لماذا وإلى أين ؟

أخلاق البرلمان وماكوماخيا

محمد طه

يجتهد مجلس النواب منذ نهاية دورة الخريف إلى الوصول إلى مدونة للأخلاق البرلمانية، وبدون شك مجلس المستشارين أيضا، بهدف تحصين السلوك البرلمانية خصوصا بعد دعوة جلالة الملك إبان تخليد الذكرى الستون للبرلمان .

وتزامنت دعوة الملك مع ارتفاع منسوب المتابعات القضائية ضد برلمانيين ليس بسبب ممارساتهم التشريعية والرقابية ولكن بفعل سلوكاتهم في تسيير الشأن المحلي بالخصوص وبعض المعاملات التي اختلط فيها التجاري باستغلال الصفة الانتخابية والفعل الجرمي ومزاوجة السلطة بالتجبر وربما بالمال أيضا.

هذا لا يعني أن البرلمانيين وحدهم من التفتت إليهم آلة القضاء …فقط صفة البرلماني مدعاة لجر الانتباه….والواقع أن المتابعين في ملفات توصف بالفساد لمنتخبين محليين تجاوزت أعدادها المئات، ولكن لانتبه إليها العامة لكون أصحابها ذووا امتدادات محلية ،في حين أن البرلمانيين يتمتعون بشهرة وطنية، كلما أصابهم مكروه، يصل مدى الخبر إلى العالمين ،وهكذا تصبح متابعاتهم مصيبة تؤثر تداعياتها على الشخص وحزبه وأهله ومرافقيه وربما ثلوث سمعة الوطن كله.

وبغض النظر عن مضمون الفعل الاجرامي فإن تكرار الأمثلة وتواليها فرضت وقف النزيف بالدعوة إلى سن مدونة للأخلاق تهم السياسيين بمختلف مسؤولياتهم، وإن كان أن البرلمان معني بالدرجة الأولى بهذه الحمية فإن مدونة الأخلاق يجب أن تؤطر الجماعات والمجالس الإقليمية والجهوية والجمعيات المهنية وحيث ما وجد المال العام .

غير أن دعوة جلالة الملك في الرسالة الموجهة للبرلمان كانت واضحة في رسم معالم تقويم الأخلاق حينما تحدث عن الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة وإقرار مدونة الاخلاقيات..

وهذا يهم المجلس الذي يرأسه الطالبي العلمي مجلس النواب والنعم ميارة رئيس مجلس المستشارين ،حيث هنا ربما وهناك وجب تدريس كتاب فلسفة الأخلاق لنيتشه وكتاب أخلاق السادة والعبيد وميثاق الأمم المتحدة والأخلاق الفطرية والمكتسبة وربما مكارم الأخلاق في القرآن الكريم ولم لا استلهام كتاب الدكتور أحمد شحلان عضو أكاديمية المملكة ليحدث الناس عن أخلاق (ماكوماخيا).

حقيقة أصبح الأمر مدعاة للتندر والأسى ..فهل كان لابد من تدخل ملكي يعيد التذكير بضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية وتخليق الحياة البرلمانية…والرفع من جودة النخب ..

ثم ما معنى جودة النخب ..أليس هو البحث عن صفات النبل والحكامة ودماثة الأخلاق والرفع من المستوى العلمي وتقدير المسؤولية والصفة والوقار والانضباط.
ثم إن القوانين الأساسية والداخلية لجميع الأحزاب تفترض في باب الانخراط بها كل هذه الصفات مجتمعة ،فما سمعنا يوما أن حزبا ينادي بانخراط اللصوص والجهلة وعديمي المروءة…!!!!!

كل الأحزاب تقول إن* المناضل* يوثر أولا الصالح العام وخدمة الناس والمساهمة في التوعية والتأطير ،فكيف أصبح هذا المناضل مثالا لنقيضه.

الخلل ببساطة موجود في هذه الآليات السياسية ابتليت بمنتسبين وليسوا مناضلين، منتسبين شكلا يستطيعون جمع الأصوات وتجييش الموالون والقذرة على تمويل الحملات الانتخابية وتنشيطها. منتسبين تجتمع فيهم كل الصفات الا صفة ..الجودة الملكية..ويقدمون جميع المصالح الا المصلحة العليا ..بطبيعة الحال لايجب التعميم فالخير في امتي إلى يوم الدين …غير ان الظاهرة حاضرة مع الاسف ولاتتحمل الاحزاب وحدها هذا التدني..فالمتسللون اليها أذكياء وحربائيين قد يتقدمون في صورة ناسكين متعبدين ويتحولون إلى شياطين ماردة بمجرد التمكن والتمكين.

إلى ذلك وجب الاستئناس بشعرائنا وترديد إنما الأمم الأخلاق..إن هي ذهبت ذهبوا
وربما نقول البرلمان أخلاق إن هي ذهبت ذهب..

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي كاتبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
8 مارس 2024 16:17

البداية هي تخليق عملية الترشح للانتخابات. فلا يجوز أن يتقدم شخص للترشح للانتخابات الجماعية أو البرلمانية و هو متابع قضائيا. هكذا نمنع المرور إلى البرلمان و إلى المجالس الجماعية كل من تحوم حوله الشبهات.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x