لماذا وإلى أين ؟

ليلى الشافعي وعبدالقادر الشاوي.. علاقة جنسية داخل المعتقل(2)

معتقلات بلا أحكام..، سلسلة يتم تسليط الضوء من خلالها على الظروف التي عايشتها عائلات المعتقلين في فترة ما سمي بـ “سنوات الرصاص” التي شهدها المغرب،

وفيما يلي تكملة للحوار الذي الذي تحكي من خلاله ليلى الشافعي رحلتها إبان اعتقال رفيقها آنذاك في تلك الفترة:

زارت الشرطة منزل العائلة وأخبروهم بأن الغرض من الزيارة هو تبليغي أمرا ما يهمني فقط، واستقبلهم والدي وأخبرهم أني مسافرة، في حين كنت مختبئة في المنزل وسلمت عماد سلمت الوثائق الموجودة كي يسلمها للوسيل، انسحبت الشرطة بعد ساعات من تطويق المنزل، انسحبت لمدة عشر دقائق، وكانت الفرصة الوحيدة لمغادرة المنزل قبل عودتهم وذهبت بعدها لمدينة تطوان ومكت فيها لمدة شهر.

بعد تلك المدة عدت للمنزل من جديد، وسلمت نفسي للشرطة رفقة والدي على الساعة 9 صباحا، ووعدوا أبي بإطلاق سراحي عند الساعة السادسة وصدقهم، أثناء المكوث عند الشرطة سألوني بداية أسئلة عادية حول مكان مكوثي ذلك الشهر، والأشياء التي أجلبها لعبد القادر خلال زياراتي له، وعند الساعة الخامسة مساء أخذوني لمعتقل سري كائن في نواحي ثانوية ديكارت بالرباط، وهناك تعرضت لتعذيب وحشي جدا لمدة ثلاث أيام، علقوني من يدَي ورجلي وبدأوا يخنقوني بالماء، لحسن الحظ اطلعت مُسبقا على كتاب أبرهام السرفاتي “أساليب التعذيب بالمغرب”، ما جعلني أُحصن ذاتي نسبيا، ويُذكر أنهم حينها أخبروا الوالد بإطلاق سراحي في الوقت الذي وعدوه به.

بعد نهاية مسلسل التعذيب حاولوا إيقافي على رجلَي فلم أقدر وسقطت في الحين، بعدها بدأت جلسة الاستنطاق، وكانوا يهدفون من وراء ذلك لمعرفة بعض المعطيات الغائبة عنهم عن حركة عائلات المعتقلين وبالضبط تحركات زوجة السرفاتي التي شرعت في إعداد تقرير عن “تازمامارت”، أخذوني بعدها لما كانوا يُطلقون عليه المسؤول الكبير في المعتقل، وهددني بتعريضي لتعذيب أشد مما تعرضت له، وعرض عَلي صفقة إرسالي للدراسة بفرنسا براتب شهري مقابل العمل معهم وافقت فقط ليُطلقوا سراحي، وعدت للمنزل بعد منتصف الليل في حالة جد مُزرية.

– وتعاملت فعلا معهم؟

اكيد لا، أُفضل الموت على التعامل مع الشرطة وخيانة رفاقي والقضية، وفكرت في الانتحار، وأول شيء فعلته بعد إطلاق سراحي، هو تحدثي مع طالب يدرس الطب وينتمي للقاعديين، وأخبرته بما اتفقت مع الشرطة وأنا انوي الموت الآن، فاستغرب من أني أعطيت الامر حجما أكبر منه، وأجابني بكل برود أن انتحاري سيسهل على النظام المأمورية، ويُبرئ ذمته ومسؤوليته، وأضاف “خليهم هما يقتلوك”، واقتنعت فعلا بالأمر بهذه البساطة.

بعدها عرفت زوجة أبراهام السرفاتي بالواقعة وأخبرتني بمدها بتقرير عاجل عما تعرضت له، وسلمته للمنظمات الدولية وللجنة مناهضة القمع بالمغرب، فنُشر التقرير في مجلة ما، وكتب جميع المعتقلين السياسيين بالسجن المركزي بيانا شديد اللهجة يدين التعذيب الذي تعرضت له، ومحاولة مساومتي تحت التعذيب.

بعدها جاءت الشرطة للمنزل مجددا، وسألوني عن سبب تغيير موقفي بعد موافقتي التعامل معهم، وأخبرتهم بأني لن أُغير يوما رأيي أو قناعاتي وأن الاتفاق جرى تحت الضغط والتهديد والتعذيب، وأخذوني لنفس المخفر وتعرضت للضرب المبرح فيه، قبل أن يطلقوا سراحي وعينوا شخصا يتابع كل تحركاتي لمدة 3 أشهر، لقد ذقت كل أصناف المعاناة: معاناة نظرة المجتمع المحافظ، المعاناة المادية لضعف راتبي الشهري، معاناة من السلطة والتعذيب، معاناة الحب..

– لنعد لعلاقاتك مع الاديب عبد القادر الشاوي، كيف استمرت العلاقة وهو داخل السحن؟

اخبرتك أني كنت بحاجة لإشباع جسدي بالحب، وقد حدثت عبد القادر مرارا في ذلك، وكان هذا هو الموضوع الرئيسي لزياراتي الخمس له المتتالية، وكانت القضية حاسمة جدا بالنسبة لي، وأخبرت الشاوي أني أحبه كثيرا ومُستعدة لانتظاره عشرات السنين، لكني بحاجة لتلبية رغباتي، وأخبرته أني امرأة لها العديد من التطلعات، وبدأت حينها أدخل في علاقات عابرة ودخلت في العديد من التجارب أساسها إشباع رغبات الجسد لا غير، فقلبي وكياني كله مع عبد القادر.

في سنة 1985 بدأ يتم السماح للمعتقلين بممارسة العلاقات الحميمية، بعدما كتب عبد القادر الشاوي من داخل السجن ورقة تحمل عنوان “نطالب بحقنا بالحب”، وكتبت أنا ولوستيل “من خارج السجن نطالب بالحب” ونظمنا على إثره حملة قوية، وإدارة السجن استجابت بتوفير مكان مقسم بالأغطية لممارسة العلاقات بين المعتقلين وحبيباتهم، وكانت تتم داخل السجن أثناء الزيارة.

وحسب تقديري الشخصي كان يتم الامر في ظروف غير عادية وغير طبيعة ولا إحساس فيه ولا طعم، فقد عشت حينها معاناة حقيقية صعبة نفسيا، وعبد القادر يتصورني أعيش في نعيم الحرية، ويُذكر أن رسائل عبد القادر المرسلة لي والتسجيلات الصوتية هي ما جعلني صراحة متمسكة بالعلاقة، فكل مرة أغضب فيها وأبدأ التفكير في إنهاء العلاقة جديا تعيديني رسالة ما، كما كتب عبد القادر الشاوي رواية كان وأخواتها من داخل السجن، وكانت علاقتنا موضوع الفصل الثاني منها، وحسب معرفتي تعتبر أول رواية مغربية مُصنفة ضمن أدب السجون سنة 1986.

فيما بعد سأعاني مع عبد القادر كثيرا، خاصة في مسألة علاقاته المتعددة بالنساء، وفي بداية تغيير مواقفه شيئا فشيئا نحو أطروحات السلطة.

يُتبع..

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x