لماذا وإلى أين ؟

أي دين يعتنقه النظام الجزائري؟

نور الدين زاوش*

حينما يفترض العاقل بأن النظام الجزائري مسلم استنادا إلى كونه يحكم شعبا مسلما، يجد نفسه في قلب ورطة غير مسبوقة، وأمام كمٍّ هائل من التساؤلات المشروعة التي لا يجد لها جوابا معقولا؛ مما يضطره مُكْرها إلى أن يكرر النظر مرتين في الافتراض الذي افترضه في البدء.

لم يثبت على مرِّ العقود السابقة أن رئيسا للجزائر أدى مناسك الحج، ولا حتى مناسك العمرة؛ سواء كان هذا الرئيس صوريا أو فعليا، مما يثير التساؤل والاستغراب: هل جميع رؤساء الجزائر منذ تأسيسها في سنة 1962م لم يستطيعوا إلى الحج سبيلا؟ أم أن جميعهم على قلب رجل واحد منكرٍ لركن أصيل من أركان الإسلام؟ خصوصا وأن المعتوه “شنقريحة” في زيارته الأخيرة للسعودية التي دامت عشرة أيام، رفض بالبت والمطلق الدعوة الرسمية لعاهل السعودية لإقامة شعائر العمرة؛ وأكثر من ذلك، منع جميع أعضاء وفده من هذه الشعائر وكأنها رجس من عمل الشيطان.

في الليلة التي استقبل فيها الشعب الجزائري شهر رمضان السالف، خرج رئيسه “تبون”، من خلف شاشات التلفاز، يبارك له قدوم هذا الشهر العظيم، تماما مثلما بارك الناطق الرسمي لجيش الاحتلال “أدرعي أفخاي” للأمة الإسلامية حلول هذا الشهر؛ والأولى بالرئيس “تبون” أن يحضر، بصفته رئيس “دولة إسلامية”، مراسيم إحياء العشر الأواخر من رمضان، أو إحياء ليلة القدر، أو إقامة صلاة عيد الفطر، مثلما يفعل جميع رؤساء الدول الإسلامية؛ وليس أن يهنئ شعبه على طريقة تهنئة الرئيس “ماكرون” للشعب الفرنسي بحلول رأس السنة.
من عجائب الدنيا الثمانية التي أذهلت الخلائق، أن تَعرِض القنوات الجزائرية الرسمية الممولة بأموال الشعب الكادح، مراسيم أول صلاة جمعة من رمضان الفائت من مسجد باريس الأعظم، وكأن مساجد الجزائر غير مؤهلة لإقامة شعائر الله؛ أو كأن باريس قِبلة الحجاج الأخيار والأطهار، ومُجَمّع الأصفياء والأتقياء.

يبدو أن المسافة الفاصلة بين رؤساء الجزائر وشعائر الدين تحددها اتفاقية “إفيون” المشؤومة؛ كما يبدو أن فرائض “الإسلام” الذي يعتنقه نظام الكبرانات تنبع من تشريعات فقهاء قصر الإليزي؛ وليس من التشريعات المستسقاة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام؛ لهذا رأينا بأم أعيننا أفرادا من الشعب الجزائري يُقَبِّلون يد فضيلة الشيخ “ماكرون”، ورأينا فخامة الرئيس “تبون” وهو يتحرق شوقا ليس لزيارة المدينة المنورة بل لزيارة “مدينة الأنوار”؛ ربما من أجل تأدية مناسك الحج في حرم الطاحونة الحمراء.

إن اختيار عصابة العسكر لتوقيت ليلة عيد الأضحى المبارك من أجل تنفيذ مخططها الشيطاني، والمتمثل في تهجير مئات الآلاف من المغاربة المسلمين، بعضهم بثياب النوم، وبعضهم حافي القدمين؛ لم يكن اختيارا اعتباطيا من غير ذي معنى أو دلالات؛ بل هو رسالة ناطقة لكل من ألقى السمع وهو شهيد، مفادها أن هذا النظام لا يربطه بالإسلام سوى الجلباب المغربي الأصيل، الذي يرتديه “تبون” وحاشيته بين الحين والحين، في محاولة يائسة للسطو على ثقافة المغرب وأعرافه وتقاليده وحضارته الطاعنة في أعماق التاريخ.

*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

3.5 2 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Hamidou
المعلق(ة)
10 مارس 2024 03:07

الناس احرار يعبدون او لا يعبدون هدا شأنهم بينهم وبين اللدي خلقهم.انا مغربي واقول لكاتب هدا المقال ما شأنك في عبادة الناس الربهم.حكام الجزائر احرا. يعبدوم حتى الشيطان او فرنسا هدا شأنهم..اقول له اين كنت لما خرج برفيبة وامر تلناس بعدم الصيام.اليس هدا كفر اكتر من تارك الصلاة..والله وصلنا الخراب من من يفتي ويجل نفسه وصيا على الغير،في المسألة الدينية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x