لماذا يثق المغاربة في ”البوليس” ولا يثقون في السياسيين؟
أظهر استطلاع لشبكة ”البارومتر العربي” لسنة 2024، ازديادًا ملحوظًا في ثقة المغاربة في المؤسسة الأمنية، بينما سجلت ثقتهم في العمل السياسي تراجعًا ملحوظًا.
وكشفت نتائج استطلاع للرأي ”البارومتر العربي” أن 80% من المغاربة يثقون في أداء المؤسسة الأمنية، إذ يقول 8 من كل 10 أشخاص إنهم يشعرون بالثقة في الشرطة، في حين يقول 88 بالمائة الأمر نفسه عن القوات المسلحة.
ووفقاً لـ “البارومتر العربي”، فإن هذه الثقة تعود إلى “الإستراتيجية المندمجة” التي اعتمدتها المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في السنوات الأخيرة، والتي ركزت على الحفاظ على الأمن والاستقرار، حيث لعبت المؤسسة الأمنية المغربية دورًا هامًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة.
كما أن المؤسسة الأمنية حققت نجاحات هامة في مكافحة الإرهاب، مما ساهم في تعزيز ثقة المواطنين بها.
في المقابل سجل التقرير تراجع ثقة المغاربة في العمل السياسي، وربط ذلك بمشكلة الفساد، الذي أدى إلى تراجع ثقة المواطنين بالسياسيين. وأيضا افتقار العمل السياسي في المغرب إلى الشفافية، مما أدى إلى شعور المواطنين بعدم الثقة بالسياسيين.
لماذا يثق المغاربة في الشرطة؟ يُجيب رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية محمد بنحمو، يعزى تزايد الثقة في المؤسسة الأمنية بنسب قياسية إلى المجهودات الكبيرة التي قامت بها الأجهزة الأمنية المغربية، بتوجيهات إستراتيجية من الملك محمد السادس، خلال السنوات الأخيرة والتي جعلت المؤسسة المذكورة تدخل في مرحلة تقوية مسار التحديث على مختلف المستويات، سواء في العتاد والتكوين والهيكلة.
وأوضح بنحمو، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن نتائج الاستطلاع تعكس ”العمل الجبار الذي قامت به المؤسسة الأمنية وانخراطها في بناء دولة الحق والقانون”. كما تعكس جهود ”تطوير وعصرنة المرفق الأمني بشكل ملحوظ وملموس” وجعله ”قريبا من المواطنين، وصار مرفقا أمنيا مواطنا”.
وشدد ذات الخبير في الشأن الأمني والعسكري، على أن سلوكيات وتصرفات عناصر الأمن، التي تقوم في مجملها، على ”احترام المواطنين والتعامل وفق المساطر والقوانين، رغم بعض التجاوزات التي قد تحدث والتي تظل استثناءات”، جعلها موضع ثقة المغاربة.
كما أرجع المتحدث تلك الثقة إلى ما أسماه ”العمل الذي تقوم به الأجهزة الأمنية وما تحققه من إنجازات في مجال الأمن والشعور والإحساس به لدى المواطن وتواجد الأمن الفعلي والحقيقي، في ظل ما يراه المغاربة يحدث في العالم”. كما أن المسألة مرتبطة بـ ”انفتاح المرفق الأمني على محيطه المجتمعي الذي جعله مرفقا عموميا كسائر المرافق الأخرى، ويشتغل بكل شفافية بوضوح ويتوصل مع المواطنين”، ويظهر ذلك من خلال الأبواب المفتوحة السنوية التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني والتي تشهد نجاحات وإقبالا واسعا من قبل المغاربة.
لماذا في مقابل ذلك تراجعت ثقة المغاربة في العمل السياسي؟ يُجيب أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل القنيطرة رشيد لزرق، أن المؤسسة الأمنية تعمل في إطار ”مقاربة استباقية لتحقيق الأمن”، خلافا للعمل الحكومي الذي يدبر السياسات العمومية بـ ”منطق اللحظة”، موضحا أن لحظة التحول الديمقراطي ”لا زالت تعرف مخاضا كبير في تحول المنظومة الحزبية إلى منطق المؤسسات”.
وشدد الباحث السياسي نفسه، ضمن حديث لجريدة ”آشكاين” على أن تراجع الثقة في الحكومة، كما ذهب إلى ذلك استطلاع” البارومتر العربي”، يعود إلى ”تحولات إقليمية ودولية وبروز عدم اليقين الاقتصادي الذي أفرز ظاهرة غلاء الأسعار والتضخم وعدم تحقيق التنمية”، كاشفا أن ذلك ”ما يفسر ضعف القبول الشعبي مع ما رافق ذلك من أزمة الغلاء وغياب التنمية الاقتصادية وعدم وجود مشروع سياسي متكامل يعطي مدلولا للتداول حول الحكومة”.
أضف إلى ذلك، وفق لزرق دائما، أن المؤسسة الأمنية ”دبرت لحظة جائحة كورونا بصرامة وظهر تفاعل إيجابي بينها وبين المواطن، خلاف الحكومة التي لازلت تدبير مرحلة ما بعد جائحة كورونا بمنطق لحظوي أفرز ظاهرة الغلاء، أفقد الثقة بين المواطن والسياسي”.