لماذا وإلى أين ؟

هل تكفي المقاربة الزجرية والأمنية في مواجهة مثل هذه الظواهر بالسوشيال ميديا؟

أفرز التطور التكنولوجي وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، واقعا اجتماعيا جديدا، ولو بشكل افتراضي، حيث بات المغاربة يُصادفون مشاهد غير مألوفة، في ”تيك توك” و”انستغرام” و ”يوتيوب”، وتتحول هذه الظواهر، وما يرافقها من تنافس محموم على جمع ”لايكات” إلى إمكانية السقوط في المحظور.

سلطات إنفاذ القانون تلجأ في غالب الأحيان، إلى إتباع مقاربة زجرية لضبط الظواهر الجديدة التي فرضتها بروز وسائل التواصل الاجتماعي، تصل أحيانا إلى عقوبات سالبة للحرية، طالت الكثير من صناع المحتوى، بتهم مرتبطة في معظمها بالتشهير، الإخلال بالحياء العام بشكل علني، التشجيع على ممارسة يجرمها القانون….

في الأيام القليلة الماضية، تدخلت السلطات المختصة في حالتين من هذا النوع، الأولى حين قاد مقطع، لقي انتشارا واسعا، تحت مسمى ” شر كبي أتاي” صاحبه إلى المتابعة القضائية في حالة اعتقال، بتهمة تحريض القاصرين على الدعارة والبغاء وتهم أخرى، بينما الحالة الثانية مرتبطة بدخول الفرقة الوطنية على خط فيديو ” فارس الأحلام”، وفتح تحقيق في ما تضمنه والذي قد يقود صاحبته، التي أثارت كذلك جدلا واسعا، إلى ردهات المحاكم، بتهمة المساس بالأخلاق العامة والتحريض على الإخلال العلني بالحياء.

السؤال: هل تكفي المقاربة الزجرية لمحاربة هذه الظواهر التي أفرزتها وسائل التواصل الاجتماعي وصارت شرا لا بد منه؟

علي شعباني أستاذ علم الاجتماع، يؤكد، أن الأمر يتعلق بـ ”الحالات الإنفلاتية”  تقع على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، رافضا تسميتها بالظواهر.

أستاذ علم الإجتماع علي الشعباني

وأوضح شعباني، في حديث له لجريدة ”آشكاين”، أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي من تيك توك وفيسبوك وانستغرام ويوتيوب، يأتي في وقت لم تكن فيه شرائح المجتمع المغربي ”مؤهلة للتعامل مع التكنولوجيا الجديدة”، مبرزا أنها أفرزت فئات صارت تعبر عن مواقف أو بعض الآراء ”لا تراعي المسؤولية وأخلاقيات التعامل مع هذه الوسائل الجديدة”.

وشدد على أن صناع المحتوى داخل هذه المنصات، ”يعلمون ويدركون أنها سريعة الانتشار وأنها قوية النفوذ وأنها تصل إلى جمهور واسع جدا”، لذلك، حسب السوسيولوجي الشعباني دائما، انفجرت الأمور.

وكشف الشعباني أن أول ما يتبادر إلى الذهن التعامل مع هذه الحالات أو ”الانفلاتات”، التي تقع من حين إلى آخر، هي المقاربة الزجرية الأمنية، لكنها تبقى ”عاجزة” لماذ؟ أولا؛ لعدم وجود ترسانة قانونية يمكن أن تُقنن التعامل داخل الوسائل الاجتماعية، ثانيا؛ وجود صعوبة في محاصرة المسألة،  لأن ”مراقبة المواقع من قبل أجهزة الدولة، وراءه أهداف معينة ذات صبغة سياسية، أو لأعمال إرهابية…”، لكنها تغفل، وفق ذات الباحث عن هؤلاء (العاديين)، التي تقع عبرهم الانفلاتات، المتمثلة في السب أو التشهير وغيرها.

وأبرز الباحث أنه حتى حينما يصل القانون إلى هذه الفئة من صناع المحتوى ”غالبا يتم مراعاة نقص التشريع والفراغ الحاصل قانونيا في المجال”.

وخلص المتحدث إلى أن المسألة لا يمكن أن تقتصر في المقاربة الزجرية، بل يمكن اللجوء إلى مؤثرين داخل نفس وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، لتقويم سلوك هؤلاء والتنبيه إلى المخاطر والعواقب التي يمكن أن تلحقهم.

إلى جانب البعد التوعوي، يوجد أيضا، وفق الشعباني، مقاربة تربوية تنصب على شرائح الشباب والمراهقين والأطفال، الفئات التي  تتعاطى، في المعظم، لظاهرة صناعة المحتوى داخل المنصات الاجتماعية، مؤكدا أن المقاربة التربوية الغاية منها ”تحصينهم وتنبيههم من الوقوع في المؤاخذات”، مسجلا في نفس السياق ”غيابا تاما” للمنظومة التعليمية في معالجة المسألة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
19 أبريل 2024 00:08

لا يمكن القضاء على التفاهة والميوعة والمحتويات الرديئة واللغة السوقية الخادشة للحياء العام إلا بوجود نقاش عمومي يتناول كل الظواهر السلبية التي اصبحت مشاعة بين الجمهور، و نقاش قادر على رفع مستوى الوعي لذى الناس بكل ما هو سلبي وضار بصورة المجتمع ، و هي مهمة موكولة لسياسة الدولة والمثقفين في الاعلام العمومي، ولكنها مهمة يبدو ان الجميع قد قدم استقالته منها، لصالح مناخ ينتج الضباع والخارجين على الاخلاق العامة، و على الثقافة المشتركة للمغاربة.

تحليل
المعلق(ة)
18 أبريل 2024 02:29

ليست حالة انفلاتية إنه “البوز” عمل مفبرك من أجل الربح السريع و إلا ما معنى ملايين المشاهدات لهذا يجب التقنين و زجر الغش في مثل هاته المواقع كما مراقبة المواد الاستهلاكية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x