2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
مضامين تقرير جطو المرفوع للملك قبل إعفاء بوسعيد

نشر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم سنتي 2016-2017، والذي يقدم حصيلة أنشطة المحاكم المالية على مستوى مختلف مجالات اختصاصاتها، سواء القضائية منها أو غير القضائية، ولاسيما تلك المتعلقة بمراقبة التسيير التي همت عددا من الأجهزة العمومية الوطنية والمحلية.
وقد رفع إلى الملك محمد السادس التقرير السنوي المتعلق بأنشطة المحاكم المالية برسم سنتي 2016 و2017 من طرف الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور والمادة 100 من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
كما تم توجيه هذا التقرير، بعد ذلك، إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين.
وذكر بلاغ للمجلس الأعلى للحسابات أن المحاكم المالية، وتماشيا مع الأدوار التي أناطها بها الدستور والقانون، تحاول من خلال المراقبات التي تجريها المساهمة في تحسين وترشيد التدبير العمومي وفي إشاعة ثقافة الإدلاء بالحساب.
وهكذا، يضيف البلاغ، واصل المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات ممارسة اختصاصاتها الرقابية، والتي تتسم بتعددها وباختلاف طبيعتها، من اختصاصات قضائية تروم ضبط حسابات الأجهزة العمومية ومعاقبة المخالفات المسجلة عند تنفيذ العمليات المالية، واختصاصات غير قضائية تهدف، أساسا، إلى التأكد من أن تنفيذ الميزانيات العمومية يتم بنجاعة وفعالية واقتصاد ويحقق الأهداف المسطرة للبرامج والسياسات العمومية.
وأشار إلى أنه على غرار السنوات الفارطة، عرفت سنتا 2016 و2017 برمجة للمهمات الرقابية في احترام لمبدأ التوازن بين مختلف الاختصاصات الموكولة للمحاكم المالية بمقتضى القانون، مع تصاعد أهمية مهمات التقييم الأفقي للبرامج والسياسات العمومية.
كما شهدت السنتان المذكورتان تقوية عملية الشراكة مع المجالس الجهوية للحسابات، والتي تقوم بموجبها هذه المجالس الجهوية بإنجاز مهمات رقابية على مستوى أجهزة عمومية ذات بعد جهوي خاضعة لاختصاص المجلس الأعلى للحسابات.
ويتضمن التقرير السنوي الحالي ملخصات لإحدى عشرة (11) مهمة رقابية أنجزت في هذا الإطار.
ويضم التقرير ايضا ولأول مرة، خلاصة لمراقبة تنفيذ ميزانية 2016 بناء على المعلومات الأولية التي أصدرتها وزارة المالية عند نهاية شهر مارس 2017.
وفي ما يخص حصيلة أعمال المحاكم المالية، فقد أنجز المجلس الأعلى للحسابات 32 مهمة رقابية في ميادين مراقبة تسيير الأجهزة العمومية وتقييم البرامج العمومية ومراقبة استخدام الأموال العمومية، كما أصدرت غرف المجلس 588 قرارا قضائيا في ما يخص مادة التدقيق والبت في الحسابات و60 قرارا في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. هذا في الوقت الذي أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات 4 قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية على وزير العدل.
أما أهم إنجازات المجالس الجهوية للحسابات، يضيف البلاغ، فيمكن تلخيصها في تنفيذ 128 مهمة رقابية تندرج في إطار مراقبة التسيير على مستوى بعض الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية المحلية، وكذا بعض شركات التدبير المفوض، هذا بالإضافة إلى إصدار 2089 حكما نهائيا في مادة التدقيق والبت في الحسابات و155 حكما في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
كما واصلت المحاكم المالية عملية تلقي التصريحات الإجبارية بالممتلكات، حيث تلقت خلال سنتي 2016 و2017 ما مجموعه 67.552، منها 61396 على مستوى المجالس الجهوية، ليصل بذلك العدد الإجمالي للتصريحات التي تلقتها المحاكم المالية منذ سنة 2010 إلى ما مجموعه 222.026 تصريحا.
وسجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي برسم سنتي 2016 – 2017، تحسنا في مؤشرات تنفيذ ميزانية 2017 مقارنة مع سنة 2016.
وعزى التقرير هذا التحسن إلى تراجع عجز الميزانية من نسبة 4,1 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2016 إلى نسبة 3,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2017 مقابل نسبة مرتقبة حددها القانون في 3 في المائة، الأمر الذي يؤكد المنحى التنازلي لنسبة عجز الميزانية والذي قد بلغ سنة 2012 مستوى 6,8 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأبرز المجلس أن المالية العمومية لا زالت تعاني من بعض الإكراهات وعلى رأسها ارتفاع مستوى الدين العمومي، والذي يجدر أن يتم التعامل معه كأحد المخاطر الذي قد تؤثر سلبا على سلامة الوضعية المالية للدولة، مشيرا إلى أن الدين العمومي للخزينة وصل عند نهاية سنة 2017 إلى مبلغ 692 مليار درهم، بنسبة 64,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مسجلا بذلك مبلغا إضافيا قدره 35 مليار درهم مقارنة مع سنة 2016، والتي سجلت بدورها ارتفاعا لمستوى هذا الدين مقارنة مع سنة 2015 بما يعادل 28 مليار درهم.
وأشار المجلس في هذا السياق إلى المستوى المرتفع لدين الضريبة على القيمة المضافة المستحق لصالح بعض المؤسسات العمومية والذي بلغ 32,2 مليار درهم سنة 2017، بعدما لم يكن يتجاوز مستوى 15,8 مليار درهم سنة 2012، ناهيك عن الدين المستحق لصالح القطاع الخاص برسم نفس الضريبة والذي باشرت الدولة تصفيته ابتداء من شهر يناير 2018 على مدى 5 سنوات بمبلغ إجمالي حدد في 10 مليار درهم.
ومن خلال تحليل تنفيذ الميزانية لسنة 2016 بناء على المعطيات الأولية التي نشرتها وزارة المالية، أضاف التقرير أن نفقات الموظفين المدرجة في فصول ميزانية التسيير لا تتضمن مساهمات الدولة كمشغل في أنظمة التقاعد والإحتياط الإجتماعي، مما يصعب معه تحديد كلفتها الإجمالية الحقيقية، حيث يتم إدراج النفقات المتعلقة بالموظفين في ميزانيات الوزارات، وعلى مستوى الفصل المتعلق بالتكاليف المشتركة، وكذا في بعض الحسابات الخصوصية للخزينة، كما أن تحديد الكتلة الإجمالية لأجور الموظفين يقتضي احتساب نفقات مستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والتي تتلقى إعانات من الدولة.
وأشار إلى أن مجموع نفقات الموظفين، بالإقتصار على النفقات المسجلة في فصول الميزانية العامة للدولة، يبلغ حوالي 104,3 مليار درهم، وهو ما يعادل 56 في المائة من نفقات التسيير، و 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وبمعالجة بيانات النفقات المتعلقة بالموظفين، بإدراج مساهمات الدولة في أنظمة التقاعد والإحتياط الإجتماعي، وكذا إعانات التسيير الممنوحة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري الموجهة لتغطية تكاليف العاملين والأجراء، فإن عبء هذه النفقات سيبلغ مستويات أعلى، إذ ستصل نسبته إلى 64,3 في المائة من نفقات التسيير، و 12,7 من الناتج الداخلي الخام.
وبخصوص نفقات الإستثمار، أوضح المجلس الأعلى للحسابات أنه يتم رصد مجهود استثمار الدولة على مستوى قانون المالية، أساسا، في الميزانية العامة والحسابات الخصوصية، وبنسبة أقل، في ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، مشيرا إلى أنه يتم إدراج نفقات الإستثمار على مستوى الميزانية العامة في ميزانية كل قطاع وزاري لتمكينه من إنجاز سياسته القطاعية، إضافة إلى فصل النفقات المشتركة. وأضاف أن توزيع نفقات الإستثمار بين مختلف مكونات الميزانية يؤدي إلى تشتت المجهود الإستثماري، علما أن العديد من العمليات ذات طبيعة مماثلة أو متقاربة تدرج في فصول الإستثمار لميزانيات الوزارات، وبالموازاة مع ذلك في فصل النفقات المشتركة، وكذا في بعض الحسابات الخصوصية للخزينة، مشيرا إلى أن ميزانية الإستثمار تتسم بأهمية الإعتمادات المرحلة من سنة مالية إلى أخرى، وبنسبة إنجاز ضعيفة وجب العمل على تحسينها.
وذكر التقرير أيضا أن الحسابات الخصوصية للخزينة تشكل جزءا هاما من ميزانية الدولة، حيث تساعد على تنفيذ توجهات الحكومة، وتشكل ما يفوق 20 في المائة من مجموع الميزانية. وخلص التقرير إلى أن بعض الحسابات الخصوصية للخزينة تسجل، بشكل هيكلي، أرصدة دائنة هامة، مما يطرح التساؤل حول مدى ملاءمة مداخيلها لحاجياتها الحقيقية، علما أن رصيد هذه الحسابات قد بلغ، خلال سنة 2017، حوالي 4,3 مليار درهم، في حين سجل رصيدها المتراكم القابل للترحيل من السنوات الفارطة ما يناهز 122,7 مليار درهم.