مرصد يستعرض سلبيات وإيجابيات الحصيلة المرحلية للحكومة المغربية

استعرض مرصد العمل الحكومي “إيجابيات وسلبيات” حصيلة الحكومة، بمناسبة نصف ولايتها.

وركز المرصد في تقرير له على البرنامج الحكومي الذي تضمن 10 التزامات، أبرزها إحداث مليون منصب شغل على الأقل خلال خمس سنوات، ورفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من ٪30 عوض ٪20 حاليا، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وحماية وتوسيع الطبقة المتوسطة، وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي، والرفع من وتيرة النمو الى معدل ٪4 خلال الخمس سنوات المقبلة، وإخراج مليون اسرة من الفقر والهشاشة، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية الى أقل من ٪39 عوض ٪46 حاليا حسب مؤشر جيني.

إيجابيات حصيلة الحكومة

من الإيجابيات التي ساقها التقرير الذي توصلت به “آشكاين”، تمكن الحكومة من تقليص عجز الميزانية من ٪5،5 سنة 2021 إلى أقل من ٪4 سنة 2022، وتقليص عجز الميزان التجاري بما يفوق ٪5، واستعادة وتيرة النمو الإيجابي بأزيد من ٪2،8، كما عملت الحكومة على تنزيل الإصلاحات الهيكلية الكبرى المتعلقة بالمجال الاستثماري، بالإضافة تدبير موجة التضخم غير المسبوقة التي طالت المغرب وفاقت ٪6 خلال سنتي 2022 و2023، والتي مست بشكل أساسي أسعار المحروقات والمواد الغذائية.

وفي المجال الإجتماعي، أشاد مرصد العمل الحكومي بنجاح الحكومة في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية وفقا للمواعيد والآجال الملكية المنصوص عليها، من خلال مجهود تشريعي قوي فاق 6 قوانين وأكثر من 40 مرسوما، وتعبئة أزيد من 40 مليار درهم، وإعادة عجلة الحوار الاجتماعي للدوران بعد سنوات طويلة من التوقف، واستطاعت الحكومة بذلك أن تعيد الفرقاء سواء الاقتصاديين أو الاجتماعيين إلى طاولة الحوار الاجتماعي خلال السنة الاولى من عملها وتوقيع اتفاق اجتماعي بمخرجات متعددة بأثر مالي يفوق 20 مليار درهم.

ومن إيجابيات الحكومة في الشق الإجتماعي، وفق المصدر ذاته، إخراج خارطة الطريق لإصلاح التعليم 2022 ــ 2026 كإطار مرجعي للإصلاح ترتكز على 12 التزام، وإخراج النظام الأساسي لموظفي التعليم بعد توتر اجتماعي قوي كاد يعصف بكل المجهودات الإصلاحية، إلى جانب وضع الحكومة لتصور شامل لإصلاح منظومة الصحة، من خلال اعتماد القانون الاطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية والذي ارتكز على 4 دعامات أساسية.

كما نوه المرصد المذكور بتمكن الحكومة من تطوير البنية التحتية للتخزين والإنتاج للمواد البترولية والغازية، والتوجهات الجديدة فيما يتعلق بتطوير بنية الغاز المسال وتكثيف جهود الاستكشاف والتنقيب ووضع الاليات التشريعية لذلك، في أفق تمكين المغرب من كل شروط إنجاح رهان الطاقة، بالإضافة إلى تسريع الإجراء ات المتضمنة في المخطط الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020 ــ 2027 والذي خصصت له ميزانية تفوق 143 مليار درهم.

وثمن مرصد العمل الحكومي التزام الحكومة بتنزيل ورش الحماية الاجتماعية في شقيه المتعلقين بتعميم التأمين الإجباري عن المرض وتعميم التعويضات العائلية، في احترام للآجال الملكية الموضوعة لذلك، وبالإجراء ات الحكومية لدعم القطاعات المتضررة من الازمة الاقتصادية؛ خاصة القطاع السياحي، وبالمقاربة الجديدة المعتمدة من طرف الحكومة في دعم السكن.

سلبيات حصيلة الحكومة

وفي مقابل الإيجابيات، رصد مرصد العمل الحكومي مجموعة من السلبيات في حصيلة الحكومة خلال نصف ولايتها، ومنها الامتناع عن التدخل للحد من الانعكاسات الاقتصادية القوية لارتفاع أسعار المحروقات على المواطنين عن طريق تخفيف الضغط الضريبي، وغياب الإرادة الفعلية لدى الحكومة لمواجهة مختلف أشكال المضاربة والاحتكار التي تهيمن على سلاسل توزيع وبيع المواد الغذائية وخاصة المنتجات الفلاحية.

كما انتقد المصدر ذاته، غياب أي تصور للحكومة للتقليص من حجم الاقتصاد غير المهيكل، معتبرا أن الإجراء ات الضريبية المتخذة غير مفهومة ودفعت إلى الرفع من نسبة الممارسين للأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة، بالإضافة إلى تملص الحكومة من تنفيذ التزاماتها المتضمنة في الحوار الاجتماعي، خاصة تلك المتعلقة بالزيادة العمة للأجور وتخفيف العبء الضريبي على أجور العاملين والموظفين.

وتطرق التقرير إلى “سلبية” التدبير الحكومي للاحتجاجات العمالية، وخاصة إضرابات قطاع التعليم، الذي ابانت خلالها الحكومة عن “افتقارها للبعد السياسي واعتمادها على مقاربة تكنوقراطية محضة”، و”غياب أي تصور” واضح للحكومة لمواجهة الريع والفساد كأحد اهم المشاكل التي تتهدد المسار السياسي والتنموي للبلاد.

ومن سلبيات حصيلة الحكومة كذلك، “ضعف الحس التواصلي” حول مختلف البرامج والإجراء ات التي تتخذها، والامتناع غير المفهوم لرئيس الحكومة عن التواصل مع وسائل الاعلام الوطني، و”البطء غير المبرر” للحكومة في تنزيل الإصلاحات الإدارية والسياسية المتعلقة بالجهوية الموسعة وانعكاساتها السلبية على الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية.

توصيات

بناء على ما سبق، أوصى مرصد العمل الحكومي باستعادة الحكومة للمبادرة الإصلاحية وتعزيز البعد السياسي في التعاطي مع الملفات الاجتماعية، ووضع خطة وطنية عاجل لمواجهة كافة اشكال الفساد والريع وانعكاساتهما السلبية على الأداء الاقتصادي والمؤسساتي الوطني، والتسريع بمحاربة اشكال الاحتكار والمضاربة التي تهيمن على سلاسل توزيع وبيع المواد الاستهلاكية.

كما دعا التقرير المذكور الحكومة إلى تبني للإجراء ات استشرافية للازمات الاقتصادية المحتملة، وانعكاساتها الاجتماعية المؤلمة، خاصة في ظل استمرار وضعية اللايقين الاقتصادي على المستوى العالمي واستمرار موجة الجفاف التي تحولت إلى معطى بنيوي بالمغرب.

من جهة أخرى، أوصى المرصد ذاتهو الحكومة بتسريع الإصلاحات المتعلقة بالانتقال الرقمي بما يعزز شفافية المرفق العام، والسريع على تجاوز العثرات المتعلقة بتنزيل ورش الحماية الاجتماعية بما يضمن استدامته المالية وانخراط كافة الفئات المستهدفة، والعمل على خفض مستويات المديونية المقلقة التي باتت تتجاوز 70 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما قد “يرهن الاستقلالية المالية للبلاد”، وفق المصدر ذاته.