مسؤولون في السجون: قصة وزير بلا ”باك” انتهى به الأمر وراء القضبان (الحلقة1)

شن المغرب، طيلة حوالي ربع قرن من حكم الملك محمد السادس، حملة تطهير واسعة على المفسدين وناهبي المال العام، مما زج بشخصيات وازنة، خصوصا في الحقل السياسي، وراء القضبان.

جريدة ”آشكاين” ترصد عبر سلسلة حلقات، طيلة شهر رمضان، أهم أبرز الشخصيات التي قادها شجعها إلى ارتكاب جرائم فساد، لتجد نفسها وراء القضبان، وذلك تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة التي طالما أصر عليها الملك محمد السادس في العديد في من خطاباته.

”مسؤولون في السجون ” سلسلة رمضانية ترافق قراء ومتتبعي جريدة ”آشكاين”، تسلط الضوء طيلة أيام هذه المناسبة الدينية على أسماء مسؤولين، كان مصيرهم السجن بسبب المساس بالمال العام.

 الغلوسي: الفساد مثل الإرهاب يجب تطويق منابعه 

الحلقة 1: وزير بلا ”باك” صنع لنفسه إمبراطوية

فجأة وجد محمد مبديع، الذي صنع إمبراطورية له في الفقيه بنصالح طيلة عقود من الزمن ، نفسه وراء القضبان، والتهمة تبديد واختلاس أموال عمومية.

لم يكن لأحد أن يتصور أن الوزير السابق المكلف بالوظيفة العمومية، والذي أقر في برنامج بثته إحدى القنوات الإذاعية الخاصة أنه غير حاصل على ”الباك”، سينتهي به الأمر في سجن عكاشة، حاملا معه تهما ثقيلة قد تكلفه سنوات من السجن.

الرجل الذي قضى حوالي ربع قرن ( 23 سنة بالضبط)، على رأس جماعة الفقيه بنصالح، كان من أشد الأصوات المنادية لمحاربة الفساد ومكافحته، ورد اسمه في تقارير للمجلس الأعلى للحسابات، تفوح منها رائحة الفساد، تتعلق بصفقات واختلالات في تدبير المجلس، بلغ حد تغريمه بـ 600 مليون سنتيم.

الأدهى من ذلك أن مبديع الذي تقلد مناصب سياسية وحزبية مهمة، نال ثقة أغلبية البرلمانيين، لرئاسة لجنة العدل التشريع بمجلس النواب، وهو في طريقه إلى السجن !

بدأت قصة صعود مبديع إلى الهاوية، حين وضعت الجمعية المغربية لحماية المال العام، شكاية على مكتب الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، ضد الأخير سنة 2020، تحمل اتهامات خطيرة بتبديد أموال عمومية بالملايين والاغتناء غير المشروع وخرق قانون الصفقات العمومية.

وأشارت الشكاية إلى أن التقارير المتعلقة بالتدبير العمومي لبلدية الفقيه بنصالح تكشف العديد من الإختلالات المالية والقانونية والتدبيرية التي شابت تسيير بلدية الفقيه بن صالح في عهد رئيسها محمد مبديع والذي ظل في منصبه منذ سنة 1997، همت بالأساس صفقات تتعلق بأشغال التهيئة الحضرية وبرنامج التأهيل الحضري (حصص التبليط والطرق والتطهير، الإنارة العمومية، المساحات الخضراء).

عن ظاهرة محاربة الفساد بالمغرب عموما، يقول محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن تحريك متابعات قضائية ضد متورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام، وفي نفس الوقت الإشتباه في غسل الأموال ضد البعض من هؤلاء، ”خطوة إيجابية ومهمة”.

وأكد ذات الحقوقي والمحامي، في حديث لجريدة ”آشكاين”، أن اليقظة الأمنية والقضائية يجب أن تستمر في نفس المنوال، وأن الخطوات المتخذة ”غير كافية”.

وقال الغلوسي إن الفساد يشبه من حيث تداعياته وخطورته ظاهرة الإرهاب، مبرزا أن الدول كما تتجند لمحاربته، على المغرب ايضا أن يتجند، كما تجندت الصالح الأمنية و باقي المؤسسات، عليها كذلك أن تتجند لمحاربة الفساد وتطويق منابعه.