لماذا وإلى أين ؟

ما مدى قانونية مقاضاة وزير لمواطنا بتهمة نشر صورته دون إذنه؟

قضت المحكمة الابتدائية بأكادير بالحكم سنتين سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم في حق المدون محمد رضى طوجني، بعد شكاية رفعها ضده عبد اللطيف وهبي بصفته وزيرا للعدل.

ومن بين التهم التي توبع بها الناشط المذكور، هي “بث صور شخص دون موافقته”.

وأحيت إدانة محمد طوجني بهذه التهمة، النقاش والجدل حول مقاضاة الأشخاص بمجرد نشرهم صورا لشخصيات عمومية، وتأثير ذلك على واقع التعبير بالمغرب وعلى العمل الصحفي ككل.

فالفصل 1-447 من القانون الجنائي والذي استند عليه القضاء الابتدائي في إصدار الحكم، لا يتحدث عن الشخصيات العامة التي لها علاقة بالحياة العامة، إنما فقط ينص على المعاقبة “بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام عمدا.. بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته”.

فالنص المذكور ينص حرفيا على توفر شرط “صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص”، ما يعني عدم إمكانية متابعة الأشخاص الذين قاموا بنشر صور شخصيات عمومية بأماكن عمومية، أو أثناء مزاولتهم لمهام تندرج في إطار ما هو عام مجتمعي يهم الرأي العام، ويقصد بالشخصيات العامة، الأشخاص الذين يتولون وظائف عامة في الدولة، وبخاصة الوظائف السياسية، كرئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء وأعضاء البرلمان وقيادات الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات، إضافة إلى كل من يقوم بدور في تسيير الأمور العامة في الدولة.

والسبب في عدم تجريم تصوير ونشر صور هؤلاء الأشخاص دون إذنهم، أنهم يمارسون وظائف عامة، ويهم الجمهور معرفة أخبارهم وتصرفاتهم وأفكارهم، فوظائفهم لها تأثير على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومن مصلحة العامة أن تطلع على نشاطهم العام، فمشروعية التقاط ونشر صور الشخصيات العمومية وحتى المشهورة لدى الجمهور، هو انسجام مع حق الجمهور في الإعلام، شريطة ألا تتعدى تلك الصور لمجالات خاصة لا علاقة لها أبدا بما هو عام يهم الجميع.

وفي القضية المثار حولها الجدل، فإن الأمر يتعلق بشخصية عامة الذي هو وزير للعدل وأمين عام حزب سياسي سابق في تلك الفترة، وأن الصور لا ترتبط بحياته الشخصية إنما بممارسته السياسية والوزارية، ما يحيل على عدم قيام الحكم في هذه التهمة “نشر صور دون أخذ الإذن” على مستندات قانونية واقعية قوية.

عبد الكبير اخشيشن رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية أكد أن “النقابة تعتبر أنه لا يمكن متابعة الصحفي قضائيا بنشر صورة شخصية عامة والهدف منها هو حسن النية وإعطاء المعلومة للرأي العام، وليس الهدف منها هو الإساءة لتلك الشخصية”، معتبرا أن ”الصورة لها توظيفات وهي نص موازي، وتوظيفها يجب أن يرتبط بخبر ما ومعلومة”.

وأضاف رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “الشخصية العامة تنتهي حينما تصل الصورة للخصوصيات والحياة الخاصة، أما في حالة نشر صورة لشخصية عامة وهو يزاول مهامه بتلك الصفة في إطار موضوع يرتبط بمسؤوليته”

ودعا أخشيش “الشخصيات العمومية التي تكون موضوع مادة صحفية ما،أن يقوموا بتقدير جهود الصحفي في إنتاج المعلومة للقارئ، طالما لا تخوض في خصوصياتهم وحياتهم الخاصة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الكريم
المعلق(ة)
5 أبريل 2024 22:00

الامر يتعلق بالسياق والغرض
فصورة الشخصية العمومية الرسمية او الماخذوة من نشاطه الرسمي لا يعقل المتابعة بها
اللهم اذا كانت الصورة في مكان او ظروف خاصة
الامور واضحة واذا طبقنا هذه القاعدة فكم نسبة المواطنين التي ستدخل السجن

Reda
المعلق(ة)
5 أبريل 2024 16:59

هل القضاء نزيه ؟ هل مالقضاء مستقل؟ لمذا لم يعتقل مدير التلفزة المغربية لانه يبين دائما الوزراء ويشهر بهم في العالم بدون موافقتهم.هل فهمتم شيئ؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x