لماذا وإلى أين ؟

أزرف ن تمغارت تمازيغت: الإرث

سلسلة “أزرف ن تمغارت تمازيغت” هي نافذة تمكن قراء وزوار الصحيفة الرقمية “آشكاين” التعرف على قيمة وأهمية المرأة لدى الأمازيغ في كل مناحي الحياة، إن على المستويات الإجتماعية؛ الثقافية، الإقتصادي وحتى السياسية، كما أنها (السلسلة) مناسبة للتطرق للنقاش الدائر اليوم حول إصلاح مدونة الأسرة بمنظور أمازيغي يتأسس على العرف الذي كان ينظم مجمتع القبائل المغربية الأمازيغية.

أزرف ن تمغارت تمازيغت:: الحلقة 1 .. الإرث

منذ سنوات و”التيار المحافظ” في المغرب يروج مجموعة من المغالطات بخصوص المرأة في العرف الأمازيغي، ومن بين هذه المغالطات التي يعتبرها البعض اليوم “حقيقة لا غبار عليها” هي أن المرأة لدى الأمازيغ “لا ترث شيئا”؛ وأن الرجال هم من يقتسمون الإرث في ما بينهم.

وفي هذا السياق الذي يتم فيه تعديل مدونة الأسرة في المغرب؛ وحيث تظهر في الأفق مجموعة من القضايا الخلافية بين التيارين المحافظ والحداثي، كان لازما العودة إلى الثقافة الأصلية للمغاربة والبحث في أرشيف ما كتب حول الأعراف الأمازيغية التي كانت تنظم حياة القبائل في مختلف مناطق المملكة.

تفاعلا مع ذلك، يقول المفكر أحمد عصيد، إن ما تم ترويجه عن أن المرأة لم تكن ترث أي شيء هو اجتزاء للموضوع من سياقه السوسيوثقافي، ذلك لأن الإرث في القبائل الأمازيغية؛ وفي سوس مثلا هو الأرض، ما يسمى “أيدا” إيدا، والأرض عبارة عن ملكية جماعية لا يمكن تقسيمها وتجزيئها، كما لا يمكن للفتاة التي تتزوج إلى منطقة أخرى أن تسمح لأشخاص غرباء أن يأتوا من خارج القبيلة ليحرثوا الأرض التي هي ملكية جماعية.

المفكر أحمد عصيد

ومن هنا، كان العرف يقضي بأن تأخذ العروس معها عند زواجها ما يساوي حقها في الإرث فضة وممتلكات ثمينة يمكن حملها، وبذلك تتنازل عن حقها في الأرض بعد أن تأخذ مقابله، وليس أنها تحرم من حقها في الإرث، ذلك لأن الأمازيغ كانوا يقدرون تقديرا عظيما عمل المرأة وجهودها التي كانت تقوم بها في جميع مناحي الحياة، كما أن التنظيم القبلي القديم له منطقه الذي يطابق السياق التاريخي وكذلك البنيات الاقتصادية الاجتماعية التي كانت قائمة آنذاك. غير أن علينا أن نميز بهذا الصدد بين المناطق التي حافظت على التقاليد والأعراف الأمازيغية القديمة وتلك التي تأثرت بشكل كبير بالإقطاع المحلي القائم على علاقات عبودية ضاعت فيها حقوق النساء والرجال معا.

كما يجب أن لا ننسى تأثير الفقه الإسلامي في العديد من الممارسات التي كانت من قبل تكرس مركزية المرأة باعتبارها عماد الحياة الأسرية والاجتماعية، لتنقلب بعد ذلك إلى معاملة تحقيرية أضرت عبر القرون بمصالح النساء الأمازيغيات بشكل كبير.

وأذكر هنا بأن أهمية هذه الاجتهادات العرفية القديمة في تقسيم الإرث مهمة في عصرنا أن نستلهمها ليس لتطبيقها حرفيا اليوم، بل فقط لنعلم بأن نظام الإرث الإسلامي ليس قلعة مغلقة لا يمكن فتحها كما يزعم البعض، بل على العكس حيث قام أجدادنا منذ القديم بملاءمتها مع تقاليدهم وعاداتهم ومصالحهم الجماعية، وهو ما يقتضي اليوم أيضا ـ بعد أن صارت المرأة منتجة للثروة بجانب الرجل كما صارت معيلة لأسرتها ـ أن نعيد النظر في نظام الإرث الذي يؤدي إلى تفقير النساء بنسبة كبيرة وإغناء الذكور، وخاصة فيما يسمى بـ “التعصيب” الذي يعد كارثة حقيقية على البنات والنساء.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

1 1 صوت
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Dghoghi
المعلق(ة)
13 مارس 2024 01:04

هذا هو اللباس المغربي الاصلي الذي نريد أن نراه في الشارع ثراتنا وهويتنا وثقافتنا.. انا شخصيا ارفض داك اللباس الافغاني.. والبرقع الظلاميي..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x