفات طيلة أربعة عقود؛ ليس من بينها واحدة تساند الوحدة الترابية.
على هامش عرض الوثيقة السياسية التي خرجت بها علينا جماعة العدل والإحسان في ندوة صحافية يوم 6 فبراير الجاري، وعلى إثر سؤال وُجِّه للسيد الحمداوي، نائب رئيس الدائرة السياسية، عن سبب اختيار هذا التوقيت لإصدار هذه الوثيقة، أجاب بأنه كان من المفروض أن تخرج في وقت سابق إلا أن زلزال الجنوب قد حال دون ذلك، ويقصد بذلك زلزال الحوز؛ إلا أن المثير في الأمر اعتبار الحوز من المناطق الجنوبية مما يعني أن الصحراء المغربية ليست جزءا من المغرب؛ وإلا كان الحوز وسط المغرب وليس جنوبه.
إن هذه اللعبة القذرة التي دأبت جماعة العدل والإحسان على أن تلعبها مع الدولة، لعبة قديمة لم يَطَلْها أي تغيير أو تعديل؛ على الرغم من كل التغييرات التي طرأت على العالم، فالقوم ما زالوا يعيشون في جلباب عبد السلام ياسين وكأنه يعيش بين ظهرانهم، وما زالت أدبياته العقيمة وتنظيراته الفارغة تستحوذ على مشاعرهم “النبيلة”، وتسيطر على جلساتهم “التربوية” والسياسية، من قبيل “الزحف” و”القومة” و”اقتحام العقبة” و”المُلك العاض والجبري” وغيرها من التُّرهات التي عفا عنها الزمن.
من يعتقد بأن فكر الجماعة، بعد إصدار وثيقته السياسية، قد تزحزح عن مكانه وخطا خطوة إلى الأمام فهو حتما مخطئ؛ إلاّ إذا اعتبرنا أن بين عالم الخزعبلات الذي لا يدور إلا في رؤوس أتباعها وبين عالم الواقع مائة ألف خطوة، مما يتطلب عشرة قرون لكي يعودوا فقط أناسا أسوياء يفكرون مثلما يفكر الجنس البشري، ويتصرفون مثلما يتصرف.
من الواضح أن القوم الذين يعتقدون بأن النبي عليه الصلاة والسلام يزورهم في مجالسهم “الربانية” بجسده الشريف، ويحدثهم ويحدثونه حديث الصاحب لصاحبه؛ والقوم الذين يؤمنون بأن والدة الشيخ ياسين تكلمهم من قبرها، وتُغْدق على زائريها بالمواعظ، وتزودهم بالنصائح والإرشادات، بتأكيد الشيخ ياسين نفسه، قومٌ لا يمكن أن يتزحزح فكرهم ولو بعد ألف قرن؛ لأنه بكل بساطة فكرٌ غير قابل للتزحزح.

*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي كاتبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
علي
المعلق(ة)
2 مارس 2024 09:37

الأفكار المتطرفة للتي تنهيها الجماعات التي تدعي انها هي الحل لا يمكن الوثوق بها لان العقد والحل ليس بيدهم بل لاسيادهم الذين يحدقون عليهم بالاحوال لتبني الفكر المضاد للحكومات والدول نحن الآن في عصر الذكاء الاصطناعي وهم لا زالوا يتبركون بملعقة ياسين وحذاء وجلبابه ولهم جرا من امتعته لاحول ولا قوة الا بالله

Dghoghi
المعلق(ة)
2 مارس 2024 16:30

باختصار جل الظلاميين الاخونجية مستغلي الدين يعكرون صفاء الفكر…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x